قصص التعذيب داخل السجون الإماراتية الأمريكية ((جرائم تعذيب هي الأبشع في التاريخ الحديث

|| صحافة محلية || صحيفة لا

لا وجه للمقارنة بين أخلاق اليمنيين الذين يقدمون أرواحهم الزكية دفاعاً عن تراب الوطن الغالي، وأخلاق أذناب الاستعمار وجحافل العمالة والارتزاق ممن ارتهنوا بأنفسهم وأرضهم لكهنة قوى الرجعية والاستعمار؛ إذ إن الحرب العدوانية التي تشنها قوى العدوان الأمريكي السعودي على البلد منذ أكثر من ثلاثة أعوام قد كشفت الحقد الأعمى الكامن في نفوس الأعداء لأبناء الشعب اليمني، وتعد معاملتهم للأسرى أبلغ صورة شاهدة على الأخلاق الدنيئة التي يحملها أشباه الرجال، حيث إن ما يمارسه جحافل العدو بحق الأسرى من المواطنين العزل ومن الجيش واللجان الشعبية، من صنوف القهر والقتل والتعذيب والإهانات في جرائم تؤكد منظمات حقوقية دولية أنها الأبشع في التاريخ الحديث، هو نموذج واضح لمشروع الانحطاط الذي يسعى العدوان لتعميمه على كافة الجغرافيا اليمنية. . (لا) التقت عدداً من الأسرى الذين رووا تفاصيل مروعة عما عاشوه لدى وحوش الدم، بعد أن تم الإفراج عنهم مؤخرا من معتقلات قوى العدوان، وهذا ما سنجده في هذه السطور.

 

زاوية من جرائم العدو في المعتقلات

الأسير شمسان عبدالوهاب الشرفي (33 عاماً) مواطن من أبناء مديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز، احتجزته عصابات تحالف العدوان منتصف العام الماضي أثناء مروره بمنطقة الهاملي شرق المخا، حيث كان متجهاً إلى مدينة الحديدة، ليقضي بعدها 11 شهراً متنقلاً بين سجون الاحتلال الإماراتي في مدينة المخا الساحلية، ولم يتم الإفراج عنه إلا بعد أن دفع مبالغ مالية كبيرة خلال تلك الفترة.

شمسان يروي لنا جانباً مما تعرض له ورفاقه وما شاهده بعينيه في سجون المرتزقة مما يكشف مدى الممارسات الإجرامية للوحوش المسعورة التي باعت نفسها رخيصة لخدمة أجندات المحتل الجبان، حيث يقول: (بعد أن أخذوني تركوني في خيمة بمدينة المخا وكان معي شخص من محافظة إب وهو من أفراد الجيش واللجان وكان جريحاً وكان مسلحو المرتزقة يقولون له: سب الحوثي، وهو يرفض، وقاموا بإطلاق الرصاص أمام رأسه. بعد ذلك جاء طقم عسكري وأخذ صاحب إب وكنت أظن أنهم سيعالجونه، لكني علمت لاحقاً أنهم ذبحوه، حيث سألت عليه أحد أفراد الحراسة فأخبرني أنه تم ذبحه على يد أبو هارون. لم أكن أعرف شيئاً عن أبو هارون، لكني علمت بعد أيام أنه قيادي سلفي من أبناء منطقة يافع وهو المسؤول عن ذبح الأسرى).

 

ظلمات المعتقل

ويتابع شمسان: (بعد أن جردونا من الملابس وأخذوا منا كل ممتلكاتنا قاموا بنقلنا إلى معسكر الدفاع الجوي، ومن ثم تم نقلي إلى سجن صغير عبارة عن غرفة صغيرة جداً لا يتجاوز طولها 3 أمتار وعرضها متر ونصف مطلية باللون الأسود ولها نافذة واحدة صغيرة جداً لا تتجاوز مساحة كف اليد، وكنت برفقة 3 أشخاص أحدهم مجنون وآخر عاقل حارة في الهاملي، والثالث أحد أفراد الجيش واللجان وهو من محافظة عمران).

