معارك الساحل الغربي: أطوار الاحتلال وخيارات الجيش واللجان.. الحلقة الأولى

موقع أنصار الله || صحافة محلية || المسيرة| علي نعمان المقطري

 

القسم الأول: قضايا تمهيدية ولمحات عامة

 

كان الهجومُ الأولُ على الساحل الغربي قد جرى خلال العام الأول للعدوان والاحتلال، وهو مرتبطٌ عضوياً بمشروع إعَادَة الاحتلال الأجنبي للجنوب، وَسلخ مرتفعات تعز الجنوبية الغربية وساحلها الاستراتيجي والسيطرة على الحديدة والسهل التهامي إلى ميدي في أقصى الشمال الغربي، مروراً بالسيطرة على مئات الجزر المنتشرة على الجروف القارية اليمنية في البحر الأحمر وَبحر العرب.

 

استمر هذا الهجوم لأشهر طويلة من المعارك الضارية لقرابة العام إلى أن انكسر في منتصف العام 16م بشن الجيش اليمني هجوماً مضاداً في صيف العام 16م لاسترداد الشريط المحتل من ذو باب إلى مشارف المندب، وتوقف الزحف اليمني عند قرية الحريقية على بعد 5 كيلومترات من المندب؛ بسبب سيطرة السلاح الجوي والبحري الضخم وقواته الصاروخية العالية التقنية التي كانت تتمركز في ميون وزقر وحنيش الكبرى والصغرى أمام المندب وفي القواعد العدوانية على الشواطئ الإرتيرية والجيبوتية والصومالية.

 

أَهْدَافُ الهجوم الساحلي الاستراتيجية كانت وما زالت تمتد للسيطرة على جميع الموانئ على البحر الأحمر وعلى السهل التهامي الزرعي وَالممر المائي وتكريس الحصار الاقتصادي الشامل للوطن ومراكزه الداخلية.

 

ونتيجةً للمصاعب الكبيرة التي واجهت مشاريع الاحتلال على الأرض، فإن قيادة العدوان قد قسمت المهام على مراحل وأطوار تدريجية للوصول في النهاية إلى الهدف الكبير، فقد جرى شن الهجمات من الجنوب الغربي تجاه المخاء ومن الشمال تجاه ميدي؛ أملاً في توسيع الهجمات والمعارك وتطويرها والتقدم نحو الحديدة من اتجاهين كبيرين حسب إنجاز المهمات من قبل القوى المقاتلة على الأرض، وبعد أن تتم السيطرة على قواعد ومناطق حماية وإقامة رؤوس جسور تؤمن إنزال القوات المعادية المتجمعة في مداخل البحر الأحمر وخليج عدن والدفاع عنها وتجنيبها المفاجئات والهجمات الصاروخية اليمنية المتوسطة والقصيرة المدى، وتمنع حدوث انهيارات وانكسارات كبيرة قد تؤدي إلى كوارث ماحقة بالقوات الغازية ولو بعد سيطرتها الأولية على الشاطئ خَاصَّـةً أنها قد تصبح أَهْدَافاً مكشوفة أمام صواريخ ومدافع الجيش اليمني المتمركزة على المرتفعات الجبلية.

 

ولذلك، قسمت المهمة إلى مهام منفصلة تكتيكياً، مترابطة استراتيجياً، أي القيام بالتقدم التدريجي على الساحل عل مراحل طويلة من الصراع، وبالاعتماد على أسلوب الاستنزاف المادي والعسكري وإحكام الحصار وإعَادَة تقليب البني الديموغرافية بما يخدم أَهْدَاف تحالف العدوان الإمبريالي على الوطن.

 

في الطور الأول للهجوم كان ميناء المخاء الميناء الرئيسي على الساحل هو الهدف الأول للهجوم المعادي في تلك المرحلة، وظل مصير الهجوم البري مرتبطاً بالهجوم البحري الجوي للعدوان، كهجوم خُطّط له أن يصل في نهاية المطاف والحركة على الأرض إلى تطويق الحديدة من الأرض ومن البحر واقتحامها بعد مرحلة أولى تتضمن التمهيد الكامل للمهمة التي خطط لها أن تأخذ مراحل وأطوار عدة.

 

تولت الإمارات بتكليف أمريكي قيادة العمليات العسكرية البرية والبحرية على المنطقة الغربية التي تمتد من ميدي إلى المندب مروراً بالحديدة أهمّ منفذ تجاري بحري للبلاد وأهم شرايينها الاقتصادية، وكان الأمريكي الصهيوني هو صاحب المشروع والحاجة ومُخَطّط ومسلح وقائد العدوان على اليمن وهو في الساحل الغربي حاضراً بقوة.

