البطش شهيداً؛ لماذا الموساد؟!

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

اغتيال العلم والفكر العربي من جديد ولكن هذه المرة في العاصمة الماليزية كوالالمبور التي احتضنت العالم والأكاديمي الفلسطيني الدكتور فادي البطش، الذي لم يسلم من بطش القتلة الذين نفذوا جريمتهم بحقه يوم أمس السبت بينما كان في طريقه إلى المسجد، حيث أطلق عليه منفذو الجريمة 10 رصاصات بالرأس والصدر من مسافة صفر، بحسب مسؤول شرطة كوالالمبو.

 

لماذا الموساد؟!

 

عندما تعلم أن الشهيد البطش كان يعمل لمصلحة حركة حماس ويساهم بشكل كبير في تطوير قدراتها القتالية ولاسيما تصنيع الطائرات من دون طيار، إلى من توجه أصابع الاتهام؟!، مؤخراً أصبح العدو الصهيوني حساساً أكثر من اللازم تجاه تطوير الطائرات من دون طيار لمدى تأثيرها عليه وعلى نشاطاته العدوانية كما أنها تشكل قوة ردع لا يستهان بها قبل بدء الحرب وخلالها.

 

حادثة اغتيال المهندس البطش تعيد على أذهاننا عملية اغتيال الشهيد المهندس التونسي الطيار محمد الزواري، في ديسمبر / كانون الأول 2016، في عملية نُسبت إلى الموساد، وكان المهندس الزواري أيضاً يعمل على تطوير الطائرات من دون طيار لمصلحة القسام، حيث إن الطائرات من دون طيار باتت مركباً أساسياً من مركبات القوة العسكرية للمقاومة في غزة وأحد مصادر التهديد الجدية لإسرائيل.

 

وفي هذا الإطار قالت ماجدة صالح زوجة الشهيد المهندس التونسي الطيار محمد الزواري، إن جريمة اغتيال الشهيد فادي البطش تتشابه مع ملابسات ووقائع اغتيال زوجها الشهيد، وتحمل نفس البصمات التي تشير إلى تورط الموساد الإسرائيلي في هذه العمليات.

 

من جهتها قالت صحيفة “هآرتس” العبرية يوم أمس، إن “المهندس الفلسطيني فادي البطش الذي جرى اغتياله فجر اليوم على يد مجهولين في ماليزيا، لم يُقتل من أجل وضعه الأكاديمي، إنما بسبب مشاركته في بناء قوة حماس في غزة”. على حدّ زعمها، وهذا يعدّ بحدّ ذاته اعترافاً ضمنياً من قبل الصحيفة باغتيال البطش على أيدي إسرائيلية.

 

الكيان الإسرائيلي ومعه الموساد لم يتبنيا حتى اللحظة عملية الاغتيال، وهذا الأمر ليس بالجديد على سياسة الكيان الصهيوني الذي يحاول امتصاص ردة الفعل في البداية وعندما “تبرد القضية” وتجد إسرائيل الفرصة مناسبة للإعلان عنها لن تتوانى عن ذلك، وجميعنا شاهد مقطع الفيديو الذي تم نشره مؤخراً من قبل الإسرائيليين حول عملية تدمير منشآت سورية قالت إنها نفذتها في العام 2007، لذلك لا نستغرب أبداً أن تعلن تل أبيب عن اغتيال البطش في اللحظة التي تجدها مناسبة.

 

هذه السياسة يراها العدو مناسبة جداً لردع فصائل المقاومة وإجهاض أي عميلة تريد أن تنفذها في المستقبل، وسجل الصهاينة طويل جداً منذ نشأة كيانهم في اغتيال العقول وأصحاب الأدب والفكر، يقول موشي دايان “إذا امتلك العرب أي كمية من الذرّة، فإن جنونهم لن يردهم عن المغامرة”، واستعداداً لذلك أنشأت إسرائيل شعبتين: الأولى تابعة “للجيش الإسرائيلي”، والأخرى تنتمي إلى الموساد لغرض جمع المعلومات وتقصّي الحقائق ومتابعة نشاط العلماء العرب المختصين بالذرة والعلوم النادرة في جميع أنحاء العالم، كما أضفت إسرائيل على الاغتيالات الطابع المؤسسي، وكانت رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير قد استحدثت جهازاً خاصاً بعمليات الاغتيال أطلق عليه “المجموعة إكس” وألحقت به وحدة مختصة بالاغتيالات من جهاز الموساد.

 

هذا العقل الإسرائيلي الخسيس والجبان يعمل ليل نهار على إضعاف المقاومة من الداخل وإحداث قوة ردع تمنع المقاومين من ممارسة نشاطاتهم بحرية وجعل الشك يتسرب إلى صفوفهم، وما قتل العلماء العرب إلا رسالة واضحة لجميع المقاومين بأن من يسلك هذا الطريق سيكون مصيره مشابهاً للزواري والبطش وفتحي الشقاقي الذي اغتيل في مالطا عام 1995 على أيدي الموساد وغيرهم.

 

الرد على اغتيال الشهيد البطش

 

حركة حماس من وجهة نظر الصهاينة لن تردّ على هذا الاغتيال لكون الموساد لم يعلن مسؤوليته عن العملية من جهة، ولكون حماس لا تريد الردّ فهي تعمل حالياً على المحافظة على روح المظاهرات السلمية بالقرب من السياج الحدودي، هذا الاطمئنان الإسرائيلي مقلق جداً، لأن العدو لا يفهم سوى سياسة العنف و”العين بالعين”، وهو بحاجة اليوم لأمثال “الأمير الأحمر” حسن سلامة الذي تولى قيادة العمليات الخاصة ضد مخابرات الاحتلال في العالم من لبنان عام 1970، ولاحق موساد الاحتلال الصهيوني، واغتال عدداً من ضباط المخابرات حول العالم، وحماس اليوم أحوج أكثر من أي وقت مضى لأمثال الأمير الأحمر لردع العدو عن اغتيال عقول المقاومة.

 

رد حماس جاء على الشكل التالي، أكدت حماس على أن البطش هو أحد أفرادها، وأنه تخصص بالإلكترونيات، الطاقة البديلة والطائرات غير المأهولة، في حماس أدانوا بشدة اغتيال البطش واتهموا “أيدي العدو الغادرة” باغتياله، وطالبوا السلطات الماليزية بفتح تحقيق حول مقتله بأسرع وقت قبل أن ينجح المنفذون بالفرار من البلاد.

 

ختاماً؛ العرب نائمون أو يتجاهلون عمداً قضية الشهيد البطش وكلاهما مرُّ، فلم يخرج حتى اللحظة أي زعيم سياسي عربي يدين عملية الاغتيال أو على الأقل يعلن تضامنه مع الشهيد البطش، الجميع صامت، على عكس الغربيين الذين تضامنوا مع اغتيال الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال بلندن، حيث تضامنت بريطانيا مع القضية وعملت على مواجهة روسيا بجميع الطرق المتاحة.

قد يعجبك ايضا