“هآرتس” تكشف تفاصيل مخطط “القدس الكبرى”.. الكين: سنعمل على فصل أحياء فلسطينية عن القدس

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||

تفاصيل الخطة التي يعمل عليها وزير شؤون القدس زئيف الكين، للتقسيم البلدي في المدينة، تنكشف لاول مرة: فحسب الخطة التي سيكون ممكنا تنفيذها في غضون بضعة اشهر، فان الاحياء خلف جدار الفصل ستفصل عن البلدية في صالح سلطة بلدية اسرائيلية جديدة، واحدة أو أكثر. وتعد هذه أول محاولة لتقليص المساحة البلدية للقدس منذ 1967 وتشكيل مجلس محلي اسرائيلي استثنائي – لا يسكن في نطاقه مواطنون اسرائيليون على الاطلاق بل فلسطينيون بمكانة مقيمين فقط.

 

تشترط الخطوة باقرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وباستكمال تعديلات التشريع التي سبق أن اقرت في الكنيست بكامل هيئتها بالقراءة الاولى في تموز الماضي. ويقدر الكين بان الخطوة لم تصطدم بمعارضة كبيرة، من اليمين أو من اليسار. وتضم الاحياء خلف الجدار مخيم شعفاط للاجئين والاحياء المحاذية له في شمال شرق القدس، كفر عقب في شمال المدينة، وقرية الولجة في الجنوب وقسم صغير من حي السواحرة. أحد لا يعرف بيقين كم من السكان يسكنون في هذه المناطق، ولكن التقدير يتحدث عن 100 حتى 150 الف نسمة. بين ثلثهم ونصفهم هم اصحاب هويات اسرائيلية بمكانة مقيمين. واحدى حجج الكين في صالح الخطة تتعلق بالتوازن الديمغرافي بين اليهود والعرب في القدس. “هذه الفكرة ليست تافهة، لا لليسار ولا لليمين ايضا. فهذه ليست بسيطة على الهضم”، يقول الكين ويوضح بانه سيعارض كل محاولة لنقل الاحياء الى سيادة فلسطينية في المدينة. “كل واحد، في اليمين وفي اليسار على حد سواء يمكنه أن يرى في الخطة فضائل ومخاطر ايضا. صحيح أنه اذا رغب أحد ما في ان ينقل هذه المنطقة (الى الفلسطينيين) سيكون أسهل  بكثير عمل ذلك”.

 

منذ اقامة جدار الفصل قبل نحو 13 سنة، قطعت الاحياء عن القدس (باستثناء الولجة، التي يستكمل فيها الجدار هذه الايام فقط)، مع أنها تشكل جزء من المساحة البلدية للعاصمة. وفي اعقاب اقامة الجدار توقفت البلدية، الشرطة وباقي السلطات الاسرائيلية عن تقديم الخدمات لهم، كاخلاء القمامة مثلا. وتحولت الى مناطق يكاد لا يكون فيها تواجد شرطي، بلا رقابة على البناء ومع مواضع خلل قاسية للغاية من ناحية البنى التحتية. عشرات الاف وحدات السكن اقيمت بلا تراخيص في مبان متعددة الطوابق، وفي شوارعها تزدهر منظمات الجريمة وتجار المخدرات.

 

وعلى حد قول الكين، فان “الوضع في هذه الاحياء لا يمكن له أن يكون اسوأ. والصيغة الحالية فشلت تماما، كان هذا خطأ تمرير الجدار مثلما تم تمريره. في هذه اللحظة توجد منطقتان بلديتان، القدس والاحياء، الرابط بينهما هزيل جدا. على المستوى الرسمي، لا يمكن للجيش الاسرائيلي أن يعمل هناك، والشرطة لا تدخل الا في حملات وتحولت المنطقة بالتدريج الى منطقة سائبة.

 

ويواصل الكين يقول: “مثل هذه الكمية من المباني العالية في مثل هذا الاكتظاظ لا يوجد حتى في تل أبيب، والاثار التخطيطية قاسية. ثمة خطر الانهيار في حالة هزة أرضية. وبلدية القدس غير قادرة على ان تقدم اي خدمات هناك، واصبح  تقديم الخدمات من أي نوع حدثا خطيرا. وفي الاونة الاخيرة يتم البحث عن حلول، ولكن حتى عندما توجد حلول فانها تكون خاصة ومميزة وليس جزءاً من المنظومة. هذا تحد هائل – أمني وتشغيلي”. ولكن ليست وحدها مشكلة تقديم الخدمات والفوضى السلطوية تشغل بال الكين. فمشكلة خطيرة بقدر لا يقل في نظره هي النمو الديمغرافي السريع في الاحياء الفلسطينية خلف الجدار وتأثير النمو على الميزان بين اليهود والعرب في القدس كلها. وعلى حد قوله، فان السكن زهيد الثمن، القرب من القدس وحقيقة أنه لا يوجد حكم جعلت الاحياء نقطة جذب لسكان متنوعين من الضفة ومن القدس. قسم هام من العائلات في هذه الاحياء هم زوجان احدهما مقيم اسرائيلي وبالتالي فان الاولاد هم مقيمون اسرائيليون. والنتيجة هي وتيرة ارتفاع سريعة جدا في عدد المقيمين الفلسطينيين في القدس. ويقول الكين انه “توجد هنا معان دراماتيكية من ناحية الاغلبية اليهودية أيضا وكذا من ناحية انك لا يمكنك ان تحسن مستوى المعيشة هناك، وتوقعنا هو ان هذا سيواصل النمو”.

