الأسير المحرّر شهاب المارعي يروي لصحيفة المسيرة ما شهده خلال فترة الأسر

موقع أنصار الله || صحافة محلية || المسيرة

اعتقل الغزاة امرأتين ورجلين تجاوزا السبعين والثمانين عاماً وقاموا بتعذيبهم بوحشية

 

قام الغزاة بنهب منازل وسيارات ومجوهرات المواطنين في حيس واعتقلوا العشرات بدون تهمة

 

يمارس الغزاة الإماراتيون والمرتزقة أبشع أنواع التعذيب بحق الأسرى والمعتقلين

 

تعرض بعض الأسرى للذبح على يد قيادي مرتزِق وقيادات تكفيرية تشارك في التعذيب والتحقيقات

 

المسيرة: خاص

 

نجحت اللجنةُ الوطنية للأسرى مؤخراً في تحرير 74 أسيراً من أبطال الجيش واللجان الشعبية في جبهة الساحل الغربي ينتمون لمعظم محافظات اليمن، في عملية تبادل أزاحت الستارَ مجدّداً عن جوانبَ من ممارسات الغزاة والمرتزِقة تجاه الأسرى وغيرهم من المواطنين الذين يجري اعتقالهم بشكل يومي في المناطق الواقعة تحت الاحتلال.

 

في سجون ومعتقلات الاحتلال، يتعرض الأسرى لشتى أنواع التعذيب، وفي حالات يتعرض قلة منهم للإعدام، ولولا أن لدى الجيش واللجان الشعبية آلافَ الأسرى المرتزِقة بينهم عشرات أَوْ مئات القيادات الذين يسعى الغزاة لمبادلتهم، لَما توانى الغزاة والمرتزِقة عن إعدام الكثير من الأسرى.

 

ومن بين الأسرى الـ 74 من أبطال الجيش واللجان المحرّرين مجاهد يُدعى شهاب المارعي من أبناء مديرية المحابشة بمحافظة حجة، الذي التقت به صحيفةُ المسيرة وحصلت منه على شهادة مفصّلة لما يتعرض له الأسرى وكذلك المواطنون الذين يجري اعتقالُهم ونهب منازلهم والزج بهم في السجون والمعتقلات ونقلهم بين المعسكرات وأحياناً كثيرة يجري استخدامُهم كدروع بشرية لإثناءِ القُـوَّة الصاروخية عن استهدافِ معسكرات الغزاة والمرتزِقة.

 

وقبلَ الدخول في تفاصيل شهادة الأسير المحرّر، فإنَّ ما لوحظ من حديثه للصحيفة وشهادات الأسرى المحرّرين في الفترات السابقة هو اعتماد الغزاة والمرتزِقة على تعذيب الأسرى والتحقيق معهم وضربهم؛ انطلاقاً من قواعد طائفية تكفيرية بحتة وكذلك تكشف التحقيقات مع الأسرى حجمَ الإخفاق الاستخباراتي لدول العدوان التي عادةً ما تركز في التحقيقات على توجيه أسئلة للأسرى تتعلق بمواقع تخزين الصواريخ الباليستية ومخازن الأسلحة الأخرى وكذلك أماكن تواجُد قيادات الجيش واللجان الشعبية والقيادات المناهضة للعدوان.

 

يقول الأسير المحرّر شهاب المارعي لصحيفة المسيرة إنه وقع في الأسر قُرب معسكر خالد بمديرية موزع بالساحل الغربي بعد أن تعرّضت إحدى قدَمَيه لرصاصتين، ومن موقع الأسر جرى إجبارُه على المشي رغم الإصابة تلك، فكان ذلك بداية لانطلاقة مسلسل التعذيب الذي مارسه المرتزِقةُ بحقه إلى جانب التعذيب النفسي من قبيل أن آسريه يتعمدون إخباره أنهم سيقومون بقتله في الساحل الغربي، وبالفعل قاموا بإشهار بنادقهم باتجاهه على أساس أنهم سيقتلونه، ثم يأتي أحدُ قيادات المرتزِقة ليقول لهم “توقفوا سنقوم بالتحقيق معه وبعد ذلك اقتلوه”.

