الهجوم أفضل خيار لكوريا الشمالية لمواجهة التهديدات الأمريكية
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
الوقت التحليلي- أعلنت كوريا الشمالية مؤخراً رفضها القاطع لإجراء أي مفاوضات بشأن برنامجها النووي مع أمريكا طالما أصرت الأخيرة على انتهاج سياسة عدوانية تجاه هذا البلد.
كما أكدت بيونغ يانغ بأنها لن تعود للمفاوضات السداسية التي تضم بالإضافة إليها ولأمريكا كلاً من روسيا والصين وكوريا الجنوبية واليابان.
وتعتقد كوريا الشمالية أن امتلاكها للسلاح النووي والرد على النار بالنار هو أفضل وسيلة دفاعية لمواجهة تهديدات واشنطن وحفظ التوازن العسكري بين البلدين.
والسؤال المطروح: لماذا ترفض بيونغ يانغ التفاوض مع أمريكا لتسوية الأزمة النووية بين الجانبين؟
للإجابة عن هذا التساؤل ينبغي التأكيد على ما يلي:
– التوتر بين البلدين لا يقتصر على الموضوع النووي، بل يشمل أيضاً مسائل أخرى من بينها الضغوط التي تمارسها واشنطن لاسيّما الاقتصادية لإخضاع بيونغ يانغ أو عزلها عن المجتمع الدولي.
ويعود هذا التوتر في الحقيقة إلى الخلافات الأيديولوجية التي تحكم العلاقة بين الطرفين. فمن جانب ترفض بيونغ يانغ محاولات واشنطن لفرض هيمنتها على العالم، فيما تسعى الأخيرة للسيطرة على شبه الجزيرة الكورية خصوصاً القسم المحاذي لكوريا الشمالية على غرار جارتها الجنوبية.
– قامت واشنطن بنشر منظومات صاروخية وأسلحة نووية في أراضي كوريا الجنوبية في عام 1956 الأمر الذي اعتبرته كوريا الشمالية بأنه يمثل تهديداً مباشراً لأمنها القومي. وقد ساهم هذا الأمر أيضاً بتأزيم الأوضاع بين الكوريتين.
– طلبت بيونغ يانغ في عام 1963 من الاتحاد السوفيتي السابق دعمها لمواجهة تهديدات أمريكا وذلك من خلال تزويدها بالمستشارين والتقنية اللازمة لصناعة الأسلحة النووية، الأمر الذي الذي أثار حفيظة واشنطن وساهم بتأزيم الموقف بين الجانبين.
– نشرت أمريكا قوات عسكرية في شبه الجزيرة الكورية وتحديداً قرب الخط الفاصل بين الكوريتين، الأمر الذي اعتبرته بيونغ يانغ أيضاً بمثابة تهديد مباشر لأمنها القومي، ووصفت التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة بأنه نوع خطير من الاحتلال.
– نقضت أمريكا تعهداتها بعدم مهاجمة كوريا الشمالية طالما التزمت الأخيرة بوقف تجاربها النووية. وجرت مفاوضات متعددة لهذا الغرض بينها في عام 2003 بمشاركة روسيا والصين وكوريا الجنوبية واليابان. وتوقفت المحادثات عام 2008 بسبب انسحاب بيونغ يانغ منها احتجاجاً على فرض عقوبات دولية عليها.
– تعتقد كوريا الشمالية بأنه لايمكن الوثوق مطلقاً بتعهدات واشنطن خصوصاً بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترامب” رفضه الالتزام بالاتفاق النووي المبرم مع إيران في إطار مجموعة (5+1) على الرغم من تأييد مجلس الأمن الدولي لهذا الاتفاق وتأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التزام طهران بتعهداتها التي وردت في الاتفاق طبقاً لمعاهدة حظر الانتشار النووي (أن بي تي).
– تعتقد بيونغ يانغ بأن أمريكا لا تهمها إلّا مصالحها ولن تنفع معها أي محادثات أو اتفاقيات، والدليل على ذلك ما قامت به مع حلفائها عندما أسقطت نظام صدام في العراق عام 2003 ونظام معمر القذافي في ليبيا عام 2011 رغم الوعود التي قطعتها لهذين النظامين خصوصاً خلال حرب نظام صدام ضد الجمهورية الإسلامية في إيران في ثمانينيات القرن الماضي، وبعد تسوية قضية لوكربي مع القذافي عام 2003.
– ازداد التوتر بين بيونغ يانغ وواشنطن بعد أن وصف الرئيس الأمريكي الأسبق “جورج بوش الابن” كوريا الشمالية بمحور الشر، الأمر الذي اعتبرته الأخيرة بمثابة تحريض المجتمع الدولي ضدها وتمهيد الأرضية لزيادة الضغوط عليها لاسيّما الاقتصادية ما دعاها إلى استئناف تجاربها النووية وإخراج مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أراضيها والخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) فی عام 2003.
– فشلت جمیع المفاوضات بین کوریا الشمالیة وأمريكا في إطار المجموعة السداسية بسبب عدم التزام واشنطن بتعهداتها بمساعدة بيونغ يانغ اقتصادياً لاسيّما في مجال الأغذية والطاقة مقابل التزامها بوقف تجاربها الصاروخية الباليستية وانشطتها النووية خصوصاً فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.
– حرّضت أمريكا والدول الغربية الحليفة لها مجلس الأمن الدولي على فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على كوريا الشمالية بذريعة السعي للحدّ من تجاربها النووية والصاروخية، الأمر الذي قابلته بيونغ يانغ بالمزيد من التجارب في هذين المجالين بعد أن اعتبرت العقوبات المفروضة عليها باطلة وغير قانونية.
هذه المعطيات وغيرها جعلت كوريا الشمالية تصر على مواجهة التهديدات الأمريكية لها، مشددة على أن واشنطن لاتفهم سوى منطق القوة لفرض آرائها ووجهات نظرها على الآخرين من أجل تحقيق مصالحها غير المشروعة في شبه الجزيرة الكورية وباقي مناطق العالم.