 

الضرب المبرح

في المناطق المحتلة لا ينجو أحد من بطش قوات الاحتلال ومرتزقتها مهما كان عمره أو جنسه أو عمله… يقول شمسان: (بشكل شبه يومي كنا نستقبل أسرى ومختطفين جدداً، وبدون أي أدلة يتم زج العشرات من أبناء مدينة المخا في السجن، ودائماً كانت التهمة الموجهة إليهم أنهم عملاء (للحوثيين) وكانوا يتعرضون للضرب المبرح. في إحدى المرات شاهدت مواطنين ممن تعرضوا للتعذيب وكانت جلود ظهورهم قد تمزقت من الضرب، لدرجة أنك تشاهد اللحم في صورة تقشعر لها الأبدان).

 

احتجاز الصيادين

ويواصل شمسان قائلاً إن المرتزقة قاموا باعتقال 18 صياداً من أبناء مدينة المخا وزجوا بهم في السجن، حيث التقى بهم وكانت تهمتهم الوحيدة أنهم قاموا بممارسة الصيد حيث حرمته القوات الإماراتية على كافة اليمنيين باستثناء المحسوبين والقوادين.

 

أساليب بشعة

أساليب التعذيب في سجون الاحتلال أبشع مما قد تتصوره العقول، بل وأصبحت عادة يومية يتلذذ أولئك القتلة بممارستها بحق الأسرى والمختطفين.

ويصفها الأسير شمسان بالقول: (لقد رأيت عدة أساليب بشعة للتعذيب إلى جانب الضرب المبرح بالسياط والصعق بالكهرباء، فإن المرتزقة كان لديهم أساليب أكثر بشاعة، ففي إحدى الليالي قام مرتزقة الاحتلال باستدعاء شخص من عدن وهو رياضي كمال أجسام وبطل اليمن 8 مرات في رفع الأثقال، وقام هذا الرياضي بضرب اثنين من أسرى الجيش واللجان، الأول يدعى عمار الشميري والآخر مصعب البرعي، أمامنا، ضرباً مبرحاً حتى سالت دماؤهما من أنفيهما بغزارة لمدة ساعتين، بعد ذلك قاموا بإجبارهما على حفر قبرين لهما لدفنهما حيين فيهما، وكانت هذه طريقة يستخدمونها دائماً. كل هذا حدث أمامنا وأمام قائد من أبناء يافع يحمل رتبة لواء كان متلذذاً بما يحدث).

 

الشواية

ويضيف: (أيضاً كان هناك طريقة اسمها الشواية، على طريقة شواية الدجاج المعروفة، حيث يقومون بربط الأسير بشكل مقوس ثم يتم وضعه على رافعة حديدية وتقليبه وضربه وهو معلق في الهواء. وكان المسؤول عن هذه الطريقة أحد قيادات المرتزقة يدعى رائد، وهو سلفي. ومن أساليب التعذيب أيضاً إحراق العلب البلاستيكية ووضعها وهي تحترق على أجساد الأسرى. وكان المسؤول عن التعذيب بهذه الطريقة قائد ما يسمى لواء تهامة. وكان المرتزقة قبل أن يقوموا بتعذيب الأسرى يرسلونهم إلى الضباط الإماراتيين في الميناء لتعذيبهم لمدة يوم أو يومين).

 

الابتزاز

أساليب التعذيب التي يمارسها مرتزقة العدوان تمادت لتصبح فريدة في بشاعتها وهمجيتها.  ومن القصص المأساوية التي تعبر عن ذلك قصة يرويها الأسير شمسان نقلاً عن أسير صادفه في الأسر: عثر أحد العمال في مدينة المخا على هاتف محمول لأحد أفراد المرتزقة، وعندما اتصل به المرتزق أخبره العامل بأنه سوف يأخذه إليه إلى مكانه، وعندما وصل إليه أخذ المرتزق التلفون وقال له: كان هناك مبلغ ألف ريال سعودي إلى جانب الهاتف هاتها، أين هي؟! فارتعب العامل حيث إنه لم يعثر سوى على الهاتف فقط، بينما الألف الريال السعودي لم تكن سوى قصة اخترعها المرتزق لابتزاز العامل، بعدها قام المرتزق باقتياد العامل واثنين من إخوانه إلى السجن وقاموا بتعذيبهم شر تعذيب ولم يخرجوا إلا بعد أن قام المقاول الذي يعملون عنده بدفع ألف ريال سعودي.

