مملكة قرن الشيطان العدد1

ينكسر قرن الشيطان في معركته مع الإنسان المؤمن الواعي صاحب البصيرة والمعرفة، وعلى المستوى الشخصي فإن الإنسان الذي يمتلك الفقه الأمثل لمواجهة الشيطان نفسه سيكون قادرا على تجاوز قرنه، وبقدر ما يضعف عن مواجهة الشيطان نفسه فإنه سيكون أضعف مع قرنه، إنها منظومة واحدة تعادي الإنسان، وتضمر له السوء، فإذا كان الشيطان حريصا على جرجرة الناس جميعا إلى أطباق جهنم، فهاهي مملكة قرن الشيطان عاثت في الإنسان اليمني والعربي والمسلم الفساد قتلا وحرقا وإفسادا، وهناك أخلاق ومواقف وقيم يجب أن يلتزمها الإنسان المؤمن ليجتنب تأثير مملكة قرن الشيطان والرد على عدوانها السافر علينا، ومنها:
– الثقة بالله والاستعانة به
تتحرك مملكة قرن الشيطان من خلال القنوات والمجالس والمنابر الإعلامية لكسر شوكة الحق، والدعوة للانهزام أمام مشروعها التدميري، غير أن التسلح بالثقة بالله عز وجل والاستعانة به أمر لا بد منه، وهي العقيدة الراسخة في قلوب المؤمنين التي يجب أن تترجم إلى خطوات وأفعال وسلوكات توحي بالثقة بالله، وتستند إلى مبدأ الاستعانة به في كل شيء، إن هذا سيقرب النصر للمؤمنين، ويكسب المجتمع القوة والمناعة أمام حملات التثبيط والتخويف وأمام خيل ورجل الشيطان وقرنه، حينما يتحرك المؤمنون ولو كانوا قله قليلة بثقة مطلقة في الله فإنهم هم المنصورون وهم جند الله الغالبون، حين يواجهون هذا العدوان بهذه العقيدة القوية فإنهم يضعون جهودهم المادية والمعنوية على طريق النصر الأكيد، ويسلكون السبيل الذي ينتهي بهم إلى الفلاح والنجاح.
– اتباع العلماء والقادة الربانيين
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)، المضي على منهج حديث الثقلين يؤمِّن من السقوط في مستنقع الضلالة، وأي ضلالة أضل من إضلال الشيطان ومملكة قرنه، لقد نجى من اتبع الثقلين، كتاب الله وأهل البيت، وابتعاد قرن الشيطان عن القرآن وعن أهل البيت شيء لا مرية فيه، ولهذا ضلوا وأضلوا، وحين يمضي المجتمع المؤمن في منهج العلماء الربانيين فإنه يأمن من اتباع علماء ودعاة قرن الشيطان، وحين يتحرك في منهج أهل البيت القائمين بالقسط فإنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون في صف قرن الشيطان، لقد أوضح العدوان على اليمن أن المطبِّقين لحديث الثقلين أمنوا من الوقوع في ضلال قرن الشيطان، وبيّن أنهم بعيدون كل البعد عن المناهج الشيطانية التي تعادي الإنسان وتقتله وتستهين بكرامته، فلا تجد منهم ماضيا في طريقة الدواعش ولا القواعد، وكان المجتمع اليمني أكثر توفيقا من المجتمعات الأخرى لأن به تنتشر آداب وتعاليم أهل البيت عليهم السلام، بينما من يتبعون منهج قرن الشيطان أيدوا العدوان، وساروا في موكب الخسران، والعياذ بالله.
– الحذر من دعاة قرن الشيطان
تيسرت ظروف كثيرة أبلغت العذر لكل ملبوس عليه أن ينخلع تماما من منهج قرن الشيطان، لقد فضح هذا العدوان بشكل لا يقبل الجدل أن المتابعين لفكر قرن الشيطان استقر بهم الحال في المشروع الشيطاني التدميري والإضلالي الإغوائي، ولعل أخطر قنوات وأدوات قرن الشيطان هم الدعاة الذين يبشِّرون بهذا المنهج ويدعون إليه، ومن توفيق الله أننا وجدناهم جميعا يصطفون اصطفافا واسعا مع قرن الشيطان ضد بلد الفقه والإيمان، ومع تدميره، وقتل إنسانه صغيرا أو كبيرا، رجلا أو امرأة، بعيدا أو قريبا، إن هذا يؤكد لكل عاقل ولكل مسلم أن يحذر هؤلاء الدعاة، وأن يجتنب طريقتهم البائسة، حيث رأينا عيانا بيانا كيف تجرأوا على الله وأفتوا بهدم بيوت اليمنيين على رؤوس أطفالهم ونسائهم، واعتبروا ذلك عملا جهاديا مقدسا، وهل يقبل عاقل فتوى كهذه الفتوى، ولم يكفهم ذلك حتى كذبوا عيانا بيانا أن اليمنيين مجوس يعبدون النار، مع أنهم يعلمون يقين العلم أنهم مؤمنون، أهل فقه وحكمة وإيمان، كما شهد الله لهم بذلك ورسوله والمؤمنون، وكما نعلم نحن اليمنيين من أنفسنا، فهل نقبل من علماء ودعاة قرن الشيطان أن يصفونا بالمجوسية، إن سلوكهم هذا يحتم علينا أن نجتنب طريقتهم، وأن لا نأخذ ديننا عنهم، وأن لا نأمنهم على شيء من أمور الدين؛ لأنهم إذا كانوا قد كذبوا علينا كذبا قبيحا استحلوا به الأعراض والدماء، فلا يؤمن أن يكذبوا على الإسلام.
