الطفولة اليمنية في مرمى الكوليرا والمقاتلات السعوديّة!
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
الوقت التحليلي- تبدّلت أحلام الطفولة في اليمن، فبعد أن كانت أحلامهم كأحلام أبناءنا في المنطقة والعالم، غدت أحلام الطفولة اليمنية غريبة بعض الشيئ، كون الطفل هناك يقبع بين ظلمات ثلاث. ظُلمة الجوع وظلمة الكوليرا وظلمة المقاتلات السعودية.
أحدهم يحلم بالبقاء على قيد الحياة بعد أن خسر أصدقاءه، وآخر يحلم بالموت للحاق بوالديه الذين خسرهم جراء غارات التحالف، في حين أن ثالث يحمل صورة أمه ودمعة العين تحكي أحلاماً تتكسّر لها القلوب، يمسك الصورة بشدّة تراه يريد الدخول إليها فاتحاً ذراعيه لحض أمّه، يعجز، ليخاطب أمّه بالقول متى تخرجين كما وعدني أبي.
لا تتوقف معاناة الطفولة اليمنية التي تعيش في مرمى الصواريخ السعوديّة عند هذا الحد، بل تسري على كافّة أمور الحياة من سوء التغذية مروراً بالطبابة وتفشي مرض الكوليرا حيث أنّ الجوع والكوليرا يقتلان 80% من أطفال اليمن، وليس انتهاءً بالتعليم ومقاعد الدراسة التي باتت حلماً يعشيه الأطفال كأحد ألعابهم وذلك بعد استهداف 775 مدرسة ومعهد، فضلاً عن خروج عدد كبير من المدارس من الخدمة بسبب وقوعها في مناطق الاشتباك أو مناطق محاذيّة. فقد اعلنت اليونيسف أنه مع اقتراب العام الدراسي الجديد فإن 4.5 مليون طفل في اليمن قد لا يتمكنون من العودة لمدارسهم، مشيرةً إلى أن سبب عدم تمكين الطلاب من العودة لمدارسهم هو بسبب عدم صرف رواتب المعلمين منذ قرابة عام كامل. وأضافت المنظمة لابد من صرف رواتب المعلمين والمعلمات وباقي موظفي القطاع العام فورا “، وذلك بعد توقّفها عملية صرف مرتبات الموظفين الحكوميين في اليمن منذ أغسطس 2016، إثر قرار أصدره الرئيس المستقيل والمنتهية ولايته عبدربه منصور هادي بنقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن.
إن أعباء الحرب الدموّية وسط أكبر أزمة إنسانية في العالم، جعلت اكثر من مليونين من أصل 12.5 مليون طفل في اليمن يعانون من المجاعة الشديدة، وفق اليونيسف، في ظل حاجة 80 % منهم إلى المساعدة الماسّة وذلك على خلفية أسوأ انتشار لوباء الكوليرا. كل هذا في ظل ظروف قاسية تعيشها المستشفيات اليمنية التي تكاد تنهار لكثرة المرضى والمصابين وندرة الإمكانيات المادية والبشرية، وفق تقرير نشرته صحيفة ديلي تلغراف البريطانيّة.
قصص لا تنتهي
يقول المثل “إن معاشرة الكبار كبر ومعاشرة الصغار صغر”، إلا أنّه لا يسري على الطفولة اليمنية في شقّه الثاني، فالوضع الذي يعيشه هؤلاء الأطفال، الذين يحتاج 80% منهم إلى المساعدة بصورة ماسة وفق التقرير الأخير الذي صدر عن صندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونيسيف)، مختلف تماماً. تراهم فرقاً عدّة. بعضهم يلعب لعبة الطبيب والمريض، يأتي الطفل المريض إلى صديقة الطبيب ويخبره بمرضه، فيجيبه الطبيب (الطفل) إنّه وباء الكوليرا، ليعود المريض (الطفل) ويسأله عن سبب المرض فيرد الطبيب “من السعوديّة وسوء التغذية”. يعطيه قارورةً فارغة ترمز إلى الدواء، فيدفع المريض بعض الأوراق التي جمعها من جانب الطريق كأجرة للطبيب.
فريق آخر، ينقسم إلى قسمين، يلعب لعبة الحرب أو العدوان، لكنّهم يختلفون كلّ مرّة عند بدايتها من سيكون الجيش اليمني ومن سيكون الجيش السعودي. تبدأ اللعبة بالتراضي أحياناً، وأحياناً قد لا تبدأ إذا أصر الطرفان على أن يكونا الجيش اليمني، إلا أنّها تنتهي دائماً بعبارة “سلّم نفسك يا سعودي”.
وأما فريق ثالث، ففيه من البراءة طفولتها، يلعب لعبة الأستاذ والتلميذ ليشرح الأستاذ الطفل الدرس لأصدقاءه، في حين أن البقيّة يجلسون أمام أستاذهم الصغير ويجيبونه على أسئلته التي يتلعثم بها، محاولاً إخفاء عجزه بعبارات تأنيب، يبدو أنّه سمعها من استاذه عندما كان على مقاعد الدراسة الحقيقية.
معاناة الطفولة واحدة، وإن اختلفت انتماءات الأباء والأمهات، فحتى أولئك الأطفال الذين ينتمي أباءهم إلى أطراف مؤيد للعدوان تراهم يسألون آباءهم عن الطعام والشراب الذين وعِدوا (بكسر العين) به من الطائرات السعوديّة التي تمرّ مرور “اللئام”، محدثة أصوات تهزّ مشاعر أطفال. يلجؤن إلى أحضان أمهاتهم، ليسألونهم عن الطعام مرّة أخرى: فتجيب إحدى هذه الأمهات ببسمة تخفي خلفهاً كثيراً من القلق: “في المرّة القادمة”. يترك حضن أمّه بعد اختفاء صوت الطائرات ليعود ويلهوا مع أصدقاء اعتادوا على هذه الأصوات، تماما كما اعتاد هذا الطفل على عبارة أمّه “في المرّة القادمة”.
إن معاناة أطفال اليمن اليوم تعدّ الجريمة الإنسانيّة الكبرى حيث يتحمّلون كأبائهم وأجدادهم أعباء وويلات العدوان السعودي على بلادهم حتّى أن مشاهد قتل واستهداف الأطفال هذه لم نشاهدها سوى في فلسطين من قبل الكيان الإسرائيلي، ولا نبالغ إن قلنا أن القتل السعودي أشد فتكاً وكفراً ونفاقاً.
هذه المعانات التي تعتبر محط مراقبة الكثير من الحقوقيين حول العالم، ستبقى وصمة عار في جبين الإنسانية، وخيانة عظمى لكافّة القوانين الأممية التي تحمي حقوق الأطفال في الحرب والسلم، وبين العار والخيانة ، إرادة الدولية تخضع لإملاءات السلطات السعودية، ومن خلفها الأمريكية في العدوان القائم على اليمين