إلى من يثق بالعم سام… إليكم نماذج التحالفات الأمريكية!
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
الوقت التحليلي- عالم تحكمه قوى وتحالفات مبنية على مصالح مشتركة، عالم بات يفتقد الوفاء والصدق وينتهج الغدر سبيلا في تحقيق مصالحه. هذا هو الواقع الذي نعيشه هذه الأيام والذي بات أمرا طبيعيا مستساغا والسبب أن من ينفذ هذه السياسات وبهذا الأسلوب هي القوى الكبرى الحاكمة وعلى رأسها أمريكا. طبعا في مقابل هذا الأسلوب هناك من لا يزال يحترم الصداقات والتحالفات ولا يبني خطواته على مصالح تكتيكية محضة بل إن مبادئه لا زال لها التأثير المهم في سياساته واستراتجياته.
نعم لم يكن مستغربا الموقف الذي أطلقه مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة بخصوص الادعاءات الإسرائيلية عن الخطر الذي يشكله تواجد إيران في سوريا. فقد أكد “فاسيلي نيبينزيا” في تصريح لافت له أن الوجود الإيراني في سوريا هو وجود بنّاء وليس العكس. هذا التصريح الروسي يأتي ردا على الكلام الذي يحاول مسؤولين في الكيان الإسرائيلي التسويق له وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذي اعتبر خلال زيارته سوتشي الروسية مؤخرا أن وجود إيران في سوريا يشكل تهديدا للعالم أجمع.
هذا الكلام الإسرائيلي والرد الروسي يسلط الضوء على حقيقتين، الأولى العلاقة الروسية الإيرانية، التي باتت تتخطى علاقة حليفين مرحليين إلى علاقة استراتيجية متجذرة وخاصة فيما يخص الملف السوري. حيث أن روسيا ومنذ بداية الأزمة السورية دعمت التوجه الإيراني وصولا إلى مرحلة دخولها المباشر على خط المعارك. وإلى اليوم لا زالت روسيا مصرّة على الوجود الإيراني وترفض التشكيك بأهدافه في تأكيد لا لبس فيه على متانة العلاقة. الحقيقة الثانية وهي لا تقلّ أهمية عن الأولى وهو أسلوب الوفاء للأصدقاء والحلفاء روسياً، والذي يقابله في المقلب الآخر من العالم أسلوب غدر وتجارة يتمثل بالطريقة الأمريكية في بناء التحالفات وهذا ما سنتطرأ لتفنيده في معرض مقالنا هذا.
نبقى في الملف السوري، حيث نود أن نستعرض الطريقة الأمريكية في إدارة العلاقة مع حلفائها، فعلى رغم العلاقة الطويلة والتحالف الاستراتيجي الذي يربطها بتركيا وحلف الناتو وما له من خصوصيات إلا أن الأمريكيين فضلوا مؤخرا التعاون مع الأكراد وبناء تحالف عسكري معهم بات يقلق التركي، ومن الواضح أن العلاقة المتوترة بين أمريكا وتركيا تتجه نحو المزيد من التأزيم والسبب عدم قبول الأمريكيين بأي صيغة تطمئن الأتراك كردياً.
هذا الأمر تظهر إفرازاته الميدانية يوما بعد آخر، حيث يحاول الأمريكي إرضاء التركي بكلام فارغ وفي المقابل يقوم بتعزيز تسليح الأكراد بشكل لافت، حيث تتحدث المصادر عن قيام الأمريكيين بتزويد الأكراد في الشمال السوري بأكثر من 1000 شاحنة محملة بمختلف أنواع الأسلحة. مما يؤكد التوجه الأمريكي لتشكيل حلف استراتيجي مع الأكراد على حساب حلفهم السابق مع الأتراك.
طبعا على الأكراد الالتفات إلى العقيدة الأمريكية المبنية على قاعدة “لا صديق دائم ولا عدو دائم بل مصالح دائمة”، فالأمريكيين لا يمكن الثقة بهم مطلقا وعلى الأكراد إعادة حساباتهم فجيرانهم هم العمق الاستراتيجي لهم وليس الأمريكيين.
في الملف الكردي السوري، يبدو أن الروس أقرب للأتراك. وقد أكد هذا الأمر وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو الذي اعتبر روسيا أكثر تفهما من الأمريكيين للموقف التركي من الأكراد.
بشكل عام فإن الروسي وفي كافة الملفات التي تهمه يسعى لتفهم ورعاية مصالح حلفائه وأصدقائه على عكس الأمريكيين الذين يبيعون أتباعهم عند أول تقلب لمصالحهم.
الطريقة الأمريكية نفسها نشهدها اليوم في التعامل مع ملف الاتفاق النووي الذي وقعته الدول الكبرى مع إيران. حيث لم تلتزم أمريكا ببنود الاتفاق وتسعى اليوم لإفشاله والضغط على الدول الأخرى من أجل إسقاط مفاعيله. إنه الأسلوب نفسه من عدم الوفاء بالعهد ونكث الاتفاقات.
في المقلب الآخر من الكرة الأرضية، في دولة تجمعها بأمريكا اتفاقية دفاع مشتركة هي الفلبين، وبسبب عدم تنفيذ الأمريكيين وعودهم بتسليح الجيش الفلبيني ونفاقهم في دعم ذلك البلد الفقير يتجه اليوم هذا البلد بقيادة رئيسه المعادي لأمريكا لتعزيز العلاقة بالصين وروسيا، والسبب أنه يعلم أن هذه الدول ستكون داعمة له في مسيرة الإنماء الاقتصادي والدعم العسكري في وجه الجماعات الإرهابية التي تفتك في بعض مدنه أكثر من الأمريكيين الذين اكتفوا بالتفرج على تنظيم داعش الإرهابي يفتك بمدينة مراوي خلال الأشهر الماضية.
يطول حديث نكث العهود من قبل أمريكا، ففلسطين والدول العربية دون استثناء جربت هذا الأمر، أفغانستان غزتها أمريكا لتزيد في دمارها، كوبا ذاقت مرارة المصالح الأمريكية، ودول كثيرة لم تعهد أمريكا حليفة صادقة بل تاجرة فاجرة لا تقيم للمبادئ وزنا ولا تهتم سوى بمصالحها الآنية فليلتفت كل من يثق بأمريكا وليعد حساباته لأن الثقة بناكث العهود أكبر خطيئة يمكن ارتكابها في هذا العصر.