الصبر العملي في مواجهة الطواغيت هو الصبر الذي يثمر نصراً

|| من هدي القرآن ||

الصبر العملي، الصبر الذي منزلته من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد. أما ذلك الصبر على الذل، الصبر على الخضوع، الصبر على القهر، الصبر والباطل يسود، والفساد ينتشر، والحق ضائع، والناس يظلمون، ويقهرون، وعباد الله يستضعفون، واليهود والنصارى يتحركون هنا وهناك، وأمريكا وإسرائيل تتحرك هنا وهناك، الصبر في هذه المرحلة هو ذل، لا يمكن أن يسمى صبراً، إنه ذل بكل ما تعنيه الكلمة، إنه ضياع للإيمان، إنه انحطاط في النفوس. هؤلاء المؤمنون يصبرون في ميادين العمل في مواجهة أعداء الله، ويتحملون مختلف الشدائد، مهما كانت؛ لأنهم صبروا ابتغاء وجه ربهم.

 

سواء طالت المرحلة أو قصرت، هم حتى لم يضعوا لأنفسهم حداً معيناً هناك، أننا نتحرك إلى هذا المستوى، إلى هذه النقطة، لا بأس سنصبر إلى هنا .. لا. هم صبروا ابتغاء وجه ربهم، وهذا هو الصبر في المجالات المفتوحة، في المجالات نحو الغايات الطويلة، نحو أداء المهام الكبيرة، فهم لا يقولون: فقط سنصبر إلى هنا ثم بعد لا. {وجه الله} الله لا يزال باقياً، وحاجتهم إليه كمؤمنين في أن يحصلوا على رضاه ما تزال أيضاً قائمة، فليس هناك حدود في ما بينهم وبين الله، ليس هناك نقاط تحدد ما يطلبونه من الله، وما يعملونه ابتغاء وجهه.

ولأنهم يصبرون ابتغاء وجه الله يصبح للصبر طعمه الحلو لديهم فعلاً. كان يقول أحد الأئمة وهو يتشرد بأنه يرى نفسه في نعمة عظيمة، أنه أصبح يرى أنه استطاع أن يخيف الظالمين, وأن يتخوف منهم، وهو يتشرد ويواجه التعب والجوع، أصبح بتلك الحالة التي تعتبر مظهراً من مظاهر الصبر وهو في ميدان العمل, أصبح يراها نعمة، أوليس الإنسان ينظر إلى النعمة نظرة يرتاح لها ويلْتَذ بها كأنهم – لأنهم صبروا ابتغاء وجه ربهم – لا يرون أنفسهم، ولا ينظرون إلى واقعهم وهم في ميدان العمل فيرون أنفسهم أنه قد أجهدهم هذا فأصبحوا على حافَّةٍ من الملل ومن التخلي. ومهما بلغت الأمور إليه، فالمسألة هي ازدياد من الصبر والازدياد من الصبر ابتغاء وجه الله، يعني الحظوة برضاه أكثر، والقرب منه أكثر.

سورة المائدة الدرس الرابع صـ13.

 

قد يعجبك ايضا