ضحايا «المجاعة الكبرى» يمنحون العالم فرصة لإنقاذهم
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||الأخبار اللبنانية
مهددون بمجاعة وصفتها «الأمم المتحدة» بـ«الأكبر في العالم منذ عقود طويلة وضحاياها بالملايين»، يشارك أبناء العاصمة اليمنية صنعاء، اليوم، بمسيرة حاشدة تنديداً بالحصار السعودي الخانق، في محاولة أخرى لكسر الصمت الدولي والتعتيم الاعلامي
لا سبب يمنع المواطن اليمني من النزول إلى الشارع اليوم. فأمام البلد العربي الأشد فقراً، تقف سياسة الضغط والترهيب والتهديد السعودية التي أخضعت وأذلّت أقوى دول العالم، عاجزة. فبماذا تهدد الرياض شعباً جردته خلال السنوات الثلاث الماضية من كل ما يملك؟ وكيف تتحدى من ليس لديه ما يخسره؟ اليوم، وصلت المملكة وولي عهدها محمد بن سلمان إلى حائط مسدود توقعه كل من راقب تحوّل «الحرب الخاطفة التي ستنتهي خلال أيام»، إلى حرب استنزاف طويلة ومكلفة، أثبتت جهل الرياض بأرض اليمن واستخفافها بقدرة شعبه على الصمود والمقاومة والقتال.
فبعد سنتين ونصف سنة من الخسائر المادية والبشرية الكبيرة، صاروخ باليستي واحد استهدف مطار الملك خالد الدولي في الرياض كان «القشة التي قصمت ظهر البعير» وأدخلت السعودية في حالة من الهستيريا دفعتها إلى تشديد الحصار وإغلاق المنافذ البرية والجوية والبحرية على البلد الذي يستورد 90 في المئة من حاجاته الأساسية. وتنديداً بـ«العقاب الجماعي» الذي أنزلته الرياض بكل محافظات الجمهورية، حتى تلك الموالية لها ولتحالف العدوان الذي تقوده، من المتوقع أن تمتلئ الشوارع بحشود غفيرة، بدعوة من «المجلس السياسي الأعلى».
ودعت، أمس، اللجنة المنظمة «جميع أبناء الشعب اليمني» إلى المشاركة في المسيرة و«دعوة المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته»، ولا سيما «الأمم المتحدة» التي حذّر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية فيها، مارك لوكوك، من «أكبر مجاعة يشهدها العالم منذ عقود طويلة ضحاياها بالملايين» إذا لم يسمح «التحالف» بوصول المساعدات الإنسانية، كالغذاء والوقود والأدوية، إلى البلد الذي يواجه «أسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية».
وارتفعت في الأيام الماضية الأصوات المنددة بقرار الإغلاق، من ضمنها 15 منظمة إنسانية انتقدت، أمس، تحالف العدوان و«عزله لشعب كامل»، مطالبة بـ«الاستئناف الفوري للعمليات الإنسانية، وبإجابات واضحة حول المدّة المتوقعة للإغلاق وشروط إيصال المساعدات».
وفي هذا السياق، أكّد المدير العام لـ«المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني» في وزارة الصحة، عبد السلام سلّام، أن «تداعيات التدابير الجديدة ستكون كارثية»، مشيراً في حديث إلى «الأخبار» إلى أن «الحصار المفروض أصلاً ذهب ضحيته ما لا يقل عن 247 ألف مواطن».
من جهته، طالب المتحدّث الرسمي باسم الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، مازن أحمد غانم، عبر «الأخبار»، «المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتدخل سريعاً لرفع الحصار وفتح جميع المطارات، بما فيها مطار صنعاء الدولي، الشريان الرئيسي لمواطني الجمهورية اليمنية»، مضيفاً «في صنعاء وحدها، حياة 75 ألف يمني مريض مهددة نتيجة إغلاق مطار العاصمة، الأمر الذي تسبب حتى الآن بوفاة أكثر من 10 آلاف مريض».