 

بالنسبة للأمريكي، فإن الهجوم يدخل في صلب استراتيجيته وأطماعه العسكرية والاقتصادية الدولية الاستعمارية وَالتحكيمية، إذ ترتبط الدائرة المستهدفة بأعظم احتياطي نفطي في العالم أجمع مركزه الرئيسي يقع في اليمن، وفيها أَيْـضاً أهمّ الطرق الدولية والممرات التي تتحكم في ثلث التجارة العالمية عبر القارات الثلاث، كما يطمح بالسيطرة على حوض البحر الأحمر وجعله بحيرةً خالصة تحت الهيمنة الأمريكية الصهيونية واتباعهم، علاوة لكون البحر الأحمر والسواحل اليمنية توفر له التحكم في شبه الجزيرة العربية وموقعها الحيوي الجيواستراتيجي بالنسبة لآسيا.

 

كما يرتبط مشروع احتلال الساحل الغربي بالمخزون الضخم من النفط في إقليم أوغادين في أثيوبيا الذي تحتكره الشركات الغربية الإسرائيلية وحدَها، ويمتد من الضفة الغربية للبحر الأحمر إلى الضفة الشرقية على الجانب اليمني بوصفهما تركيباً جيولوجياً واحداً في الأساس قبل التصدع الجيولوجي الذي نتج عنه الشقّ البحري الحالي، وهناك تتركز أعدادٌ كبيرة من القوات العدوانية في القواعد الحربية الأمريكية والغربية الامبريالية على الجانب الآخر من الضفة الغربية من البحر الأحمر، حيث أنشئت العديد من القواعد العسكرية للدول الامبريالية الكبرى الطامعة بثروات المنطقة وممراتها وتروم إلى احتلال الساحل اليمني بعد أن أمنت وجودها على الضفة الأُخْرَى المهيمن عليها الآن من قبل تلك الدول الباسطة نفوذها الآن من جزر صنافير وتيران إلى سواكن إلى ميون وعصب ومصوع وجيبوتي في أقصى الجنوب الغربي من البحر الأحمر. بيد أن الساحل اليمني لا يزال هو نقطةَ الاستقلال الوحيدة الخارجة عن السيطرة الاستعمارية وعنصر التهديد الحرج للسيطرة الاستعمارية وهيمنتها التي جرى التخطيط لها بعمل دؤوب طوال قرون من الآن للوصول إلى النتيجة القائمة.

 

 

 

العدوان بالوكالة وبالأصالة

 

إنَّ السعوديَّة والإمارات تقومان نيابةً عن هذه المنظومة الاستعمارية بتنفيذ مُخَطّطاتها وأجنداتها في المنطقة مقابل الحفاظ على أمنها المحلي والسياسي ككيانين وكيلين وظيفيين يخدمان الإمبريالية والصهيونية في منطقتنا العربية ونشأت بأيادي هذه المنظومة.

 

ولا يمكن قراءة الكيانات الخليجية خارج هذا السياق، الذي بدونه لن تبقى. إذ أن وجودَها يعتمدُ على دورها هذا، والفشل فيه يعني انتفاء جدوى وأسباب بقاء هذه الكانتونات.

 

لعلَّ من الواضح معنى التدخلات التي كان يقوم بها السفير الأمريكي إلى اليمن خلال مشاورات الكويت وغيرها لإفشال أية بوادر للتوصل إلى حل، وهذا جاء في اعترافات مسؤولين أمريكيين وغربيين وتداوله الإعْـلَام الغربي على نطاق واسع.

 

 

 

المعركة على الأرض

 

حاولت أساطيل العدوان في الفترة السابقة لسقوط المخاء بأيديهم، أي ما قبل فبراير العام الماضي 2017م، أن تتقدم باتجاه الساحل معتمدةً على الغطاء الجوي والصاروخي المترافق مع شن الهجوم البري من جهة الجنوب، لكنها أخفقت في التقدّم ولو شبراً واحداً نحو المدينة أَوْ الموانئ الرئيسة، ولم تستطع البقاءَ في المناطق التي سيطرت عليها، بدعم وخيانة قوى عفاش وعملائه التي ظلت تخدم العدوان سراً من خلال تسريب البيانات والمعلومات ودس (شرائح) التتبع للقيادات والمواقع اليمنية المستهدفة لتيسير قصفها وتدميرها من قبل الطيران المعادي.