– تفعيل القيم الإيمانية والسلوك بمقتضاها
حتما يؤدي اجتناب المنافذ والطرق الشيطانية والتي يسلك منها قرن الشيطان إلى الفساد والإضلال إلى النجاة من الوقوع في شركه، يقول أمير المؤمنين عليه السلام: (واتخذوا التواضع بينكم وبين عدوكم إبليس وجنوده، فإن له من كل أمة جنودا وأعوانا، وخيلا وفرسانا)، يغلب على قرن الشيطان التكبر والغرور والخيلاء والعجب، وسلوك طريقة التواضع والبساطة مما يسهل على المرء تجنب منهج قرن الشيطان، ومثل ذلك تجنب العصبية والاحتقار للناس والازدراء لهم، وترك الفرقة والاختلاف والحرص على الاعتصام بحبل الله، كل هذه السلوكيات المحمودة والإيجابية هي التي تبني في المؤمن الوعي الفاعل، وتعطيه ملامح الطريق الآمن الذي يجب أن يسلكه بعيدا عن قرن الشيطان.
– المواجهة المباشرة
لقد وصف الله كيد الشيطان بأنه ضعيف، (إن كيد الشيطان كان ضعيفا)، ويقتضي الموقف الإيماني من المؤمن اليوم بعد تجرؤ قرن الشيطان على هذا النحو الذي يتمثل في العدوان على اليمن ـ أن يواجهه بقوة، لقد تبين لكل عاقل أن قرن الشيطان مدمن على الجريمة، ومجيد للتدمير، ومتقن للإفساد والفساد، وخبير بالتضليل، وأنه لا يكف أذاه عن جيرانه، فكم من مجازر ارتكبها بحق المؤمنين في اليمن والجزيرة العربية في ما مضى وفي واقعنا المعاصر اليوم، وتبين أنه يد أمريكية إسرائيلية طعنت وتطعن أمة الإسلام من الخلف، وأنها قد حولت فوهة بندقيتها تجاه المسلمين، بينما نادت بالصلح والتنازل لليهود المحتلين، لقد شكلت مملكة قرن الشيطان رأس حربة للعدو لا ترى منها الأمة إلا الخراب والدمار، وكان عندئذ لزاما على كل مسلم حر أن يسعى إلى مواجهته بكل قوة وثبات وشموخ، لقد آن الأوان أن تُقَلَّم أظفار هذا المعتدي الغاشم، وآن الأوان أن يهدأ المسلمون من شر قرن الشيطان وتضليله وتدميره، وآن الأوان لأن يقف الجميع في هذه المرحلة في حافة المواجهة وميادين الشرف والعزة والكرامة والجهاد في سبيل الله بثبات وصلابة وشموخ ويقين بالنصر، بعد أن طفح الكيل ببغيهم وعدوانهم وجرائمهم على شعبنا المسلم، لقد أدرك الشعب العربي المسلم أن التأخر في مواجهة قرن الشيطان وحسم المعركة معه لا يعني سوى إفساح المجال أمامه لارتكاب المزيد من الجرائم الخطيرة، والشرور المستطيرة.
يجب أن يتحرك الجميع لمواجهة هذا العدوان ومواكبة تطوراته، والوقوف بجد واجتهاد تأييدا للخيارات الاستراتيجية التي أعلن عنها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي وباركها السادة العلماء وعلى رأسهم قيادة الملتقى الإسلامي، وبكسر قرن الشيطان يكون المسلمون قد قطعوا خطوة هامة وشوطا جبارا نحو الانعتاق والتحرر والاستقلالية وتقديم الإسلام بحسب المنظور القرآني، وعند ذاك تكون كلمة الله هي العليا وتتحرر المقدسات الإسلامية من دنس الأرجاس، ويمنح الله العزة والكرامة لأوليائه المؤمنين، وعباده المجاهدين.

قد يعجبك ايضا