العراق والسعودية؛ ماضٍ أسود ومستقبل مجهول.!

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

سرعان ما بدت الرياض حسنة المظهر ناعمة الوجه ليّنة الموقف ازاء بغداد، فما الذي تغير؟!

 

بالرغم من أنها صمدت في معاداتها للوجوه العراقية الجديدة ما بعد الفين وثلاثة، وصولا الى ما قبل اشهر، سياسيا واقتصاديا ودينيا كما يقول الشارع العراقي؛ لكن العلاقة ما بينهما بدأت تشهد انعطافة ملموسة.

 

لم تنسى النخبة العراقية ولم ينسى البسطاء من ابناء الشعب؛ اللافتات السود حيث حملت اسماء ابناءهم الذين راحوا ضحية الارهاب الممول (حسب تقارير اجهزة الاستخبارات العراقية) خليجيا على رأسه السعودية.!

 

كما لم ينسى أحدا في العراق حتى الان فتاوى مشايخ الوهابية التي أباحت دمائهم، واستحلت نسائهم وبات قتلهم مدخلا للجنان، فهم “روافض” ليس إلا في قاموس هؤلاء، تُجار الدين.!

 

المفصلي والمفاجئ في سياق علاقة الرياض ببغداد منذ اعتلاء الملك سلمان بن عبد العزيز عرش بلاده، هو تلك الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في فبراير الماضي للعراق؛ مع اقتراب استعادة الموصل من تنظيم “داعش”.

 

التوقيت يحمل دلالات هامة اذا ما استشهدنا بمعلومات عن مصادر مطلعة تفيد بالتالي:

 

ثلاثة شروط وضعتها الولايات المتحدة الامريكية على بغداد، مقابل طي ملف “داعش” في العراق الى الأبد.

 

١-  وضع حد للتواجد الايراني في العراق.

 

٢-  حلُّ الحشد الشعبي.

 

٣-  عودة بغداد الى محيطها العربي.

 

من الطبيعي جدا ان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي كان ومايزال متيقنٌ من عدم قدرته على تنفيذ البندين الاولين، ان لم يكونا خارج ارادته أصلا، لذا عمل على تنفيذ الشرط الثالث شريطة تحرير الموصل أولا على أقل تقدير قبل استضافة الجبير.

 

التجاوب العراقي مع الانفتاح السعودي يرسم ملامح حيرة على وجوه العراقيين عامة والحشد الشعبي خاصة.!

 

مع هذا، الواضح والاكيد أن حيدر العبادي يسعى لنيل القدر الاقصى من ثمار هذه العلاقة المولودة في عهده.

 

داخليا لاشك في أن العبادي يبحث عن أوراق تعزز رصيده للسباق الانتخابي القادم، وانهاء داعش ورقة رابحة بلا منازع، وكما ذُكر آنفا فيما يخص ماهية العلاقة بين ملف داعش وواشنطن.

 

دوليا يسعى لكسب ثقة واشنطن التي وجدت فيه مواصفات الرجل الانسب اذا ما قارنته بسابقه “نوري المالكي” الذي فضّل طهران عليها.

 

أما اقليميا فعودة المياه الى مجاريها مع الرياض ستُسهم باكتمال أضلاع تحالفاته في الداخل مع العرب السنة المتأثرون برؤية الرياض في تجديد ولايته الثانية.

 

ما الذي يريده بن سلمان من بغداد؟

 

السؤال الاهم الذي يراود كل من يتابع التحرك السعودي المفاجئ.

 

من السذاجة المفرطة ان يعلل البعض بأن التودد السعودي، انما رغبة لاعادة بغداد الى الحضن العربي بدافع قومي ليس إلا.! فاذا كان الإحساس السعودي بالمسؤولية بهذا العلو، أين كانت اذن طوال ربع قرن مضى، أُهملت بغداد فيها ولم تكن السعودية وكل من يدور في فلكها معينا أو معيلا؟!

 

وأين كانت القومية في سياسات الرياض، عندما باعت دمشق العربية بأبخس الاثمان؟! ودمرت صنعاء وقتلت أهلها، أساس العرب الاقحاح ؟! وكيف قطعت علاقاتها بالدوحة  برمشة عين وبحجة تصريح “قيل انه مفبرك” ؟!

 

لا يبدو ان للعروبة وزنٌ في معادلات المصالح السعودية ولا حيّز يذكر بالمطلق.!

 

مايبدو جليا هو أن السعودية وجدت نفسها قد دخلت في مأزق اقليمي حاد وان الانفتاح على بغداد سيريحها قليلا أمام طهران التي اقتربت من حسم جولتها السورية بالتمام والكمال.

 

كما انها تسعى للحفاظ على آخر قطرات ماء الوجه قبل جفافه في اليمن. انه السيناريو. ان تكون بغداد منفذا مناسبا للوصول الى طهران حليفة أنصار الله وحليفة باقي خصومها الاقليميين.

 

ووفق عقلية مؤسسة الحكم في عهد الملك سلمان وبرغماتية أدواتها، فإن التعامل مع العراق يتم بصفته أمراً طارءاً قبل اكتمال رسم خارطة سعودية اقليمية جديدة.!

 

من زاوية أخرى، تبدو زيارات المسؤولين العراقيين حتى الان استجابة لانفتاح الرياض، دون ان تجيب الاخيرة عن هواجسهم المعلقة في ماضٍ خالٍ من التفائل في أفضل حالاته!

 

طهران من جانبها، تنظر للعلاقة السعودية العراقية من بعيد وبدقة، لكن دون قلق من طبيعة وكواليس مايدور، فهي تعلم أن العلاقات السعودية العراقية وحواراتهما تجري داخل جدران مكشوفة أشبه ببيت من زجاج، وبالتالي فإن كلّ ما يدور “فيه” يصلها بشكل أو بآخر دون عناء !

قد يعجبك ايضا