“يَا لَيتَنِي كُنتُ معكُـم”
|| مقالات || علي عبدالله صومل
بهيئ الطلعة حَسَن الهيئة بشوش الوجهٍ تزينه ابتسامة ثغر لا تفارق محياه تمد حبائل المودة إلى قلوب محبيه وهدوء أعصاب يحرق أعصاب مبغضيه ويزيدنا وكل محبيه قُــوَّة يقين ورباطة جأش كانت تلك هي ملامح السيد العربي المعمم بالنصر صاحب الضربات الحيدرية والوثبات الحسينية التي سجلها التأريخ الإسْلَامي الحديث بأحرفٍ من نور على صفحات من ذهب نعم هكذا أطل علينا-نحن اليمنيين تحديد أَو العالم عموماً- من علياء شموخه فكيف تحدث إلينا من أعماق شعوره؟ لقد أسر قلوب اليمنيين المجاهدين بسحر بيانه كما كسّر رؤوس المجرمين المعتدين بسيف لسانه، إذ أكّد في كلمته هذه مبدأه الثابت وموقفه الحاسم دونما تلكؤ أَو مراوغة فالقضية لديه هي قضية مبادئ تمتد جذورها إلى عاشوراء التضحية وكربلاء الثورة ومبدأية الحسين الإمام الشهيد الثائر.
إن المواقفَ في قاموس سيد المقاومة تنطلقُ من عمق العقيدة والإيمان وتنتهج طريقة الصراحة والبيان لقد رأى عدواناً ظالماً يمطر نساء وأطفال اليمن بصواريخ الموت ويحول ديارهم من بناء مكتمل الأركان إلى ركام دمار وأثر بعد عين.
رأى عدواناً يرتكبُ كُـلّ المحظورات ويستبيح كُـلّ الحرمات فأبى -وهو نبض الحرية ومنبع الإباء- إلا أن يسجل موقفا حيسيناً غاضباً في وجه شمريّة الشر ويزيدي العصر ومن تجند معهم وتحت لوائهم المتصهين من خدم السياسة وعبيد الدنيا
نعم إننا لَنثمِّنُ عالياً لسيد المجاهدين السيد حسن نصر الله مواقفه الشجاعة والمناصرة -وكل مواقفه على هذا النحو- لمظلوميتنا التي تجاوزت مظلومية شعب فلسطين وكل شعوب العالم حسب تعبيره الصادق.
سيدي الكريم أي جميل سبق أن أسديناه إليكم وإلى مقاومتكم البطلة في كُـلّ مراحلها الجهادية المباركة منذ ثمانينيات القرن الماضي حتى آخر معركة عسكرية خاضتها مع الكيان الإسرائيلي الغاصب في تموز 2006م؟
صحيح أننا شعبياً لا رسمياً لم نكن من الخاذلين ولا من المتآمرين عليكم بيد أن مواقفنا لم ترتق إلى صدارة المواقف المتضامنة معكم والمناصرة لكم فهل نستحق منكم سيدي أن تبادلونا كُـلّ هذا العرفان وكل هذه التضحية والبذل؟
إلى درجة أن تخاطب أبطالنا من الجيش واللجان الشعبية وأنت من أنت في سمو مقامك وجلالة قدرك قائلاً:
“يا ليتني كنت معكم، ليتني أستطيع أن أكون مقاتلاً من مقاتليكم تحت راية قائدكم العزيز والشجاع”..
عفواً سيدي ومتى كنتُ بعيداً عنا حتى تتمنى أن تكون معنا أنت معنا وبيننا وإلى جانبنا في كُـلّ مواقف الرجولة ومواطن البطولة فما من صرخة عز تهتف بها حناجرنا ولا رصاصة حق تزمجر بها بنادقنا ولا ملحمة نصر وثبات تجترحها سواعدنا ولا وقفة إباء وشموخ وتحد يقفها شرفاء وَأحرار وقبائل اليمن إلا وأنت رعد صرختنا وساعد قبضتنا وملهم صمودنا في جبهاتنا وواسطة عقدنا في وقفاتنا.
أجل سيدي أنك لستَ بيننا جسدك الطاهر ولكنك بيننا بصمودك القاهر إنك لتحضر معنا وإلينا في موقفنا المقاوم وإن باعدت بيننا وبينك سهول وجبال كما يحضرنا قادة الثورات وأئمة الجهاد من آل البيت “ع” كعلي والحسين. عليهما السلام وهم من تفصلنا عنهم قرون وأجيال إلا أن انسجامَ الرؤية واتصال الموقف وواحدية القضية والخصم تذيب كُـلّ الفروقات المكانية والزمنية فشجاعة علي وثورة الحسين تجري في عروقنا جريانَ الدم وتسري في ذرات كياننا سريانَ الكهرباء في الأسلاك وكذلك تفعل بنا شكيمتكم الثائرة وعزيمتكم الصابرة فلم تفصلنا عن شهيد المحراب وسيد الشهداء ساعات الزمن كما لن تفصلنا عن رجل المواقف وسيد المقاومة مسافات الأرض لقد قلت كلمة حقٍ عند سلطانٍ جائر ووقفت وقفة عز أمام عدوان فاجر فلتكتب الأقلام وليوثق الإعلام وليشهد الواقع ويسجّل التأريخ أنك كنت معنا وإلى جانبنا في محنتنا سيفا قاطعا لأعناق أهل الطغيان ورمحاً شارعاً في كبد أهل العدوان فأنت بطل قومي في زمن الأقزام وأسد عربي في زمن النعاج
فإليك منّا خالص التحية وجزيل الشكر ولك منا صادق المحبة وأكيد العهد يا قدوة الأحرار وسليل الأطهار أنت مدرسة متكاملة في الشجاعة والصبر والسماحة والحلم ومنظومة مترابطة من الأخلاق والقيم والمروءة والنبل كما إنكم مثال للقادة في هضم النفس والتواضع للحق وعمق النظر وسعة الصدر.
دمتَ منبراً للحق وصوتاً للعدل وقائداً لجيل المقاومة والبصيرة والنصر.