نقبل خيار السلام ونرفض رياح الاستسلام

|| مقالات || أحمد الحبيشي

كان حصادُ الخميس والجمعة قوياً في وقائعه ورسائله وعناوينها، وكان قائدُ الثورة سماحة السيد عبدالملك الحوثي ومن حوله وخلفه جماهيرُ شعبنا الصامد التي احتشدت في صنعاء وصعدة وتعز وبقية المحافظات، من أبرز الحاضرين الذين اختاروا من إحياءِ ذكرى استشهاد الإمام الثائر زيد بن علي مناسبةً للتأكيد على أن السلامَ لا يتحقق بالاستسلام للظلم والعدوان.

مما له دلالة أن حضور القائد والجماهير في اليومين الماضيين تزامن مع ترهُّلِ وهشاشة حصاد العدوان والحصار والحرب الاقتصادية والمالية والمصرفية التي استهدفت قتلَ شعبنا وتجويعَه، بعد أن فشلت دولُ العدوان في تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية في الشمال المقاوم والجنوب المحتل.

راهن العدوّ ولا يزال يراهنُ على إغراق اليمن بالكوارث والويلات الإنسانية من خلال إفراطه في ارتكابِ جرائم حرب وجرائم معادية للإنسانية، الأمر الذي دفعه إلى المراهَنة على تحويل حصاد الكوارث والآلام إلى فرصة لتسويق مشاريع الاستسلام سواء من خلال المفاوضات، أو من خلال الاستعانة بأوهام بعض النخب المهزومة والخائبة.

في الفترة الأخيرة حوّلت مطابخُ العدوان إلى تنظيم حملات تحت مسمّى (رياح السلام)؛ بهدف تفجير ثورة مضادة في صنعاء والمحافظات التي تقاوم العدوان وتلحق بقواته ومرتزِقته خسائرَ مادية وبشرية وأخلاقية، لكن حصاد رياح الاستسلام كان مريراً، إذ انفجرت موجاتٌ متتالية من الانتفاضات الشعبية في تعز وعدن وحضرموت وشبوة والمهرة، تطالب برحيل تحالف العدوان والاحتلال وحكومة الأشرار العميلة.

كان القائد عبدالملك الحوثي يستمدُّ موقفَه الوطني من إرادة شعبنا الصامد المقاوم ودماء وتضحيات الشهداء الجرحى، حين أكّد بصوت عالٍ أن السلام لا يعني الاستسلامَ، ولن يتحقق بدون وقف العدوان.

الثابتُ أن الجماهيرَ التي يقودها السيد عبدالملك الحوثي تمثل ملايين الشباب والشابات والرجال والنساء وجميعُهم يحبون الحياة ولا يخافون الموتَ، بدليل هذا التزاوج المدهش بين حفلات الزفاف وقوافل تشييع الشهداء والشهيدات بصورة يومية وفي كُلِّ المحافظات التي تقاوم العدوان والاحتلال.

تذكِّرُني مشاهدُ الاحتفاء بالزواج والاستشهاد برواية الحرب والسلام للروائي الروسي الخالد ليو تولستوي التي نشرها في عام 1865 أثناء اجتياحِ قوات نابليون لروسيا، حيث وجّه نداءً للحكومة الروسية آنذاك وطالبها بأن تختارَ بين الاستسلام أو الحرب.

بين أحداث رواية الحرب والسلام تدور أحداث الرواية التي دمج تولستوي فيها شخصياتٍ عديدة، رئيسية وثانوية وَتأريخية وأخرى خيالية، ابتدعها تولستوي نفسه. كما تعطي أيضاً صورةً واسعة وموضحة لحياة الترَف التي عاشتها طبقةُ النبلاء وعوائلهم في روسيا خلال عهد الحكم القيصري.. وهناك من يعتقد بان الشخصيات الرئيسية التي تتوزّعُ بين الشاب المقاوم والأمير أندري الرافض للاستسلام، تمثلُ أوجهاً مختلفةً في شخصية تولستوي نفسه.

يبقى القول إنها روايةٌ واقعيةٌ حولَ الحرب والسلام والاستسلام تدورُ أحداثُها في بداية القرن التاسع عشر، مع اجتياح القائد الفرنسي نابليون بونابارت الأراضي الروسية، ودخول موسكو وانسحابه بعد الخيبة والفشل في مواجهة الشتاء الروسي القارس، ورفض القيصر الروسي ألكسندر الأول الاستسلامَ على الرغم من ميول بعض أفراد العائلة الحاكمة للتفاهُمِ مع نابليون واللحاق بخيارِ الاستسلام تحت مسمى “رياح السلام”.

قد يعجبك ايضا