واشنطن في سوريا.. أطماعٌ علنية بالثروات الباطنية
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||علي حسن/ العهد الاخباري
قال سيد المقاومة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال كلمته الأخيرة أنّ المنطقة كلها دخلت علنًا في معركة النفط والغاز، موضحًا أنّ الذي يزيد من الصراع على النفط والغاز هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجشعه وطمعه بالثروات الباطنية، ولفت السيد نصر الله إلى أن “إسرائيل” تريد في ظل إدارة ترامب أن تحصل على قرار دولي بضم الجولان المحتل إلى الكيان الغاصب.
وفي السياق نفسه، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أيضًا في مؤتمر صحفي له قبل أيام الولايات المتحدة بالسعي للبقاء في سوريا إلى الأبد، مشيراً إلى أن هذا الأمر مشروط بنجاح مشروع التقسيم والسيطرة على حقول النفط والغاز.
معركة الثروات الباطنية بدأت بالفعل في سوريا، كما قال السيد نصر الله. الشرق السوري شهد صراعًا على الحقول النفطية بين قوات “قسد” والجيش السوري خلال المعارك التي كانت دائرة، وربما ستبدأ في الجولان المحتل، وفي هذا السياق، قال مصدرٌ حكومي سوري لموقع “العهد” الإخباري أنّ “أهم كلمة جاءت في خطاب السيد حسن نصر الله علنية، إذ ان واشنطن بدأت تجاهرُ بأطماعها في سوريا، بعد أن كانت تخفيها طيلة السنين الماضية، فلم نسمع باراك أوباما يتحدث عن أطماع أميركا في سوريا، حيث لم يكن يتشدق إلّا بالشعارات الديمقراطية التي يتمناها للشعب السوري، لكن ترامب جاهر وتحدث صراحةً عن أطماع بلاده في الثروات الباطنية السورية، والتي من المتوقع أن تجعل سوريا من أوائل الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز في العالم على حد سواء”.
ولفت المصدر إلى علم الحكومة السورية بمطامع واشنطن في ثروات سوريا الباطنية منذ اللحظة الأولى، وقال “قامت واشنطن بتسليح ودعم الفصائل المتواجدة على الأرض السورية كوكلاء لها، وحين فشل هؤلاء الوكلاء تدخلت هي مباشرة كأصيل”.
المصدر السوري فنَّد المسارات الثلاث التي تعتمد عليها واشنطن لتحقيق أطماعها الاقتصادية في سوريا وقال “أولها الضغط بشكل كبير من أجل أن تكون هناك حكومة مشتركة بين السلطة الحالية في دمشق وبين المعارضة الخارجية، وبالتالي تحقيق مصالحها عن طريق هذه المعارضة الخارجية، والثاني هو ما يحكى عن تشكيل جيش جديد لسوريا من بقايا التنظيمات المتطرفة وقوات “قسد”، أما المسار الثالث فهو إقامة وجود عسكري مباشر في سوريا عن طريق بعض القواعد الجوية”، لافتًا إلى أنّ “أفق هذه المسارات الثلاث مغلقة لأن سوريا لن تقبل أن تكون هناك حكومة تمرر أطماع واشنطن، كما رأينا أن واشنطن تتخلى عن ميلشياتها التي تشكلها، وتدعمها على الأرض، وتجلى ذلك في تخليها عن أكراد مدينة عفرين وإبرامها لصفقة تفاهم مع تركيا حول هذا الموضوع، أما الوجود العسكري فهو وجود غير كافٍ كي تقوم واشنطن باستثمارات نفطية، أي أن هذا الأمر من الناحية اللوجستية والعملية غير ممكن إطلاقًا في الوقت الحالي على الأقل”، بحسب المصدر السوري.
قبل فترة قصيرة حصل عدوان أميركي على شرق دير الزور حين كانت تتقدم قوات حليفة للجيش السوري، وصرحت روسيا حينها أنه على الأغلب أن يكون هناك قتلى روس بين هذه القوات التي استهدفتها طائرات “التحالف الدولي”، وحول هذه النقطة قال المصدر الحكومي السوري أنّ “أسباب هذا العدوان كثيرة، لكن واشنطن حينها كانت ترسل إشارات مباشرة بأن هذه الأماكن التي تسيطر عليها أدواتها محمية من قبلها”.