 

 

 

التحقيقُ الطائفي

 

بعدَ إجباره على المشي على قدَمَيه رغم إصابته في إحداهما وإيهامه بأنه سيتم إعدامه، قام مرتزِقةُ العدوان بنقل الأسير “شهاب” إلى عدن وهناك أظهر المحقّـقون من قيادات المرتزِقة البُعدَ الطائفي في أسئلتهم التي يوجهونها للأسرى، حيث يقول شهاب: إن المحقّـقين قالوا له إن “أفرادَ الجيش واللجان الشعبية يزعمون أن السيد عبدالملك الحوثي يعلم الغيب، وأن المجاهدين يؤمنون بزواج المتعة ويعبُدون القبور”، واصفين إياهم بـ “المجوس”، ثم جاء محقّـقٌ بهيئة التكفيريين وأعاد نفس الأسئلة وأسئلة خارجة عن الأخلاق ولا تصلح حتى للذكر، لكن الأسير “شهاب” أجاب هذه المرة قائلاً إنه يخجل أصلاً من مجرد الكلام عن هذه الأمور الخارجة عن الأخلاق والقيم والدين، ووجّه سؤالاً عفوياً للتكفيري الذي حقّـق معه قائلاً: “أنت وجّهت لي سؤالاً بالنسبة لي أخجلُ أن أنطقَ به وأنت تدّعي التدين، فهل تعتقدُ أن مَن ذهب للجبهة ليقدم روحَه سيفعل ما تقوله؟”، لكن المحقّـق التكفيري أصرَّ على ادّعاءاته التي يردّدها أبواقُ العدوان حول “المتعة والمجوسية وعبادة القبور… إلخ”.

 

تم نقلُ الأسير شهاب خلال عدة أشهر في عدن من منزل إلى آخر يستخدمُها الغزاةُ والمرتزِقةُ للتحقيق مع الأسرى وسجنهم فيها قبل أن يتم تسليمُه لأتباع القيادي التكفيري عبدالرحمن اللحجي قائد ما يسمى اللواء الثالث عمالقة الذي طلب تسليمَه الأسير لمبادلته بأحد قيادات المرتزِقة الأسير لدى الجيش واللجان.

 

وتعرض الأسير شهاب قبل وبعد تسليمه للمرتزِق اللحجي لشتى أنواع التعذيب حيث يقول حول إحدى مراحل الأسر “جلست ثلاثة أشهر في الحريجية، وكانوا يمارسون علينا أشد أنواع التعذيب والضرب حتى أَصْبَـحت أجسادنا نحيلة جداً كدنا نفارق الحياة. كنت أتساءل عن هؤلاء الذين يدّعون أنهم أهل السُّنة!”.

 

 

 

اعتقالُ وتعذيبُ كبار السن

خلال تواجده في الأسر، شهد الأسير المحرّر شهاب واقعتين قام بهما المرتزِقة والغزاة باعتقال رجلين كبيرين في السن دون أي ذنب وجرى تعذيبهما لدرجة أن أحدهما أصيب بشلل نصفي.

 

ففي إحدى الواقعتين يقول الأسير المحرّر شهاب: “في أحد الأيّام أدخلوا إلى زنزانتي شخصاً يتجاوز عمره السبعين عاماً اسمه عبدالله عبدالله الفقيه من حرض، يظهر عليه آثار التعذيب الشديد، وعندما تحدثت معه عن سبب اعتقاله، أخبرني أنه كان لديه عدد من الإبل وكان يرعاها، فأخذوه وعذّبوه، وقاموا بسحبه بعد ربطه إلى إحدى المدرعات، ومارسوا بحقه أشد أنواع العذاب ولم يرحموا كبر سِنّه”.

 

أما الواقعة الثانية فكانت عندما دخل الغزاة والمرتزِقة إحدى المناطق الواقعة على الشريط الساحلي التابعة للمديرية الدريهمي، وهناك قام المرتزِقة باعتقال رجل عمره 82 عاماً كان يبحث عن مصير أحد أبنائه الذي اعتقله المرتزِقةُ رغم أنه مختل عقلياً، ليقوموا باعتقاله هو الآخر وتعذيبه تعذيباً قاسياً لمرحلة عجز فيها عن المشي على أقدامه، وبقي مع الأسرى أَكْثَــرَ من شهر، وفي إحدى المرات دخل عليهم القياديُّ التكفيري رائد اليافعي قائد ما يسمى اللواء الأول عمالقة، فظن الرجل المسن أنه قد يساعدُه فقال له “أسألك باللي ولّاك الأمر أنك تنظر في قضيتي، أنا مسكوني في الشارع بزوني بعد ابني، لا معي لا سلاح ولا شيء، ولا جيت احارب، وشلوا عليا المقاومة 30 ألف والبصاير”، لكن القيادي التكفيري رد متهماً الرجلَ المسن بالتعاون مع الجيش واللجان الشعبية وبعدها بثلاثة أيام أصيب بشلل نصفي.