 

وهذا ما يعني أن تأمين وحماية السواحل اليمنية ممكن تماماً، بل وبتفوق عالٍ جداً، ولدى اليمن من التكتيكات والإمْكَانيات والعقول ما يحول دول وصول العدو للسواحل وحسم المعارك معه أولاً بأول. بيد أن الخلل الرهيب كان في الاختراقات الداخلية والخيانات التي حدثت وكبدتنا وقواتنا وبلدنا الكثير، ليس عسكرياً وحسب، بل وسياسياً واقتصادياً.

 

وهذا الأمر يتطلب تنظيمَ البُنية الداخلية للحرب بشكل دقيق ووضع الوسائل اللازمة لمكافحة الاختراقات من جهة، ومكامن القصور والعجز من جهة أُخْرَى، إضَافَة إلى الاضطرابات الداخلية في الأداء. أي صناعة وإعداد (فلتر) ترشيح في البنية الداخلية يواجه هذه القضايا ويعمل بشكل موازٍ.

 

 

 

من ترسانة الأسلحة الوطنية المقاومة

 

“الكاتيوشا”

 

لقد اعتمدت المقاومةُ الوطنيةُ اليمنية المناهِضة للعدوان على الردع الصاروخي القصير المدى والمتوسط، سواء (التوشكا) أَوْ الكاتيوشا أَوْ ما يسمى أورغان، وهو سلاح سوفيتي أرعب العدو على الرغم من تقادمه، فهو من بقايا الحرب العالمية الثانية ومن معركة ستالين جراد الشهيرة، وذلك أن المنظومات الصاروخية الدفاعية للعدوان عجزت عن التعامل معه؛ لأنّه يطيرُ خارج المجال التقني للصواريخ المضادة الحديثة فلا يمكن اعتراضه أَوْ إيقافه عن بلوغ أَهْدَافه، وقد تمكن هذا السلاح بأيدي قواتنا من صد وردع البوارج والسفن والزوارق الحربية العدوانية التي حاولت عشرات المرات أن تتقدم نحو الشواطئ اليمنية.

 

كما أن العدو لم يستطعْ رصد قواعد تواجد (الكاتيوشا) وتموضعه ومخازنه ونقله وحركته رغم معرفته الدقيقة بوجوده لدى اليمن.. وفعلياً، فإنّ قوتنا تكمن ليست في نوع السلاح وكميته فقط في تأمينه معلوماتياً من حيث مكامنه ومخازنه وآلية حركته ونقله… وهذا ما يُدعَى بأمن الحرب والمعركة، أمن القيادة والبنية العسكرية والحربية والسياسية والتنظيمية.

 

 

 

 

 

القسم الثاني: متابعة لتغيرات وتبدلات الحرب ومساراتها

 

أطوار العدوان على الساحل الغربي

 

كان الطور الأول للعدوان قد انتهى مع انتهاء العام 2015م، حاصداً هزائم ضخمة لقواته على الساحل الغربي التي كانت قد سيطرت على المندب وميون والحريقية وأجزاء من ذوباب ومناطق حولها وعلى أقسام من الوازعية وجبل حبشي والمعافر وصبر تعز الغربية، بفضل الخيانات الداخلية وتواطؤ قوى العفاشية والإصلاح، والتي امتدّت من عدن وكانت ضمن سلسلة مترابطة بها. غير أن النتائج الكارثية التي لقيتها حملات وزحوفات العدو المنكسرة طوال العام الأول من الحملة قد أَدّى إلى تفاقم التناقضات في جدار القوى العدوانية ومرتزقتها حول العديد من السياسات والتكتيكات.

 

 

 

تغير أدوار القوى العدوانية الرديفة بعد الفشل الأول في الساحل

 

أولاً: من حيث القوة العسكرية والسياسية

 

كانت القوّةُ الرئيسيةُ من المرتزقة في الطور الأول هي قوى ومليشيات الإصلاح والإخوان والوهابيين والقاعدة وداعش بدرجة أساسية، وكان هذا يرتبط بسيطرة الإخوان على الجهاز الإداري العسكري للدولة الكولونيالية التابعة والوكيلية القديمة التي أسقطتها ثورة سبتمبر الشعبية في مركز الشمال اليمني وفي معاقلها التأريخية والتي تمثل استمرارية للشرعية المزعومة مجسّدة بقوى العميل هادي وحكومته وما تمثله من مصالح القوى التبعية والعميلة والقوى الدولية التي تديرها ومن تحاول بجنون إعادتها للحكم مجدداً.

