مشروع انفصال كردستان.. دعم اميركي اسرائيلي ورضى ضمني سعودي
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || ذوالفقار ضاهر ” موقع المنار”
أصرّت سُلطات اقليم كردستان برئاسة مسعود البرزاني السير حتى النهاية وإجراء الاستفتاء حول الانفصال عن العراق، على الرغم من كل التحذيرات الداخلية والاقليمية والانتقادات الدولية لهذه الخطوة التي قد تجر تبعات مكلفة على الاقليم اولا، ومن ثم قد تدخل المنطقة في مرحلة جديدة من التوتر.
وكما كان متوقعا سُجّلت نسبة عالية بالمشاركة في الاستفتاء وحصدت الـ”نعم” الغالبية العظمى من الاصوات “92%”، وبذلك بات بامكان البرزاني الخروج للتحدث بصوت قوي مطالبا التفاوض مع الحكومة المركزية في العراق للحصول على مكاسب مقابل ايجاد مخارج، وقال “شعبنا قرر أن يقول كلمته بعد أن تم خرق الدستور وردود فعل حكومة بغداد هي أجبرتنا على خطوتنا”، اي أنه يحاول تحميل المسؤولية من جديد فيما جرى الى حكومة بغداد العراق، ودعاها “للهدوء”، ومطالبا “العالم إلى احترام إرادة الملايين الذين أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء”.
خطوة الانفصال.. والتساؤلات المشبوهة!!
وهنا تُطرح الكثير من التساؤلات حول مدى قانونيّة الخطوة التي قامت بها سلطات كردستان من وجهة نظر القانون الدولي، هل يجيز القانون الدولي لاقليم في دولة ذات سيادة الانفصال بارادته المنفردة؟ هل يمكن لاي جزء من اي دولة ان تقرر المجموعة الشعبية التي تعيش فيه انها تريد الانفصال؟ وماذا عن الدستور الوطني للدولة الام وعن القوانين والعلاقات القائمة في الدولة الام؟ هل يحق لاقليم من الاقاليم نسف كل هذه الامور والقول إنه يريد الانفصال؟
وأيضا تُطرح الكثير من التساؤلات عن جدوى إجراء الاستفتاء في هذا التوقيت بالتحديد خاصة إن العراق ما زال يخوض معركته ضد الارهاب وإن شارفت على الانتهاء، ومن المستفيد الحقيقي من خطوة الانفصال؟ هل الهدف اعادة إدخال العراق في دوامة جديدة من الحروب واللاستقرار؟ وهل خطوة الانفصال تمت بناء على توجيهات خارجية وبالتحديد اميركيا واسرائيليا ام ان واشنطن وكيان الاحتلال ركبا موجة الاستفتاء فقط للاصطياد بـ”الماء العكر” وبث الفتن بين المكونات العراقية من جهة ومن جهة ثانية إحداث البلبلة في المنطقة ككل؟
والى اين ستذهب الامور فيما لو قررت سلطات كردستان التعنت بالذهاب بعيدا في مسألة الانفصال؟ وهل يمكن بهذه البساطة اعلان قيام دولة جديدة في منطقة مشتعلة اصلا؟ هل ستبقى الامور على حالها من التهديد السياسي والاعلامي ام اننا سنشهد تحركات على الارض؟ خاصة ان كل المؤشرات تؤكد ان لا تهاون مع خطوة كردستان باستفتاء الانفصال، هل يمكن لرئيس اقليم كردستان مسعود برزاني الذهاب وحيدا لاعلان هذه الدولة بدون الرضى الاقليمي واعتراف المحيط والعالم بمثل هذه الدولة؟ وهل يكفي برزاني الاعتراف الاميركي والاسرائيلي وصمت بعض الانظمة العربية للقول انه بات لديه دولة؟
الأكيد انه طبقاً لاحكام القانون الدولي لا يجوز لأي جزء من دولة من الدول المستقلة صاحبة السيادة ان يقرر بارادته المنفردة الذهاب لاعلان الانفصال واقامة دولة جديدة مستقلة عن الدولة الام، لان هذا الجزء هو جزء من كل يشكل الدولة الأم وشعب هذا الاقليم هو ايضا جزء من شعب الدولة كلها وهو يفترض انه سبق ان وافق على دستور الدولة الوطنية الام طبقا للآليات القانونية المعمول بها، وبالتالي هذا الاقليم لا يمكن ان يسحب موافقته على الدستور ويقرر منفردا تجزئة الدولة انما ذلك يتم عبر استفتاء كل الشعب لتقرير التجزئة او السماح بالانفصال او الابقاء على وحدة الارضي الدولة الوطنية، وهذا ما ينطبق على العراق حيث يجب أخذ رأي كل الشعب العراقي لمعرفة اذا ما كان يرغب بتجزئة بلاده ام انه يريد الحفاظ على وحدة أراضيه.
