هكذا حوَّلت “إسرائيل” المرحلة الانتقالية من أوسلو إلى اتفاق دائم

|| صحافة عربية ودولية || فلسطين اليوم

على مدار ربع قرن من الزمن تمكنت “إسرائيل” من تحويل المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو عام 1993 إلى اتفاق دائم وفرضت كل ما تريده على الأرض بالقوة، متنصلة من الاتفاق الذي كان ينص على حل القضايا الأساسية بعد 5 أعوام من توقيع الاتفاق.

 

وحصلت “إسرائيل” بموجب اتفاقية اوسلو على اعتراف من منظمة التحرير الفلسطينية بوجودها على ما نسبته 78% من أرض فلسطين، وفي المقابل لم تحصل المنظمة إلا على سلطة تنفذ فقط الاتفاقيات الأمنية والسياسية والاقتصادية.

 

ونصَّ اتفاق أوسلو الموقع عام 1993 على إنشاء سلطة حكم ذاتي في غزة والضفة لإدارة شؤون السكان، يليه فترة انتقالية مدتها خمس سنوات من توقيع الاتفاق، يتم خلالها التفاوض على قضايا القدس واللاجئين والمستوطنات والترتيبات الأمنية والحدود والعلاقات والتعاون مع جيران آخرين، إلا أن “إسرائيل” حوَّلت الفترة الانتقالية إلى اتفاق دائم وتنصلت من التزامها بالاتفاق ومناقشة قضايا الحل النهائي.

 

وأكد محللون سياسيون بان “إسرائيل” تمكنت خلال 25 عاماً من تقزيم مشروع منظمة التحرير القائم على انشاء دولة فلسطينية؛ وذلك من خلال الاستيطان الذي أدى لتآكل حدود الدولة خاصة في الضفة والقدس.

 

وأوضح المحللون بأن اتفاقية أوسلو كانت تهدف من وجهة النظر الإسرائيلية إلى إنشاء سلطة تنفذ ما تريده “إسرائيل” لحماية أمنها ومستوطنيها.

 

المحلل في الشأن “الإسرائيلي” د. وجيه أبو ظريفة أوضح، بأن “إسرائيل” كانت تهدف من اتفاق أوسلو التخلص من المسؤوليات الملقاة على عاتقها بتوفير متطلبات الحياة للسكان في غزة والضفة، الأمر الذي دفعها لإنشاء سلطة تقوم على حماية الاتفاقيات، وفي نفس الوقت تتكل على الجانب الإسرائيلي في اقتصادها.

 

وأشار أبو ظريفة لـ”فلسطين اليوم” إلى أن “إسرائيل” لم تكن على استعداد لتقديم تنازلات لمنظمة التحرير في اتفاقية أوسلو بقدر ما كانت تريد التخلص من الأعباء الإنسانية أمام العالم أجمع.

 

وقال: “عندما وصل بنيامين نتنياهو إلى الحكم عام 1996 قال بشكل واضح سأعمل على افشال أوسلو ولن ألتزم بها والحكومة التي سبقتني كانت مخطئة عندما وقعت الاتفاق”.

 

ولفت إلى أن نتنياهو لم يلتزم فقط في عدم الذهاب للمفاوضات بل لم يلتزم بمبادئ المرحلة الأولى من اتفاق أوسلو، وهذا يدلل على أن “إسرائيل” لا تريد أن تعُطي الفلسطينيين أي حق من حقوقهم التي كفلتها الشرائع الدولية والقانونية.

 

وأضاف: “عندما انتهت المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو عام 1999، كان العالم أجمع يدفع الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى تأجيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية وقضايا الحل النهائي (..) وعندما اجتاحت إسرائيل الضفة المحتلة في العام 2002 انتهت اتفاقية أوسلو بالكامل.

 

وأكد أن “إسرائيل” اعتمدت في فرض ما تريده ورفض ما لا تريده على ضعف المفاوض الفلسطيني الذي لا يملك أوراق قوة للضغط عليها خاصة في ظل الأزمات التي تعصف بالأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية.

 

من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن “إسرائيل” حوَّلت المرحلة الانتقالية من اتفاقية اوسلو إلى مرحلة دائمة دون أن تلتزم بما هو مطلوب منها خاصة فيما يتعلق بالانسحاب من غزة واريحا والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة.

 

وقال المدهون لـ”فلسطين اليوم”: “إسرائيل عملت من خلال اتفاقية أوسلو وخاصة المرحلة الانتقالية إلى تقزيم مشروع السلطة وجعلت حدودها ضيقة بحيث لا يرتقي مشروع السلطة لإقامة الدولة الفلسطينية”.

 

وأضاف: “الجميع مدرك بأن الاحتلال الإسرائيلي لم يستمر في اتفاقية أوسلو بل عمل على إفشالها، وعندما أدرك ذلك الرئيس الراحل ياسر عرفات شارك في انتفاضة الأقصى عام (2000) والتي أدت في نهاية المطاف إلى استشهاده”.

 

وأشار إلى ان اتفاقية أوسلو توقفت من الناحية العملية عند المرحلة الأولى التي من خلالها تنازلت المنظمة بموجبها عن 78% من الأراضي الفلسطينية، والتزمت بالاتفاقيات الأمنية والاقتصادية التي قيدت الشعب الفلسطيني في مواصلة مسيرته النضالية.

 

ولفت إلى ان “إسرائيل اليوم لا تتحدث عن اتفاقية أوسلو بل تتحدث عن الاتفاقيات الأمنية والسياسية والاقتصادية، والغت من قاموسها مناقشة قضايا الحل النهائي.

 

ولعل أبرز ما تهرّبت منه “إسرائيل” في الاتفاقية اعترافها بالوحدة الجغرافية بين الضفة وغزة كما جاء في البند الرابع، إضافة لإيجاد ممر آمن لمرور الأفراد لربط غزة بالضفة، وهو ما سمحت به “إسرائيل” لمدة لم تتجاوز العام الواحد عام 1999 بشروط قاسية، بل عملت على تقسيم الضفة وغزة وتقطيع الروابط بين قراها ومدنها.

 

ونصّت الاتفاقية على انسحاب “إسرائيل” من مراكز المدن في قطاع غزة وأريحا خلال أربعة أشهر من توقيعها أي في 13/1/1994، وهو الأمر الذي لم يحصل بإرادة الاحتلال بل أجبرته المقاومة على تنفيذه في القطاع فقط عام 2005 بفعل ضرباتها، فيما لم ينسحب الاحتلال من الضفة الغربية بل ضاعف من وجود المستوطنات وصادر آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين.

 

وجعلت “إسرائيل” التنسيق الأمني الذي نصت عليه الاتفاقية أهم مظاهر عملية اوسلو وسخرتها لخدمة امنها فاقتحمت مناطق فلسطينية ومارست عمليات اعتقال وقتل وهدم للمنازل واستغلت تقسيمات المناطق (أ – ب – ج) التي حددتها اتفاقية أوسلو من أجل نصب حواجز عسكرية بشكل مكثف.

 

وتشير مراكز دراسية إلى أن الاستيطان تضاعف 7 مرات مما كان عليه في اوسلو وارتفع عدد المستوطنين من 111 ألف إلى 750 ألف في الضفة والقدس كما استولى الاحتلال على 42% من أراضي الضفة والقدس لأغراض استيطانية، وأغرق الضفة بالمستوطنات حيث بلغت نحو 153 مستوطنة و103 بؤرة استيطانية تسببت بتقطيع أوصال الضفة المحتلة وجعلت من إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية أمراً عسيراً.

قد يعجبك ايضا