سياسة الأرض المحروقة.. مسلمو الروهينغا لاجئون حتى إشعار آخر

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

بوتيرةٍ متسارعة، تواصل حكومة ميانمار عملية “الأرض المحروقة” وذلك بهدف إنجاز الـ “سيناريو الكارثي لطرد المسلمين” وتغيير الوضع القائم بسرعة في البلاد، حيث إنّه وطبقاً لصور الأقمار الصناعية، فإن حكومة ميانمار دمّرت تماماً عدداً كبيراً من القرى الإسلامية في شمال ولاية راخين (أراكان)، ما أدّى إلى القضاء على أي أثرٍ للحياة هناك، وذلك وفقاً لما أكدته منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها.

 

تدمير مُمنهج

 

صورة الأقمار الصناعية التي نُشرت مؤخراً 26 كانون الأول/ ديسمبر 2017 تُظهر الوضع غير العادي الذي حالت إليه إحدى قرى المسلمين بعد تدميرها الكامل وتغيير معالمها ووجهها، الأمر الذي ردّه خبراء إلى السعي المتسارع من قبل ميانمار إلى طرد المسلمين وتغيير الوضع الديموغرافي للبلاد في أسرع وقت.

ووفقاً لتقرير جديد صادر عن منظمة حقوق الإنسان، فقد قامت حكومة ميانمار منذ أيار/ مايو 2017 بمحو 55 قرية لمسلمي الروهينغا بشكلٍ كامل وشمل هذا التدمير جميع مظاهر الحياة الإنسانية والحيوانية والنباتية، مستخدمةً الجرافات والآلات الثقيلة، والقرى الـ 55 هذه كانت ضمن 362 قرية دُمرت بشكل كامل أو جزئي منذ 25 أغسطس/ آب 2017، أثناء حملة التطهير العرقي، التي شنها الجيش الميانماري والبوذيون المتطرفون.

 

براد آدامز مدير المكتب الآسيوي لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” أكد أن تدمير هذه القرى يؤكد الجرائم المرتكبة ضد الروهينغا، مطالباً بدخول خبراء الأمم المتحدة للتعرف على الأدلة وتقييمها بشكل صحيح، من أجل التحقيق في هذه الانتهاكات”، غير أنّ المسؤولين في ميانمار يدّعون أن عمليات التدمير المُمنهج هذه تهدف لبناء منازل جديدة بمستويات أعلى بالإضافة لبناء الطرق والجسور، غير أنّ نشطاء حقوق الإنسان أكدوا أن التدمير المنهجي لمئات القرى والمساجد والعقارات في أراكان يهدف إلى قطع صلة مسلمي الروهينغا بأراضيهم.

 

اتفاق “استعراضي” بين ميانمار وبنغلادش

 

رئيس الحكومة البورمية المؤقت “انغ سوفان سوتشى” وقع اتفاقية مع بنجلاديش تهدف إلى إعادة اللاجئين من بنجلاديش إلى ميانمار خلال مدّة شهرين، غير أنّ منظمات حقوق الإنسان انتقدت هذا الاتفاق، لأنه وقِّع دون إشراف المراقبين الدوليين لضمان سلامة اللاجئين، وفي هذا السياق قال مدير قسم شؤون المهجرين في هيومن رايتس ووتش “بيل فيريل” إن هذه الصفقة سخيفة، وينبغي أن يُحدد الاتفاق بغضون ثلاثة أسابيع، كما ويجب تحديد رحلة العودة من قبل فرق العمل المشتركة.

 

وإن عدم وجود تفاصيل عن معايير عودة اللاجئين وفشل دور مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ضمان الامتثال للمعايير الدولية؛ يدلُّ على عدم وجود أيّ ضمانات لحماية المسلمين الروهينغا أو إلزام الحكومة بالمعايير القانونية، حيث يُعتبر أن هدف هذا الاتفاق هو التحايل على مقررات حقوق الإنسان من قبل دولة ميانمار، ويبدو هذا واضحاً من خلال تدمير الأدلة عن طريق تدمير المناطق السكنية للمشردين وتغييرها.

 

سيناريوهات القتل

 

بصورةٍ جديّة أظهرت ميانمار أنها تسعى إلى إزالة المسلمين من التركيبة الديموغرافية والجغرافية للبلاد، وفي سبيل ذلك اتبعت وحتى الآن ثلاثة سيناريوهات:

 

السيناريو الأول هو عمليات القتل والاغتصاب الممنهج بالإضافة لزرع الرّعب والإرهاب في قلب المسلمين، مع تشويه صورتهم في الصحافة ووسائل الإعلام، وذلك بمساعدة البوذيين المتطرفين، لينتهي الأمر بالتشريد القسري للمسلمين.

 

السيناريو الثاني فيرتكز على تدمير المساكن والممتلكات الإسلامية، وخاصة في غرب ولاية راخين “أراكان” من خلال التدمير المنهجي لمئات القرى والمساجد والعقارات في أراكان وذلك بهدف قطع صلة مسلمي الروهينغا بأراضيهم.

 

أما السيناريو الثالث فيقوم على احتمال عودة بعض نازحي الروهينغا إلى مناطقهم القديمة، وهنا قامت حكومة ميانمار ببناء بعض المخيمات، حيث أظهرت وسائل الإعلام الحكومية في ميانمار بعض المُخيمات التي بُنيت، ولهذا السبب قال المدير العام لوزارة الشؤون الاجتماعية إنّ حكومته مستعدة لقبول عودة اللاجئين، غير أن مدير المكتب الآسيوي في منظمة “هيومن رايتس ووتش” أكد أنّ هذه المخيمات ستكون في الواقع سجوناً للاجئين.

 

حالة الروهينغا اليوم

 

أكثر من 60 مليون نسمة يقطنون ميانمار حوالي 4٪ منهم من المسلمين، يعيش معظمهم في ولاية “أراكان” على الساحل الغربي لميانمار، ووفقاً لـ “هيومن رايتس ووتش” فإنّ أكثر من 688،000 فرّوا من البلاد نتيجة عمليات التطهير العرقي والديني، حيث يعيشون في معسكرات للاجئين في بنجلاديش بعد أنّ فرّوا خوفاً من العنف والاغتصاب والقتل الذي يقوم به الجيش والجماعات المتطرفة في ميانمار.

 

أنطونيو غوتروس، الأمين العام للأمم المتحدة أكد في تصريحات صحفية أنّ نقل اللاجئين الروهينغا من معسكرات بنغلاديش إلى معسكرات في ميانمار (بورما) هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لهم، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر من شأنه أن يضعهم في ظروف استثنائية لفتراتٍ طويلة، مع عدم السماح لهم باستعادة حياتهم الطبيعية، بدورها المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في بنجلاديش أكدت تأجيل عودة النازحين.

 

تجدر الإشارة إلى أنّ ما يقرب من 700،000 مسلم من ميانمار قد هُجروا من ديارهم، وأجبروا على اللجوء إلى بلدان مثل بنغلاديش، كما وتعمل حكومة ميانمار على هدم المناطق التي يسكنها المسلمون بهدف تهجير سكانها، ووفقاً لتصريحات صدرت عن وزارة الرعاية في ميانمار، فإنّ ميانمار وحتى بداية شهر نيسان/ أبريل المقبل سوف تنهي استكمال هذا البرنامج.

قد يعجبك ايضا