محاولة اغتيال “أبو نعيم”: خلط أوراق أم تصفية حسابات؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
بعد سبعة أشهر ونيّف على عملية اغتيال الشهيد مازن الفقها، جرت محاولة اغتيال فاشلة طالت المسؤول الأمني في قطاع غزة، اللواء توفيق أبو نعيم، أحد أفراد المجموعة التي ينتمي إليها الأسير المحرّر يحيى السنوار، والأسير المحرر الذي قضى 22 عاما داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
العملية الجديدة والفاشلة تأتي بعد فترة وجيزة على عملية المصالحة، وقد توجّهت أغلب أصابع الاتهام نحو الكيان الإسرائيلي، في حين اتهم البعض تنظيم داعش الإرهابي بعملية التنفيذ، وهناك من تبنّى الخيارين سويّةً، أي أن الكيان الإسرائيلي استخدم عناصر من داعش لتنفيذ العملية.
رسائل العملية
من ناحيتي الدلالات والتوقيت، رسائل عدّة حملتها العملية التي استهدفت أحد عمداء الحركة الأسيرة وأحد قيادات السجون الناشطين، الذي شغل خلال فترة اعتقاله منصب عضو الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس، يمكن الإشارة إليها في جملة من النقاط، أبرزها:
أوّلاً: تعدّ عملية الاغتيال هذه رسالة لحركتي حماس وفتح بغية قصم ظهر المصالحة عبر زرع الشقاق بين الجانبين الفلسطينيين في حال رفض الجانبان الشروط التي وضعها نتنياهو من ضمنها تسليم السلاح والاعتراف بالكيان الإسرائيلي، إلا أن النتائج كانت عكسيّة حيث تهافتت الدعوات لتسريع تطبيق اتفاق المصالحة بهدف “قطع الطريق على كل محاولات العبث والتخريب في الساحة الفلسطينية”، وفق فصائل فلسطينية. البعض وجد في العملية محاولة لتأزيم العلاقات مع مصر كونها تأتي بعد عملية التقارب الأخيرة مع السلطات المصريّة، وبالتالي قطع الطريق على انفتاح حماس على الخارج.
ثانياً: بدت واضحةً المواقف الفلسطينية المسؤولة التي صدرت عن مختلف الفصائل. ففي حين أكّد حركة فتح أن العملية لا تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي، وأنّها “محاولة لإفشال تحقيق المصالحة”، شدّدت حماس على أن محاولة استهداف مدير عام قوى الأمن الداخلي بغزة القيادي في الحركة اللواء توفيق أبو نعيم “عمل جبان لا يرتكبه إلا أعداء الشعب الفلسطيني وأعداء الوطن”. خليل الحية، القيادي البارز في حركة “حماس”، اتهم “الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه بالمسؤولية عن محاولة اغتيال أبو نعيم”، وقال:”هذه المحاولة جاءت في توقيت حساس للغاية بالنسبة لنا، وهدفها نشر البلبلة في قطاع غزة، وإفساد أجواء المصالحة الداخلية الحاصلة”.
ثالثاً: قد يطرح البعض التساؤلات عن أسباب محاولة اغتيال اللواء نعيم نظراً لوجود شخصيات أخرى تبدو أكثر حساسيّة للجانب الإسرائيلي، إلا أن أبو نعيم الذي نجح عبر سلسلة من الإجراءات الأمنيّة التي اتخذها في غزة منذ سنوات من بينها الملاحقة والمحاكمات في منع الاحتلال، عدا تلك التي طالت الشهيد الفقها، من الوصول إلى أهدافه عبر العملاء الذي يمتلكون ثأراً كبيراً مع اللواء أبو نعيم. استغل الكيان الإسرائيلي الظروف الحاليّة لنيل من شخصيّة أمنية طوّرت كثيراً في عمل الأجهزة الأمنيّة في قطاع غزّة، وكانت أحد أهم الشخصيات التي لاحقت ادوات الاحتلال الذين نفّذوا عملية اغتيال الشهيد الفقها، وأعدمتهم.
رابعاً: ورغم أن البعض اتهم تنظيم داعش الإرهابي بالوقوف خلف الحادث، إلا أن كل الدلائل التي أعقبت الحادثة تشير إلى مسؤولية الاحتلال عنها، أي أنه قد تمّ تنفيذها على يد عملاء المخابرات الإسرائيلية. يتحدّث خبراء أمنيون في هذا الصدد عن أسباب تقنية أبعدت الشبهة عن التنظيم الإرهابي دون إسقاطها. كذلك، يؤكد الخبراء أن طريقة التنفيذ توحي بوقوف الاحتلال خلف العملية كون الأشخاص زارعي القنبلة متمرسون في عمليات الاغتيال، ولاسيّما في ظل ضغف الامكانات التي تمتلكها الجماعات المتشدّدة في الداخل الفلسطيني والتي لا تسمح لها بتفيذ عملية مماثلة. حتّى أصحاب هذا الرأي لا ينكرون أن الكيان الإسرائيلي هو المستفيد الأبرز من هذه العملية سواء بكونها تخدم التطلّعات الإسرائيلية في فضّ المصالحة بين حماس وفتح، أو بسبب وجود علاقات خفيّة بين الاحتلال والتيارات السلفية في غزّة.
حاولت الجهات التي تقف خلف هذه العملية العبث بالوضع الداخلي، وإرباك الساحة الفلسطينية باستهداف أشد المؤيدين لإنهاء الانقسام. ولا شكّ أن توتير الوضع الفلسطيني القائم لا يخدم سوى الكيان الإسرائيلي، وبالتالي لا نستبعد بعد فشل هذه العملية أن تعمد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلي لتنفيذ عملية مماثلة تجاه قيادات في فتح بغية إيجاد الشرخ مع حماس إلى مرحلة ماقبل المصالحة.