“جبهة البوليساريو” وحقيقة العلاقة مع إيران وحزب الله
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
قضية “جبهة البوليساريو” تطلّ على المشهد السياسي الإقليمي بحلّة جديدة بعد أن فشلت الأمم المتحدة وكل الوساطات الدولية بإيجاد حل لهذه المعضلة التي بدأ الحديث عنها منذ ثلاثة عقود دون الوصول إلى نتيجة مرضية لطرفي النزاع “المغرب – جبهة البوليساريو”، حيث تطمح الأخيرة التي تأسست في سبعينات القرن الماضي، إلى إقامة دولة مستقلة في إقليم الصحراء الغربية ولم تتمكن من ذلك حتى كتابة هذه السطور.
واستمر الصراع بين الجبهة وسلطات المغرب لعقود طويلة تمكنت فيها المغرب من صدّ جميع هجمات البوليساريو العسكرية، ومع ذلك بقيت الجبهة قوية وفاعلة وتملك بنية متينة لم يستطع المغرب اختراقها، واتهمت المغرب دولاً مثل الجزائر وليبيا بدعم الجبهة ومدّها بالمال والسلاح.
ما الجديد اليوم؟!
الملف الذي تمّ فتحه اليوم مختلف تماماً؛ إذ تتجه سطور كتابته العدوانية نحو “حزب الله” اللبناني ومن خلفه إيران، حيث وجّهت المغرب اتهامات إلى حزب الله بدعم وتدريب جبهة البوليساريو بالتعاون والتنسيق مع إيران، الأمر الذي نفاه الحزب جملة وتفصيلاً، وقال حزبُ الله في بيان له: ” إنهُ من المؤسفِ اَنْ يلجأَ المغربُ بفعلِ ضغوطٍ أمريكية وإسرائيلية وسعودية لتوجيه الاتهاماتِ الباطلة”.
والغريب أن المغرب وعلى إثر هذه الاتهامات قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران يوم أمس، وأعلن عزمه إغلاق سفارته في طهران، وطرد السفير الإيراني من الرباط، ردّاً على “تعاون طهران مع “جبهة البوليساريو” بوساطة “حزب الله”، لاستهداف أمن المغرب ومصالحه العليا”، بحسب ادعاءات الخارجية المغربية.
وفي هذا الإطار رأى حزب الله اللبناني أنه كان حريّاً بالخارجية المغربية أن تبحث عن “حجة أكثر إقناعاً لقطع علاقاتها مع إيران”، التي “وقفت وتقف إلى جانب القضية الفلسطينية وتساندها بكل قوة بدل اختراع هذه الحجج الواهية”، وفق البيان.
في مقابل ذلك رفضت جبهة البوليساريو الاتهامات المغربية الموجهة ضد “إيران” و”حزب الله”، وجاء هذا الرفض على لسان المسؤولة في جبهة تحرير البوليساريو النانة لبات الرشيد، حيث اعتبرت هذه الاتهامات باطلة جملة وتفصيلاً.
ونفت جبهة البوليساريو في بيان، اليوم الأربعاء، وجود أي مدرب أو حضور عسكري لأي قوة أجنبية كانت مع جيش التحرير الشعبي الصحراوي الجناح المسلّح لجبهة البوليساريو.
من جانبه قال ممثل “البوليساريو” في فرنسا، أبي بشراي البشير: “الجبهة تتحدى الحكومة المغربية في تقديم أي دليل يدعم ادعاءها هذا الذي لا سند ولا أساس له على الإطلاق”.
ما الغاية من توجيه هذه الاتهامات لـ “إيران” و”حزب الله” في هذا التوقيت ومن يقف وراء تحريض المغرب على ذلك؟!.
أولاً: إيران لا يربطها أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع “جبهة البوليساريو”، والجميع يعلم أن طهران جمّدت علاقتها مع الجبهة منذ سبعينات القرن الماضي، وتحدّث عن هذا الأمر النانة لبات الرشيد، مديرة دار الطباعة والنشر الوطنية التابعة للجمهورية الصحراوية البوليساريو، وقالت الرشيد إن “إيران جمّدت اعترافها بالجمهورية الصحراوية منذ منتصف التسعينيات، وليست هناك علاقة دبلوماسية نشطة بينهما، كما أن إيران لم تقدم أي شكل من أشكال الدعم للبويساريو”.
ثانياً: هذه النافذة الجديدة يطلّ منها من لا يريد الخير للمنطقة لإبراز حقده تجاه دول وحركات مقاومة تؤرق البعض وتعطّل مشاريعهم التقسيمية للشرق الأوسط، وبعد فشل كل المحاولات السابقة للقضاء على هذه الدول والحركات، بدأت بعض الدول باللعب على ورقة ضغط جديدة علّها تعطي مبررات وغطاء دولياً لتوجيه العداء لهذه الدولة أو تلك الحركة تحت عنوان “التدخل بشؤون الدول الداخلية”.
نحن نتكلم هنا عن السعودية التي باركت قطع المغرب العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ولمن لا يعلم فإن المغرب هي مرتع الملك السعودي للاستجمام ويملك الملك وابنه قدرة تأثير كبيرة على صناع القرار في المغرب ناهيك عن سعي المغرب للدخول إلى المشهد الإقليمي تحت الجناح السعودي وفي نفس الوقت يريد الملك المغربي التودد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ظل حدوث تغييرات إقليمية ودولية جديدة لا يستطيع أحد أن يخمّن فيها من يبقى ومن يرحل، فضلاً عن الثقل الذي تملكه واشنطن في مجلس الأمن احتساباً لأي مفاوضات قادمة مع “جبهة البوليساريو” في مجلس الأمن والتي ترعاها الأمم المتحدة.
ثالثاً: لا ننكر أن إيران دولة إقليمية قوية وفاعلة على المستوى الدولي، إلا أن حجم التضخيم المفتعل من قبل الإعلام السعودي ضدّ إيران دفع بحلفاء الرياض وبتحريض منها على توجيه التهم سريعاً إلى إيران.
رابعاً: ماذا يفعل حزب الله في تلك البلاد، فمن المستغرب جداً أن يفاخر السعودي والإسرائيلي بأن حزب الله يعاني اليوم من أزمة مالية، بسبب العقوبات وتكاليف حضوره في سوريا، إلا أنهم في الوقت عينه يوجهون التهم إليه بدعم هذه الجبهة.
في الحقيقة لا ندري ما الصلة بين حزب الله والمحيط الأطلسي لعل ابن سلمان يريد إقناع ترامب بحضور حزب الله في المحيط للهجوم على أمريكا!!
على ما يبدو أن السياسة الغربية ومن يتبعها تصاغ على الشكل التالي “كل من يعادي حزب الله وإيران فهو صديق وكل من يدعمهم هو عدو مطلق بغض النظر عن أي اعتبار” ومع ذلك نقول لم يرينا أي أحد من المحور المعادي لإيران أي بارقة سلام في المنطقة ولا حتى أي نموذج أخلاقي للتعامل مع الدول المجاورة.