 

يقول المجاهد شهاب: إن ذلك الرجل المسن الذي يعود أصله لمنطقة القفر وبعد إصابته بشلل نصفي قام بتسليم وصيتِه لأحد المعتقلين الذين ينتمي لنفس منطقته وهو يبكي وبقي معتقلاً مع الأسرى ولا يعلم الآن ما هو مصيرُه.

 

 

 

الجلّادون الإماراتيون

يشارِكُ ضباطُ الاحتلال الإماراتي في تعذيب الأسرى والمعتقلين ويشاركون أيضاً في التحقيق مع الأسرى، حيث يكشف الأسير المحرّر شهاب المارعي أن الضباط الإماراتيين يقومون بضرب الأسرى على وجوههم ويستخدمون الأسلاك الكهربائية لجلد الأسرى والمعتقلين على ظهورهم ورؤوسهم وأحياناً يقومون بركل الأسرى والقفز فوق أجسادهم، ووقتها كان قد تم نقل شهاب وعدد من الأسرى من عدن إلى المخاء، حيث الضباط الإماراتيين الذين ينفّـذون جدولاً يومياً لتعذيب الأسرى وإهانتهم والتلفظ بألفاظ نابية وغير أخلاقية بحقهم.

 

وفي إحدى مراحل الأسر والتعذيب من قبل ضباط الاحتلال الإماراتي، يقول الأسير المحرّر إنه بعد أسبوع من التعذيب قام الضباط الإماراتيون بالتحقيق معه ومع عدد من الأسرى، وفي بداية التحقيق يقولون للأسرى “نريد منكم معلومات مهمة ومفيدة ما لم سنواصل تعذيبكم يومياً”.

 

وفي إحدى جلسات التحقيق أجاب الأسير شهاب على المحقّـقِ الإماراتي بأنه انطلق للجبهة استجابة للنفير ضد العدوان، فما كان من المحقّـق الإماراتي “لسنا عدوان لقد جئنا لتحريركم يا (….) أنتم الشماليين كلكم”، فأجاب الأسير شهاب “بل عدوان قصف المدارس والمستشفيات والطرق وفرض حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على الشعب لتجويعهم”.

 

وكالعادة، وفقاً لشهادة الأسير المحرّر، يظهر الغزاة الإماراتيون جانباً من تخبّطهم العسكري والاستخباراتي وفشلهم في تحقيق أهدافهم؛ ولذلك يهتمون خلال التحقيقات بتوجيه أسئلة للأسرى حول أماكن تواجد الصواريخ الباليستية ومخازن الأسلحة ومكان تواجد القيادات العسكرية والأمنية والقيادات المناهضة للعدوان، ولكن دون جدوى، حيث يتحلى الأسرى بالصبر والإيْمَـان والثبات الذي يجعلهم يصمُدون في وجه الجلادين.

 

وكما يفعل الغزاة في سجونهم السرية بالمحافظات الجنوبية يتعرض بعض الأسرى للتعذيب بعد نزع ملابسه وجلده عارياً.

 

ومن جانب آخر يستغرب المجاهد شهاب من بعض أسئلة المحقّـقين الغُزاة من قبيل توجيه أسئلة للأسرى عن عدد غرف منزلهم وعن والديهم وعن عدد المواشي التي يمتلكونها وغيرها من الأسئلة.

 

كما يكشف الأسير المحرّر أنهم كانوا يتعرّضون للتجويع من قِبَلِ الغزاة والمرتزِقة، خصوصاً عندما تقوم قُـوَّات الجيش واللجان الشعبية بتنفيذ عمليات عسكرية هجومية ويلحقون خسائرَ كبيرة بالغزاة والمرتزِقة.