وأضاف المصدر “سربت صحيفة “نيويورك تايمز” قبل فترة مقالاً مهمًا قالت فيه أن لدى واشنطن شروطًا عديدة للانسحاب من هذه المنطقة وقالت أن هذه الشروط في إطار مسار جنيف، لكنها في الحقيقة شروط ذات أبعاد اقتصادية بمعنى أنها طلبت أن تكون الاستثمارات الاقتصادية متاحةً لكل اللاعبين الأساسيين في هذه المنطقة، ومنذ السبعينيات وحتى اليوم لم ترفض الحكومة السورية أن تكون هناك علاقات اقتصادية مع الغرب، خاصة في القطاع النفطي، إذ كانت هناك شركات أجنبية وأوروبية كشركتي “شيل” و”توتال” اللتين تعملان في سوريا، فالأخيرة لم تغلق أبوابها للعمل أو العلاقات الودية والعقود التي تضمن حق الشعب السوري والدولة السورية، أما أن يكون الأمر عن طريق الابتزاز كما كانت تفعل واشنطن فهذا مرفوض”.
ولفت المصدر، إلى أنّ “أميركا قد أوضحت هدفها من وجودها العسكري وهذا الأمر سيدخلها في نفق كبير سيكون الخروج منه صعب جدا، ولنا في تجربتها مع العراق درسٌ كبير حين قامت باحتلال مباشر له، واستنزفت وسرقت الكثير من خيراته، وفيما بعد لم تصبح أميركا اللاعب الوحيد في الأراضي العراقية، إذ إنها لم تعد تمتلك نقاط انتشار على كامل مساحة العراق كما هو الحال اليوم في سوريا، بمعنى أن واشنطن غير قادرة على القيام بأي استثمار اقتصادي حقيقي في ظل هذا الوجود العسكري المحدود لها على الأرض، أما المجموعات والميليشيات المتعاونة معها على الأرض مثل “قسد” فهو طفرة محدودة الزمن بمعنى أنه لن يكون في المستقبل أي وجود عسكري خارج إطار الدولة السورية، نعم قد ينتشرون في بعض الأماكن وقد يسيطرون على بعض الحقول النفطية لكن في النهاية ستُفرَض سيادة الدولة السورية، وهناك فرق كبير بين السيطرة والسيادة، خاصة من الناحية الاقتصادية”، بحسب المصدر.
وفي الختام، توقّع المصدر الحكومي السوري أن لا تتطور الظروف الموضوعية الحالية لمواجهة عسكرية مباشرة بين أميركا وروسيا على الأراضي السورية، وقال “هذا أمر مستبعد الحدوث لأنه سيؤدي الى زلزال كبير وخطير في المنطقة، كما أن أميركا لا تستطيع الاستمرار إلى ما لا نهاية في ظل عدم وجود التدفقات اللوجستية اللازمة لبقائها، كما أن كلام لافروف حول هذا الأمر يندرج في سياق الاتهام السياسي والإعلامي المباشر لأميركا”، مشيرًا إلى أنّ “الأخيرة لم ولن تستطيع البقاء في أية دولة في هذا العالم دون موافقة حكومة تلك الدولة، وبالتالي فإن عدم موافقة الحكومة السورية سوف يجبر واشنطن على المغادرة بشكل كامل عاجلا أم آجلا”.
وأضاف المصدر “الاكتشافات النفطية والغازية الجديدة في سوريا هي خارج أماكن تواجد الولايات المتحدة، إذ إن المُسوحات البحرية التي تمت قبالة الشواطئ السورية والمقدرة بخمسة بلوكات بحرية لإنتاج الغاز، أحدها ينتج أكثر من مئتين وخمسين مليار متر مكعب من الغاز، بمعنى أن هناك قدرات باطنية موجودة بعيدًا عن الولايات المتحدة الأميركية ومناطق تواجدها العسكري المحدود، وهذه القدرات الباطنية هي المعوّل عليها لاحقًا للمساهمة بإعادة الإعمار في سوريا”.