 

“بالذات لاني اؤمن بحق الفلسطينيين الانتخابي واريد أن يحققوه، لا يمكنني أن اكون لامبالٍ تجاه خطر ضياع الاغلبية اليهودية، الذي يتسبب ليس بفعل سياقات طبيعية بل بفعل هجرة غير قانونية الى اراضي دولة اسرائيل، والتي لا يوجد اي سبيل لمنعها”، يقول الكين.

 

وعلى حد قوله، فقد فحصت حلول مختلفة لمشكلة الاحياء خلف الجدار. لاعتبارات امنية وايديولوجية يرفض حلولا كنقل الاحياء الى السلطة الفلسطينية كما يرفض امكانية تغيير مسار الجدار لاعتبارات الميزانية، واعتبارات امنية وقانونية. “كل الحلول الاخرى هي حلول وهمية، ويبقى النموذج الذي اقترحه – تغيير المكانة البلدية، دون تغيير مكانة المنطقة من ناحية السيادة”.

 

ولا تزال تفاصيل الخطة غير محددة على الاطلاق. وضمن امور اخرى ستكون حاجة لاتخاذ قرار هل سيكون هذا مجلس اقليمي واحد، يحكم كل المناطق خلف الجدار – حتى دون تواصل اقليمي بينها – ام مجلسين محليين. في هذه المرحلة لا توجد موافقة من السكان في الاحياء للمشاركة في الانتخابات لاقامة السلطة الجديدة. وفي السنوات الاولى ستعمل كمجلس يعينه وزير الداخلية.

 

“لا شك عندي في أنه من أجل نجاح الخطوة ستكون حاجة لتنمية التعاون مع زعامة محلية”، يقول الكين. “هذه مسألة وقت. مصلحتهم هي تغيير شروط المعيشة التي لا تطاق. يحتمل أن يستغرق هذا وقت اذ هناك الكثير من عدم الثقة. ولكن لا يمكن للحال أن يكون اسوأ من ذلك”. وهو يعد بان تترافق الخطوة واستثمار حكومي هام في الاحياء.

 

يعنى الكين بهذا الحل منذ بضعة اشهر. فعندما طرح الوزير نفتالي بينيت اقتراحه لتعديل القانون الاساس: القدس خشي الكين من أن اقرار القانون في الصيغة التي طرحت في الاصل سيمس بفرص تحقق خطته. إذ حسب القانون الذي طرحه بينيت، ستضاف مادة تقييدية اضافية تجعل من الصعب التقسيم المستقبلي للقدس. وفي تفسير معين لهذا القانون سيكون ممكنا الفهم بان حتى التقسيم البلدي للمدينة محظور. ومنعا لذلك أدخل الكين تعديلات على القانون بحيث أن تعريف منطقة القدس لن يكون على اساس مساحتها البلدية: وهكذا يبقى أنه لن يكون ممكنا تسليم اراض من القدس الى السلطة الفلسطينية ولكن سيكون ممكنا تفكيكها الى سلطات بلدية اسرائيلية اخرى.

 

اما المادة الغامضة التي ستسمح لتقسيم القدس فقد ادخلت على نحو شبه سري الى صيغة القانون الذي يعمل عليه الوزير بينيت والرامي الى تشديد الشروط على التنازلات الاقليمية في القدس. ولم تذكر المادة في الشروحات للقانون وفي معظم الخطابات في الكنيست. والغالبية الساحقة من النواب لم يعرفوا بانهم يصوتون على اقرار الخطوة القابلة للتفجر، والتي تتضمن موافقة على تقسيم بلدي للمدينة العاصمة حين أيدوا القانون. ان قرار نفتالي بينيت بتبني مادة الانقسام أدى الى تسويغ الخطوة في مقاعد الائتلاف. ولم يكن اعضاء الكنيست من اليسار مطالبين على الاطلاق ان يعرفوا عن رأيهم في هذه الخطوة وصوتوا ضد القانون، وذلك اساسا بسبب صيغته العلنية الداعية الى تقييد امكانية التنازلات الاقليمية في القدس. وقد اجيز القانون بالقراءة الاولى، بتأييد الاغلبية التلقائية من الائتلاف، والتي ضمت 51 نائبا. وعارضه 42 نائبا.

 

وبتقدير الكين، ففي الشهر القريب القادم ستستكمل اجراءات تشريع القانون. وعندها ستوضع الخطة على طاولة رئيس الوزراء نتنياهو. ويعرف نتنياهو منذ الان تفاصيل الخطة واذا قرر العمل على دفعها الى الامام فسيكون ممكنا عمل ذلك في اقرب وقت ممكن. من ناحية قانونية، لا تستدعي الخطة تشريعا من الكنيست بل مجرد قرار من وزير الداخلية.

 

وحسب التقديرات في الساحة السياسية، فان المعارض الاساس لهذه الخطوة لتقسيم القدس سيكون رئيس بلدية القدس نير بركات. فالبلدية برئاسته ستخسر ميزانيات كبرى بسبب قطع الاحياء. كما أن السلطة الفلسطينية ستعارض الخطة وسترى فيها محاولة لتهويد القدس من خلال اخراج السكان الفلسطينيين منها.

 

المصدر: وكالة القدس للإنباء

قد يعجبك ايضا