جدية المواقف الرافضة.. والمشروع الاميركي
من الجدير ذكره ان مواقف دول الإقليم لا سيما المحيطة بالعراق اتسمت بالجدية والرفض التام لاجراء الاستفتاء بل في بعض الاحيان ذهبت للتحذير وايضا للتهديد من اجراء الاستفتاء، ومن هذه المواقف الموقف التركي الصارم الذي بلغ ذروته بكلام للرئيس رجب طيب اردوغان الذي اعتبر ان “استفتاء الانفصال هو عمل من أعمال الخيانة”، واكد أن “كل الخيارات متاحة من الإجراءات الاقتصادية إلى الخطوات العسكرية البرية والجوية”، محذرا من أن “أكراد العراق سيتضورون جوعا عندما تمنع تركيا شاحناتها من عبور الحدود”.
من جهتها، أعلنت ايران إغلاق المجال الجوي مع إقليم كردستان العراق بطلب من حكومة بغداد، وندد مجلس الشورى الاسلامي الايراني بالاستفتاء الاخير في كردستان العراق، وأكد “الاستفتاء سيلحق الضرر بالنهج الديمقراطي في هذا البلد والمنطقة برمتها انطلاقا من مواقف الحكومة والبرلمان العراقي التي وصفت بوضوح استفتاء اقليم كردستان باللاقانوني وكذلك موقف الامم المتحدة”.
وبالسياق قالت مصادر متابعة إن “الجميع كان يسأل عن المشروع الاميركي الجديد للمنطقة بعد انتهاء داعش”، ولفتت الى ان “استفتاء انفصال اقليم كردستان هو المشروع البديل الذي يحضر للمنطقة”، وتابعت “اللافت هذا التمسك من قبل قيادة اقليم كردستان وعلى رأسها مسعود بارازاني لاجراء الاستفتاء وعدم التراجع او القبول بالتفاوض والحوار وانما الاصرار على السير حتى النهاية”، وتابعت ان “الهدف من ذلك احراج الحكومة المركزية في بغداد وحشرها في الزاوية على قاعدة اما الرضوخ لمطالبنا او التأزيم وادخال البلاد وكل الدول المجاورة في مرحلة جديدة من التوتر”، واعتبرت ان “مرور استفتاء الانفصال سيفتح شهية باقي الاقاليم او المناطق او سيدفع الاميركي والاسرائيلي للايحاء لبعض الأدوات للمطالبة بالانفصال في مناطق تواجد الاكراد”.
ومن هنا يأتي الموقف السعودي ومن خلفه بعض الانظمة الخليجية التي تسير في ركب الرياض، حيث لم نسمع أي موقف سعودي رافض صراحة للاستفتاء، كما ان هناك بعض الجهات التي تشير الى “دعم سعودي تحت الطاولة لقيام دولة مستقلة في اقليم كردستان”، والاكيد ان السعودية لن تعارض قيام دولة قد تشكل استفزازا لاربع دول لا تربطها اليوم بها علاقات وطيدة وبالتالي لن تعترض على تضررها بأي شكل من الأشكال، وهذه الدول هي: العراق، سوريا، ايران وتركيا، حيث ينتشر الاكراد في مساحات جغرافية قريبة من الحدود بين هذه الدول واذا ما استمر المشروع يمكن ان نسمع بالمستقبل انهم يريدون تحقيق حلم اقامة دولة واحدة تقتطع اجزاء من هذه الدول الاربع، وهذا ما يفسر الحماس العلني لاميركا والعدو الاسرائيلي والموافقة الضمنية للسعودية وبعض انظمة الخليج.
وانطلاقا من ذلك يمكن فهم ردود الفعل الحادة والجادة من قبل الحكومة المركزية العرقية وايران وتركيا، حيث طلب العراق من سلطات كردستان اعادة المطارات للسيادة العراقية، وطلبت من شركات الطيران العالمية وقف الرحلات الى كردستان.