 

وعلى الرغم من كون العدوان قد رمى الكثيرَ من القدرات والإمْكَانيات المالية التسليحية والتقنية وجند الآلاف في ألوية وجيوش برية تقاتل بالنيابة عنه في أَكْثَـر من أربعين جبهة ملتهبة تم فتحها واشعالها في وجه الجيش اليمني الثوري، إلا أن ذلك كله قد عاد على العدو وكل هذه القوى بأقسى الخسائر والنكبات، وأَكْثَـر من ذلك حين كان طيران العدو يراكم هذه الخسائر بقصفه لقواته ساعة تولي الأدبار مدحورة من المعارك، كتأديب لها.

 

وقد جرى ذلك وما يزال، على خلفيتين مزدوجتين، الأولى الهرب من القتال، والأُخْرَى كانت على خلفية النزاع الإماراتي الإخواني السابق، حيث تريد الإمارات أن يتم تقليص الاعتماد على الإخوان لاسيما بعد فشلهم على الأرض في أَكْثَـر من جبهة ومعركة وانعكاس هذا الفشل كفشل سعوديّ في مشروع العدوان؛ بغية إضعاف نفوذهم في الحرب ومآلات المستقبل السياسي لهم في المنطقة الذي يتعارض مع توجهات الإمارات الجديدة، وتابعنا كيف لم يتوانَ أيٌّ من الطرفين من اتهام الآخر وعلناً بالخيانة والغدر والتآمر من منابر إعْـلَامه وقنواته.

 

وكانت انهياراتُ القيادات السعوديّة في العدوان على اليمن من حيثُ اعتمادها الأساسي على قوى الإخوان قد أفسحت المجال للدور الإماراتي الصهيوني الأمريكي المشترك المباشر، وبدء برنامج عدواني يقوم على تقديم أولويات عدوانية جديدة وهي تقديم المشروع الانفصالي الانسلاخي التقسيمي أساساً؛ لمواصلة للحرب وتجنيد القوى الجنوبية الانفصالية في الطور التالي للعدوان والحرب والتسليم بهزيمة قيادة مشروع الشرعية وهادي والإخوان، واستبداله قيادياً بالدور الانفصالي التقسيمي لليمن، اعتماداً على قيادة الإمارات، ومسنوداً بالخبرة الإسرائيلية الأمريكية البريطانية لإنقاذ حربهم من الانهيار التام الذي تتفاقم الآن مشكلاته وتناقضاته إلى حد التفجر الداخلي العنيف المتجسد بسلسلة الانقلابات السلمانية المتوالية في المملكة وليس آخرها الاطاحة بالقيادات العسكرية الأمنية العليا مؤخراً، وتسليم حماية الأمن الشخصي والخاص لقوات خَاصَّـة تم شراؤها من الباكستان بوساطة خَاصَّـة من المخابرات والإدَارَة الأمريكية الحالية قبيل الزيارات الأخيرة لبن سلمان إلى بريطانيا وأمريكا.

 

وفي هذا السياق من الهزائم والخسائر المتوالية على المستوى الاستراتيجي والتكتيكي، تشكّلت المعارضة في الشارعين الأمريكي والبريطاني، وتشكل قسمٌ من تيارات الكونجرس الأمريكي المعارضة لبقاء واشنطن في تحالف العدوان وتدعو لخروج أمريكا منه، وقد بادر أَكْثَـر من عشرين نائباً برلمانياً في الكونجرس إلى تدشين النشاط المعارض بشن حملة برلمانية في هذا الاتجاه تطالب بوقف تدخل الحكومة الأمريكية في دعم العدوان على اليمن.

 

وبالطبع، هذه من ضمن التداعيات التي صنعتها الانتصارات اليمنية منذ بداية العدوان.

 

 

 

من يافطات الوحدة إلى مشروع الانفصال والتقسيم والاحتلال

 

أي جانب هو الأساس الأصلي من جانبي العدوان؟! أهو الانفصال الانسلاخي والتقسيم والضم والإلحاق؟ أم إعَادَة حكم ما يسمى الشرعية الموحدة إلى العاصمة اليمنية؟ وأيهما يعلو على الآخر من حيث القيمة والأهميّة والأصولية والمصالح العليا للعدوان ودوله الإمبريالية؟

 

الجوابُ هو أن النية والإرادة والمُخَطّط الأصل في العدوان على اليمن كان مبيتاً منذ عشر سنوات على الأقل، من قبل ظهور مشكلة ما يسمى الشرعية التي كانت مجرد ذريعة وتبريراً للأصل العدواني القائم على الرغبة والتصميم والتخطيط للاحتلال وإعَادَة الاحتلال والإلحاق عبر تكتيكاتِ الانفصال والانسلاخ والتقسيم الطائفي لليمن وتأبيده تحت النفوذ السعوديّ الأمريكي الإماراتي الصهيوني المشترك.