 

المتاجرة بالدين

ومن المضحك المبكي أن يستخدم هؤلاء المجرمون الدين ذريعة لقتل الأبرياء وتعذيبهم. يقول شمسان: (كان أحد القيادات السلفية يأتي إلينا في أوقات الصلاة ويحدثنا عن الصلاة حتى يمر وقتها ثم يتركنا، وهكذا لم أرَ أحدهم يصلي منذ أن دخلت ذلك المكان. وليس ذلك وحسب بل كانوا يسبون الرب أمامنا، فأي دين هذا الذي يدعونه؟!).

 

شجاعة رجال الرجال

ورغم كل صنوف التعذيب التي يواجهونها  داخل معتقلات الاحتلال فإن صرخة الحق تثبت أقدام المجاهدين الذين لا يخشون غير الله، حيث يواصل الأسير شمسان حديثه قائلاً: (لم أرَ مثل شجاعة الأسرى من الجيش واللجان، وكل حر يدافع عن بلده). وأضاف: (كان معنا أسير هو دكتور إسعافات أولية، وأثناء التحقيق معه كانوا يقولون له: أنت حوثي! قال لهم: أنا حوثي ووالدي حوثي ووالدتي حوثية وأخي استشهد مع الجيش واللجان في الحدود، وعندما أخرج سألتحق بالجبهات لقتالكم… فانهالوا عليه بالضرب المبرح لإجباره على أن يقول إن الحوثي يعطيهم حبوباً).. وهذه إشاعة راسخة لدى جحافل العمالة والارتزاق الذين يستثقلون الوقوف تحت مظلة الحرية ساعة واحدة بينما يركعون تحت أحذية أسيادهم، ومن يصرخ في وجههم دفاعاً عن كرامة الوطن فإنه بمعتقدهم يتعاطى نوعاً من الحبوب المخدرة!

 

أسير آخر

سليم محمد عبدالله (28 عاماً) من محافظة إب، الذي تم الإفراج عنه مقابل مبلغ مالي كبير، كان قد أسر في مايو قبل الماضي بمنطقة كرش بمحافظة لحج، وهو عامل في أحد المطاعم بمديرية الشيخ عثمان. يقول سليم في حديثه مع (لا) إن عناصر يتبعون أحد فصائل التحالف اعتقلوه بدون أي تهمة واقتادوه إلى سجن داخل مدرسة بحي كريتر ولم يسمحوا له بأن يخبر أسرته.

 

انتهاكات جسمانية

ويروي سليم تفاصيل ما جرى له داخل سجن الإصلاح قائلاً: (بعد مرور عدة أيام على أسري جاء إلي أحد المشرفين على السجن وأخرجني من غرفة السجن فظننت أنه قد تم الإفراج عني وفرحت كثيراً وكنت أسأل المشرف: إلى أين تأخذني؟ دون أن يجيب علي بشيء، ثم أدخلني غرفة صغيرة مظلمة، لا يوجد بها أحد، وركلني بقدمه حتى سقطت على الأرض وقال لي: اجلس هنا إلى أن تموت. وبقيت في تلك الغرفة يوماً ونصف يوم دون أكل أو شرب وكدت أهلك، حتى جاء أحدهم مع مرافقين ودخل علي الغرفة وقال لمن معه: ألم يعترف بعد؟! فقمت فوراً وقلت له: بماذا أعترف بالضبط؟! وبدون أي مقدمات انهال علي مرافقاه بالضرب المبرح حتى كان الدم ينزف من كل شبر في جسمي وخرجوا وبقيت لساعات مرمياً على الأرض لا أستطيع الحراك).

