أين تكمن أهمية وحساسية بنود العرض الأميركي لحزب الله؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||شارل أبي نادر / العهد الاخباري
كان لافتاً ما أفصح عنه بالأمس سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بموضوع العرض الأميركي لحزب الله، والذي كان قد نقله عام 2001 الصحافي الأميركي اللبناني الأصل جورج نادر، و ذلك لناحية ما تضمنته بنوده من تقديمات مغرية ومثيرة للاهتمام وللبحث، مقابل ثلاثة بنود مطلوبة من حزب الله، تبدو عادية في الشكل، ولكنها تحمل في المضمون أبعاداً خطيرة وحساسة ومُعبِّرة.
* ماذا قدم الأميركيون؟
– بداية يتم شطب حزب الله عن لائحة الارهاب مع اعتراف أميركي به، بالاضافة لفتح العلاقات الدبلوماسية ورفع القيود أمامه في العالم، أي إلغاء الحملة الديبلوماسية الدولية التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية في هذا الخصوص. وهذا يتطلب عملياً الغاء كافة الاتهامات والادعاءات بحق حزب الله، ومفاعيل ذلك أن يعاد فتح كافة المجالات والميادين التجارية والثقافية والسياسية والاجتماعية أمام حزب الله عبر العالم، داخل وخارج الولايات المتحدة الأميركية، بمعنى إعادة اعتبار سياسية وديبلوماسية كاملة للحزب على الصعيد الدولي.
– ثانياً، اعادة الأسرى اللبنانيين من سجون العدو، وما يعنيه ذلك بالنسبة لحزب الله من أهمية معنوية ووجدانية واجتماعية، بالاضافة طبعا للقيمة العسكرية، وخير دليل على تلك الأهمية بنظر حزب الله ما قدمه الأخير لاحقاً في سبيل تحريره للأسرى.
– بموضوع رفع “الفيتو” عن مشاركة حزب الله في الحكومة اللبنانية واعطائه أموالاً بقيمة 2 مليار دولار أميركي، تبقى هذه البنود غير ذات أهمية مقارنة مع ما سبقها، بمعزل طبعاً عن طابعها السياسي والمالي. والسبب أن عدم مشاركة حزب الله في الحكومة اللبنانية سابقا لم تكن الا بقرار ذاتي، كان قد اختاره للتفرغ والتركيز على عمل المقاومة وصولاً الى التحرير. كما أن موضوع حصوله على المال لم يكن عائقاً أمامه في أي وقت، حيث كان يصله الدعم الكافي بالمال وبالعتاد من دول حليفة معروفة وعلى رأسها ايران.
– عن البنود المتعلقة بالسماح له بالمحافظة على سياسته ضد العدو، أي عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني مع متابعة مهاجمته اعلامياً، والاحتفاظ بسلاحه دون الصواريخ التي تتجاوز الحدود، أي الكاتيوشا، فإن هذه البنود تحمل في مضمونها إغراءً خبيثاً له، يتمثل بمساعدته على المحافظة ظاهرياً على موقعه الداخلي أمام بيئته لناحية التقدير والاحترام، وعلى موقعه بشكل عام بالنسبة لمن بقي مؤمناً بخيار المقاومة ويرى أن حزب الله يجسد هذا الخيار، في الوقت الذي يكون قد تخلى عملياً عن خيار المقاومة.
* ماذا طلب الاميركيون ؟
– التزام حزب الله بعدم إطلاق النار بمواجهة الكيان الصهيوني، أو بطريقة أوضح، وقف مقاومة العدو الاسرائيلي، وربما هذا هو بيت القصيد من هذا العرض – المغري بتقديماته – المذكورة أعلاه.
خطورة ومعنى هذا البند هو الغاء الطريق الوحيد المتبقي في حرب العرب ضد “اسرائيل”. وحيث كانت مقاومة حزب الله هي الوحيدة الفاعلة في استرجاع وتحرير أراض عربية محتلة، عبر المواجهة العسكرية المباشرة بمعزل عن القرارات الدولية الفاشلة حول ذلك، جاء هذا البند لينهي، فيما لو قبله حزب الله، المواجهة التاريخية ضد العدو، وليعطي الحق لهذا العدو بما اغتصبه من أراضٍ ومن حقوق ومن مقدسات عربية، اسلامية ومسيحية.
ـ عدم تقديم أي مساعدة للفلسطينيين. وهذا البند يرتبط أيضاً بموضوع وقف مقاومة حزب الله للعدو الاسرائيلي، وذلك من خلال قطع المصدر الوحيد الداعم عمليا للمقاومة الفلسطينية بمواجهة “اسرائيل”، وحيث ترى “اسرائيل” أو الولايات المتحدة، حساسية وأهمية ما قدمه حزب الله للمقاومة الفلسطينية، سوف يكون حجب حزب الله، فيما لو قبل ايضا مساعدته للفلسطينيين، عامل أساس في إنهاء والغاء هذه المقاومة، وبالتالي تطويع الداخل الفلسطيني تبعا لشروط ومشاريع الادارة الاميركية بضغط من العدو الاسرائيلي، وبتواطوء من العرب المنخرطين بتلك المشاريع.
ويبقى البند المتعلق بالتعاون مع الأميركيين في موضوع تنظيم “القاعدة”، وتكمن حساسيته وخطورته في اتجاهين، الأول: ما يمكن أن يشكله من حماية خفية لـ”القاعدة”، والتي هي عملياً صنيعة الأميركيين، من خلال ما يقدمه حزب الله – بطريقة غير مباشرة طبعاً – من معلوماته التي اكتشفها عن “القاعدة” وميادين عملها وأساليبها، والتي ستشكل معطيات لتعديل وتصحيح أسلوب عملها، وبالتالي عملياً، ابعادها عن قدرة حزب الله الاستعلامية وحمايتها.
الاتجاه الثاني في هذا البند، والذي لا يقل خطورة عن الاول هو: ما يمكن أن يشكله تعاون حزب الله مع الاميركيين في هذا الموضوع من انكشاف أسلوب حزب الله في الاستعلام والأمن، وقد يكون هذا البند من أخطر البنود على قادة حزب الله وعلى أماكن تواجدهم، بالاضافة طبعا لانكشاف قدراته وموارده البشرية والتقنية والعسكرية.
وأخيراً، يبقى الوعي والالتزام والثبات، الذي يتمتع به حزب الله قادة وكوادراً وعناصر، الاساس في مواجهة هذه المعركة العالمية الشرسة على المقاومة، وعلى دورها وموقعها ورسالتها.