 

وقد تبلور هذا المشروع في مناقشات قادة المجلس الخليجي الأمريكي البريطاني الصهيوني التي تواصلت من قبل أزمة استقالة هادي. وبالعودة إلى ذلك المشروع نجد أنهم قد أقروا في قمم الدوحة والرياض العديدة التي سبقت العدوان والأزمة ما أسموه بـ(المشروع البحري الصديق) وتم تكريسه بحضور الإدَارَة الأمريكية في عهد أوباما وكيري وقيادتهم العسكرية الأمريكية، وأيضاً بمشاركة المصري والبريطاني والفرنسي والإسرائيلي، وما تمخض عنها من مناورات بحرية على سواحلنا اليمنية وجزرنا.

 

ونستخلص من ذلك أهمّ نتيجتين استراتيجيتين من المعلومات التي تكشفت عنها وما تسربت إلى الإعْـلَام وما خلص إليه العديد من أجهزة ومراكز الرصد والمتابعة والتقييم الغربية المختصة:

 

إن مُخَطّط العدوان على الأرض قد تمت مرحلته وتقسيمه على قسمين استراتيجيين، الأول هو القسم الحامل لاطار وشعار الشرعية، وهو القسم التمهيدي العام الضروري كقنطرة للعبور من خلالها إلى المرحلة الاستراتيجية الأهم الثانية وهي الانتقال إلى تحقيق الغايات الفعلية، أي السيطرة على النفط والممرات والجزر والبحار والسواحل، وإلحاق وسلخ الأقسام الطرفية الصحراوية النفطية من اليمن المجاورة للسعوديّة، ومحاصرة القسم المركزي التحرري الداخلي في الهضبة الجبلية نتيجة لصعوبة خوض حروب أمريكية ومباشرة من قبل القوى الأطلسية البحرية والقارية والجوية.. والحصار الخانق يعني الاستنزاف والتخريب الداخلي الأمني والاستخباراتي والحرب النفسية، وكذا الحرب الاقتصادية ومحاولة تجفيف مدخولات الأموال والعائدات المركزية.. وهذه إحدى خبرات التخريب الإمبريالي الأمريكي.

 

وهذا قد بدأ منذ الوهلة الأولى للعدوان، وتجلى بنقل البنك ثم محاولة نقل العديد من المؤسسات الإيرادية مثل “شركة كمران” والمؤسسة العامة للاتصالات” وغيرها، وكذا وقف ميناء الحديدة عن العمل وتدميره… إضَافَةً إلى كون الفار هادي وحكومته العميلة المبتذلة، قد نهجت منذ أشهر عديدة، صرف المرتبات بين الفترة والأُخْرَى بشكل مناطقي، مقتصرة على المناطق الواقعة تحت سيطرتهم!

 

 

 

كُنْــهُ المشروع المُخَطّط الأمريكي الجاري

 

وقد تكرّس المُخَطّط الأمريكي الصهيوني أَكْثَـر بعد العام الأول للعدوان الذي حمل الهزائمَ والانكسارات للمشروع الشرعوي المركزي الإخواني الوهابي.

 

ويشير هادي في تصريحاته ومقابلاته للصحافة السعوديّة، إلى ما عاناه من تطورات داخلية على جبهة النزاع بينه بين الاتجاه المحسوب على الإمارات فيها وهو تطور كان مُخَطّطاً له ومحسوباً من قبل القيادة العدوانية التي أرادت أن تحَـرّك الإخوان ضمن مسارات محددة سلفاً دون أن تطلق قواهم الكاملة؛ لأنّ تحقق إنجازات خَاصَّـة بهم للمستقبل بل هي كما نلاحظها تعمل على تقليص نفوذهم تدريجياً في جبهات القيادة والسيطرة على جبهات كانت محتكرة لهم في البداية مثل تعز مأرب وعدن، حيث تجري الآن نوعٌ من التسليم وإعَادَة التسليم للأدوار بينهم وبين التيارات السلفية الوهابية الإماراتية والليبرالية السياحية الشكل، هم يحتاجون إلى نخاسيين لا أَكْثَـر.

 

وكان هادي قد أشار في مجمل طروحاته إلى محتوى الاستراتيجية الجديدة التي انتقلوا إليها بعدَ العام الثاني للعدوان وبعد فشل التقدّم على خُطَى المشروع “الشرعي” حول العاصمة قال هادي إنهم الآن “يتبعون تعاليم نابوليون في تطويق العدو وعاصمته من بُعد” لعجزهم عن التطويق من قرب.

 

قد يعجبك ايضا