 

بسالة وشجاعة أسرى

الجيش واللجان

وخلال فترة أسره التي استمرت عاماً كاملاً تعرف سليم على بعض الأسرى الذين كانوا يتلقون تعذيبا شديداً. يقول: (تعرفت على أحد الأسرى وكان من مقاتلي الجيش واللجان يدعى أبو محمد وكان يتعرض للضرب المبرح بشكل يومي إلا أنه كان صامداً ولم يستسلم لرغباتهم). ويضيف سليم أنه في أحد الأيام جاء أحد الضباط يبدو أنه المشرف العام على السجن وهو يتحدث اللهجة الخليجية وعلى بزته العلم الإماراتي وقال: أين هم كلاب إيران؟! وأقدم مرافقوه على ضربنا برؤوس البنادق. وقال لنا الضابط الإماراتي وكنا 4 أشخاص في غرفة السجن: هذه فرصتكم الأخيرة، من يريد منكم أن يعود حياً إلى أسرته عليه أن يشتم سيده الحوثي. بعد ذلك دعا أحدهم وكان يحمل كاميرا وقال له: افتح التسجيل يا ابني، وكانت الكاميرا موجهة نحوي، وقبل أن يسألوني اندفع أبو محمد بكل شجاعة وهو يصرخ في وجه الكاميرا: الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على أسيادكم أيها العبيد، سوف نقتص لكل دم يمني سفكتموه أيها القتلة. بعدها اشتد غضب الضابط الإماراتي وأمر حراسة السجن بأخذ أبو محمد إلى زنزانة انفرادية وقال لهم: أريد أن أسمع صراخه إلى البحر).

ويكمل سليم: (بقيت تلك الليلة حزيناً على أبو محمد، لكني بالوقت ذاته كنت مستغرباً من موقفه الشجاع والقوي، برغم أنه أعزل وتحت قبضتهم وبإمكانهم أن يقتلوه بلا رحمة).

ويصف سليم شعوره آنذاك قائلاً: (لقد أدهشتني كثيراً تلك المواقف البطولية التي رأيتها من أسرى الجيش واللجان، لقد ساعدوني على تحمل فترة الأسر ولا أخشى شيئاً وأن أكون حراً لا أستسلم لرغباتهم مطلقاً).

 

تقارير دولية توثق جرائم التعذيب

القصص المأساوية التي يرويها الأسرى المفرج عنهم تضعنا أمام صورة قبيحة تكشف بشاعة العدو والمشروع التمزيقي الذي جاء من أجل تمريره وتعميمه على كافة أرجاء الوطن. وإلى هذه القصص فإن شواهد أخرى كثيرة تدل على الممارسات الإجرامية بحق الأسرى داخل السجون الإماراتية السعودية، حيث أكدت منظمات ومؤسسات حقوقية دولية وعلى رأسها (هيومن رايتس ووتش) في عدة تقارير ارتكاب قوات الإمارات أبشع أنواع جرائم التعذيب والاغتصاب في حق الأسرى داخل معتقلات سرية في المحافظات الجنوبية.

وذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير نشرته قناة (الجزيرة) القطرية الشهر الماضي أنها وثقت عشرات الانتهاكات القسرية من ضمنها الاغتصاب ارتكبها الجنود الإماراتيون بحق الأسرى في سجون سرية لهم في عدن والمكلا.

 

نسف المعايير الإنسانية

هناك الكثير من القصص المأساوية التي تحدث داخل السجون الإماراتية الأمريكية والتي تتجاوز ببشاعتها حدود الدين والعقل، وأمام مرأى ومسمع العالم يذبح الشعب اليمني على مأدبة أممية، غير أن العالم الذي يدعي حماية الحقوق والحريات يقف صامتاً أمام حرب كونية نسفت فيها كل المعايير الإنسانية.

قد يعجبك ايضا