وبالاضافة إلى الحصار، يواصل طيران تحالف العدوان استهداف مختلف المحافظات اليمنية، مرتكباً المزيد من المجازر، تضاف إلى تلك التي ارتكبتها غاراته منذ آذار 2015 وذهب ضحيتها حتى الآن قرابة 11,000 يمني، بينهم أكثر من 2130 طفلاً. وخلال اليومين الماضيين، شنّ «التحالف» عشرات الغارات، خمس منها استهدفت الصيادين اليمنيين الباحثين عن لقمة العيش في محافظة الحديدة الساحلية، وفق قناة «المسيرة» الموالية لحركة «أنصار الله»، وأدّت إلى «استشهاد 9 صيادين، في حين أصيب عشرة على الأقل بجروح».
وأدان «المركز القانوني للحقوق والتنمية»، أمس، «الجريمة البشعة» بحق الصيادين، متهماً «تحالف العدوان بانتهاك القانون الدولي الإنساني الذي يحظر استهداف الصيادين والسفن والقوارب التابعة للمدنيين».
وأشار البيان إلى أن «هذه الجريمة ليست الأولى من نوعها، إذ وثّق المركز القانوني استهداف العدوان 254 قارب صيد، ما أدّى إلى سقوط ما لا يقل عن 797 صياداً بين شهيد وجريح»، محملاً «الأمم المتحدة ومجلس الأمن المسؤولية لأنهما بصمتهما المخزي وتنصلهما من واجباتهما يشجعان تحالف العدوان السعودي على الاستمرار في ارتكاب المزيد من جرائم الحرب».
وتأتي هذه الجريمة بعد ساعات من استشهاد وجرح عدد من المدنيين، بينهم طفلان، في غارة استهدفت منزلاً في محافظة صعدة، وبعد أيام قليلة من مجزرة مروعة ذهب ضحيتها ما لا يقل عن 60 مدنياً بين شهيد وجريح في محافظة حجة.
أما في صنعاء، فقد خلّف العدوان دماراً هائلاً في «حي الصعدي»، أحد أكثر الأحياء اكتظاظاً بالسكان، عقب غارات استهدفت مبنى كلية الشرطة في مجمع العرضي المجاور. وأكّدت مصادر محلية لـ«الأخبار»، «سقوط الغارات على الأحياء السكنية، ما أدّى إلى إصابات في صفوف المدنيين، وألحقت أضراراً كبيرة بعشرات المنازل المجاورة»، مشيرة إلى حدوث «حالات ذعر في صفوف طلاب المدارس المحيطة بالكلية، مثل مدارس السماوي، المعتصم، وأروى»، في حين انتشرت صور ومقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لمشاهد مؤلمة لطالبات «مدرسة السماوي» في لحظة ذعر وخوف شديدين جراء القصف الصاروخي القريب من المدرسة.
وفي هذا السياق، زار وزير التربية والتعليم في صنعاء، يحيى بدر الدين الحوثي، أمس المدارس التي شهدت «هذا العمل الإجرامي الجبان»، مذكراً بتعرّض «أكثر من 527 مدرسة» للقصف المباشر منذ بدء العدوان.
وحذّر الصماد من «أي محاولات للاعتداء على الساحل أو الإقدام على خطوات تصعيدية لمنع المواد الأساسية والمشتقات النفطية من دخول ميناء الحديدة»، مؤكداً «لن نقف مكتوفي الأيدي… ومن حقنا دراسة خيارات حاسمة وكبيرة لمنع أي خطوات لتضييق الخناق على الشعب اليمني».
أما الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي، فلم تمنعه معاناة اليمنيين في «المحافظات الموالية له» من شكر الرياض على «تخصيص وديعة مالية قدرها مليارا دولار لمصلحة البنك المركزي لدعم استقرار العملة المحلية»، التي تشهد انهياراً متواصلاً لقيمتها جرّاء العدوان الذي تقوده الرياض نفسها، مدعياً بأن «الوديعة ستحقق استقراراً في المدن والمحافظات» الخاضعة لسيطرة «التحالف».