تهديد أم حرب إعلاميّة.. هل يبدأ العدوان على غزّة الجمعة؟

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

 

لم يمض أقل من أسبوع واحد على العدوان الإسرائيلي على غزة حتى انقلبت الطاولة على البيت الداخلي الإسرائيلي، هذا ونحن في حالة فيها الإسرائيلي هو المعتدي على القطاع والمقاومة تعاطت مع العدوان بمنتهى الدقة والذكاء ولم تستخدم سوى بعض الرشقات الصاروخية تجاه الأراضي المحتلة فكيف إذا ما قررت الانتفاض على العدو الصهيوني.

 

الأيام القليلة الماضية أربكت الإسرائيليين وكان هذا واضحاً من الخلافات التي طافت على السطح بين الوزراء داخل الحكومة والاتهامات المتبادلة فيما بينهم حول العدوان الأخير، ما أظهر خللاً واضحاً في بنية الحكومة والتنسيق فيما بينها، ولهذه الأسباب وغيرها يتحدث الصهاينة اليوم عن التحضير لعملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة يوم الجمعة المقبل اقترنت بمناورات جارية واستدعاء للاحتياط إضافة إلى اتخاذه إجراءات أخرى على المعابر مع القطاع، فيما استهدف الكيان موقعين متقدمين لوحدات الرصد في المقاومة “شمال ووسط غزة”، فهل سيكون الإسرائيلي جادّاً في اتخاذ قرار الحرب وما هي احتماليات الرد في حال الاندلاع وما أبعاد ذلك؟!

 

خيارات الحرب

 

هناك عدة احتمالات تقود إلى بدء الحرب من عدمها، فالإسرائيلي اليوم يبحث عن طريقة يرّد فيها اعتباره بعد الخذلان الذي تعرّض له في الحملة العسكرية الماضية والتي ينطبق عليها المثل الشهير “تمخض الجبل فولد فأراً”، ومن الواضح جداً أن الحكومة الإسرائيلية تتعرض لضغوط كبيرة مصدرها المستوطنون أنفسهم، خاصةً أن خيار الحرب لم يعد بيدها حيث وافق البرلمان الإسرائيلي على تعديل قانوني يلغي حق رئيس الحكومة ووزير الدفاع في إعلان الحرب دون الرجوع لأحد، وينصّ القانون الجديد على أن قرار خوض حرب أو عملية عسكرية مهمة يمكن أن تؤدي إلى حرب ليس بيد رئيس الحكومة أو وزير الأمن الإسرائيلي إنما يتعين عليهما عقد جلسة للحكومة أو المجلس الأمني للمصادقة على القرار.

 

هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الإسرائيلي اليوم يعترف بأن خيار الحرب خرج عن إرادته فقبل عدة أيام أعلن رئيس بلدية سديروت “الون دافيدي” أنّ “هذا الأسبوع هو الأسوأ الذي مرّ علينا منذ حرب 2014″، وأضاف دافيدي “إحساسنا من وقف النار إحساس سيء”، وبيّن وفقاً لصحيفة يديعوت أحرنوت “من يقرّر وقف النار أو العودة لها حماس والجهاد وليست “إسرائيل”.

 

خلافات حادّة

 

إذاً خيار إعلان الحرب أصبح بُعيد خطوتين عن نتنياهو ناهيك عن الخلافات التي بدأ صداها يتردد في جميع أروقة المؤسسات الحكومية الإسرائيلية وعلى أعلى مستوى، إذ أفادت تقارير صحفية إسرائيلية أن الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية عاشت في الساعات الأخيرة الماضية حالة من الخلاف وتبادل الاتهامات بين الوزراء بالكذب، وتسريب أخبار مداولات اجتماع “الكابينيت”، بشأن مستقبل التصعيد ضد حركة “حماس” في غزة، وبعد هذا التسريب هاجم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعض الوزراء لأنهم قاموا بتسريب أخبار ومداولات الكابينيت بتغريداتهم على حساباتهم الشخصية في تويتر.