 

 

 

نهب المنازل واعتقال النساء

خلال تواجده في الأسر، شهد الأسير المحرّر شهاب على العديد من الجرائم، وفي كثير من المرات كان المواطنون الذين يتم اعتقالهم بالعشرات والزجِّ بهم في المعتقلات يحكون للأسرى ما يفعلُه الغزاة والمرتزِقة.

 

وفي هذا السياق وعقب دخول الغزاة والمرتزِقة إلى مديرية حيس قاموا باعتقال عشرات المواطنين واعتقلوا أيضاً نساء بتهمة القبول بتواجد قُـوَّات الجيش واللجان الشعبية والتعاون معها.

 

والتقى الأسير شهاب عدداً من المواطنين الذين تم اعتقالُهم، والذين بدورهم أكّـدوا أنه تم اعتقالُ العشرات من أبناء حيس وكانوا ينقلون البعض للمعتقلات التي يُديرها ضباط وجنود سودانيون، ومعتقلات أخرى وهناك تعرضوا لشتى أنواع التعذيب بنفس الطريقة التي يتعرضُ لها الأسرى وكذلك يخضعون لتحقيقات مصحوبة بالتعذيب وتوجه لهم تهم من قبيل “أنتم كنتم توفرون وجباتٍ للحوثيين، ولماذا قبلتم بتواجدهم؟”، كما قام الغزاة والمرتزِقة بإجبار عشرات المعتقلين بعد إخراجهم على أن يتظاهروا وكأنهم يحتفلون بدخول الغزاة والمرتزِقة؛ بغرض تصويرهم ونقل ذلك في نشرات الأخبار التي تبثها دول العدوان.

 

ومما شهده وعلم به الأسير المحرّر شهاب من المواطنين المعتقلين أن الغزاة والمرتزِقة قاموا باعتقال زوجة أحد عُقّال الحارات وزوجة أحد القضاة ووجّهوا لهما اتهامات مفبركة بالتعاون مع الجيش واللجان الشعبية.

 

كما شهد الأسير شهاب تحقيقات الغزاة والمرتزِقة مع المواطنين الذين تم اعتقالهم، ويقول إن المعتقلين أثناء التحقيق كانوا يشتكون من أن عناصرَ المرتزِقة قاموا خلال دخولهم مناطقهم باقتحام منازلهم ونهب محتويات ونهب مجوهرات نسائهم وسياراتهم.

 

أحد المحقّـقين وهو قائدُ أحد ألوية المرتزِقة الذين سمع شكوى أحد المواطنين من أنه تعرض للنهب من قبل المرتزِقة رد عليه المحقّـق “أيش أعمل لك أنا، احنا جينا نحرّركم، ما تحنا دارين من هو اللي أخذ سيارتك أَوْ ذهبك، ولا تحنا دارين من هو دخل البقالة حقك، أجي احاسب اللواء كله من أجلك؟”.

 

 

 

دروع بشرية وذبح أسرى

وفقاً لشهادة الأسير المحرّر شهاب في حديثه لصحيفة المسيرة، يقوم المرتزِقةُ في الساحل الغربي بنقل الأسرى والمواطنين من معتقل إلى آخر وإلى المعسكرات التابعة للعدوان؛ بهدف استخدامهم دروعاً بشرية لمنع قُـوَّات الجيش واللجان من استهدافهم بالصواريخ الباليستية.

 

ففي معسكرات مثل الدفاع الجوي ومعسكر أبو موسى الأشعري بالخوخة، حيث يتواجد ضباط إماراتيون وجنود سودانيون، يتم نقل الأسرى وعشرات المواطنين المعتقلين دون أية تهمة إلى تلك المعسكرات لاستخدامهم دروعاً بشرية.

 

وإلى جانب استخدام الأسرى والمواطنين دروعاً بشرية، شهدت معتقلاتُ المرتزِقة عدة حالات لجرائم ذبح تعرض لها بعض الأسرى.

 

ومن بين تلك الجرائم التي يكشفُها الأسيرُ المحرّر، قيامُ القيادي المرتزِق حسن ماهر بذبح أحد أسرى الجيش واللجان يدعى محمد أبو جلي بعد شهرين من أسره، وقام بعد ذلك بذبح أسير آخر يدعى محمد بن عمرة من مجاهدي الجيش واللجان بعدَما تعرَّض للتعذيب لمدة أسبوع.

قد يعجبك ايضا