بعد خطاب عاشوراء.. هل يصحو قادة العدو من أوهامهم؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
جهاد حيدر/ العهد الاخباري
ليس أمراً عابراً أن يوجه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، تحذيراً الى الكيان الاسرائيلي من عواقب أي حرب يشنّها على لبنان والمقاومة، متوجهاً الى الصهاينة في فلسطين المحتلة متوعداً بأن أي حرب ستقودهم الى الهلاك والدمار، ومؤكداً على أن “نتنياهو وحكومته وقيادته العسكرية لا يملكون تقديراً دقيقاً ولا صورة صحيحة، الحرب المقبلة إذا اشعلوها الى أين سوف تصل وأية مساحات سوف تشمل ومن سوف يدخل في هذه الحرب”.
وبلغ التحذير الذي اختار له سماحة السيد مناسبة عاشوراء، مستويات غير مسبوقة عبر التوجه الى اليهود غير الصهاينة كي يعزلوا أنفسهم عن حساب الصهاينة “كي لا يكونوا وقودًا في أي حرب تأخذهم إليها حكومة نتنياهو الحمقاء… لأنه لن يكون لديهم وقت حتى لمغادرة فلسطين ولن يكون هناك مكان آمن في فلسطين المحتلة”.
لا يخفى أن حضور هذه الرسالة لدى قادة العدو، ومفاعيلها الردعية، تنبع بالضرورة من حقيقة أن من أطلقها هو سماحة السيد نفسه. وهو أمر بات من المسلمات في الوعي العام، ويؤكده كل متابع موضوعي للشأن الاسرائيلي. مع ذلك، لم يتبلور هذا المفهوم إلا بعد مسار طويل من المصداقية التي زرعها حزب الله وامينه العام في وعي صناع القرار في تل ابيب والجمهور الاسرائيلي. وينطلق هذا الحضور القوي لهذه الرسائل وما سبقها من مواقف مشابهة، من حقيقة متسالم عليها لدى كافة الأطراف ذات الصلة أن أي تهديد يوجهه سماحته، يستند بالضرورة الى عنصرين أكيدين، الأول امتلاك القدرة على تنفيذه، والثاني امتلاك الارادة لتفعيل هذه القدرات.
لا شك أن اختيار مناسبة العاشر من محرم، لإطلاق هذا المستوى من التحذير ينطوي بذاته على رسائل ومؤشرات تنبع من المناسبة التي شكلت منصة وعنوانا حضرت تجلياتها في كل مفردة من مفرداته. ما يؤكد حقيقة التفاعل المتبادل بين الموقف المعلن والمناسبة. ويمكن الافتراض أن هناك قدراً من الادراك والمعرفة لدى بعض الخبراء وصناع القرار الاسرائيلي للمعاني التي ينطوي عليه هذا البعد.
مع أن رسالة سماحة الامين العام لحزب الله، اتسمت ببعد ردعي ودفاعي محض. لكنها بالمقارنة مع سوابق مماثلة، بلغت مستوى من التحذير لم تبلغه اكثر الرسائل السابقة. ويعود ذلك الى كونها تضمنت تهديدا صريحا بأن الجمهور الاسرائيلي لن يجد له وقتا لمغادرة الكيان الاسرائيلي. وهو ما كشف عن سقفين تجسدا في الرسالة التي وجهها السيد، الأول مستوى التهديد الذي يقدره السيد نصر الله، الامر الذي تطلب هذا المستوى من الردع، والثاني المدى الذي يمكن أن يبلغه حزب الله في رده ودفاعه، والذي تجاوز هذه المرة الحديث عن استهدافات موضعية استراتيجية.. بل تحدث سماحة السيد بلغة الواثق عن مفاعيل أي مواجهة واسعة أو حرب تشنها “اسرائيل” ضد لبنان، لجهة ما يمكن أن يترتب عليها من نتائج وتداعيات تتصل بمجمل واقع الكيان ومصيره.
مع أن اللغة التي استخدمها السيد كانت حاسمة، لكن المؤكد أنها كانت ردعية، وإذا ما استوجب الأداء الاسرائيلي… فقد ترتقي رسالة ـ الموقف الى رد عملاني دفاعي بما يتناسب. وإذا ما استوجب المسار العملاني الاسرائيلي ـ ويقدر أن لا يكون هناك حاجة الى ذلك في المدى المنظور ـ سيجد حزب الله نفسه ملزما من موقع الدفاع للانتقال الى خيارات عملانية قد لا تخطر على بال صانع القرار الاسرائيلي، كما أوحت بذلك المواقف التي اطلقها سماحته. في السياق نفسه، من الواضح أن ضمن مفاجآت حزب الله ما يتصل بساحات المواجهة، وهو أمر مفتوح على الكثير من السيناريوهات…
في كل الأحوال، من الواضح ايضا أن ما يخطط له الإسرائيلي مبني على تقديرات خاطئة، كما أكد السيد نصر الله، ويتوقع أن يكون للمواقف التي أطلقها حضورها لدى صناع القرار، انطلاقا من مسلمتين، الأولى أن نصر الله لا يهدد بقدرات غير موجودة ـ وليس للأمر علاقة بالمصداقية التي يتمتع بها فقط، بل ايضا لأسباب استراتيجية. ولا حاجة للتأكيد على امتلاك قيادة حزب الله ارادة تفعيل هذه القدرات. لكن في المقابل، يبقى على “اسرائيل” مهمة واحدة أن تستخلص العبر الصحيحة مما كشفه سماحة السيد، ولا تورط نفسها والمنطقة، عبر المبادرة الى ما يدفع حزب الله لتنفيذ ما تعهد به.