 

وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن “القضية بدأت حين تم تسريب سجال نشب بين وزير التعليم نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي والجنرال غادي آيزنكوت قائد الجيش في اجتماع أول أمس الأحد للكابنيت حول معالجة الطائرات الورقية المشتعلة في غزة”، وأضافت في تقرير لها إن “الوزير طلب من الجنرال مهاجمة كل خلية تقوم بإطلاق طائرة أو بالون لكن الأخير رفض لأنه يتعارض مع المعايير الأخلاقية، على حدّ زعمه”.

 

بعد ذلك بدأ أخذ وردّ بين كل من يائير لابيد، رئيس حزب “هناك مستقبل” المعارض ووزير السياحة ياريف ليفين، فالأول بدأ بمهاجمة نتنياهو واتهامه بتسريب الأخبار والثاني طلب من الأول سحب اتهامه لرئيس الحكومة، واحترام موقعه لأن اتهامه يشكك في مدى أمانته على حفظ أمن الدولة.

 

حفظ ماء الوجه

 

تحاول حكومة نتنياهو تبييض صفحتها أمام المستوطنين بعد الهجوم الحاد الذي تعرضت له من قبل جميع الأطراف على الحملة العسكرية الأخيرة التي شنتها على غزة، والتي أبرزت فشل الجيش الإسرائيلي في امتلاك زمام المبادرة ما عقّد الأمور بالنسبة له على المستوى الداخلي، وبالتالي لم يبقَ أمامه سوى استخدام بروباغندا إعلامية يهوّل من خلالها بهدف شن حرب شاملة على القطاع يوم الجمعة المقبل حتى لو كانت مجرد “فقاعة” علّها تخفف من الضغط الذي يتعرّض له نتنياهو وحكومته، وفي نفس الوقت ربما يتمكن نتنياهو من إبعاد ضجة ملف الفساد المتورط به عن الساحة الإعلامية، ويخفف في الوقت ذاته من أهمية انتصارات الجيش السوري المتواصلة الذي وصل إلى حدود الجولان، وبهذا يمكن لـ “إسرائيل” أن تخفف من بريق انهيار المسلحين الذين دعمتهم طوال السنوات الماضية على الحدود مع سوريا.

 

أسلحة بدائية

 

عادلت الأسلحة البدائية التي يستخدمها أبناء غزة منظومات عسكرية بأكملها، فقد عجزت “إسرائيل” بكل إمكاناتها والتكنولوجيا الحديثة التي بحوزتها من منع إطلاق الطائرات والبالونات الحارقة، واليوم يضاف إلى هذين السلاحين سلاح جديد قيل إنه “الطيور الجارحة” التي تحمل مواد حارقة، هذا ما كتبته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بعدما أعلن مسؤولون إسرائيليون في الجيش وفي “هيئة حماية الطبيعة والحدائق الإسرائيلية” في 16 يوليو أنهم عثروا على صقر ميّت في حديقة “هابيصور” بالقرب من الحدود مع قطاع غزة، وأن مادة حارقة رُبطت برجل هذا الطائر الجارح، مقدّرين أنه قدم من قطاع غزة، ووصفت الصحافية الإسرائيلية نوغا تارنوبولسكي التكتيك الفلسطيني الجديد بـ”طيور المولوتوف”.

 

في الخلاصة ما يفعله الكيان الإسرائيلي هو بمثابة ورقة ضغط ولا نستبعد أن تردّ السلطات الإسرائيلية على أي طائرة ورقية بقصف غزة، ولكن في المقابل سيكون هناك ردّ فلسطيني تحت معادلة القصف بالقصف.

الحقيقة لا تتعلّق فقط بالطائرات الورقية بل تستهدف أيضاً مسيرات العودة التي أجّجت المشاعر الشعبية ضد الكيان الإسرائيلي فضلاً عن كونها رسمت صورة حقيقية عن الاحتلال الذي أصرّ على استهداف المدنيين.

وفي المحصلة ما ستعمد إليه السلطات الإسرائيلية كما يبدو هي عملية تحفظ فيها ماء وجهها وتوجع غزة إلا أنها لا تريد الدخول في حرب على الجبهة الجنوبية ولا سيّما في ظل توتّر الأوضاع على جبهة الجولان السوري المحتلة.

قد يعجبك ايضا