مؤشرات الحرب والسلام على حدود غزة

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

 

الأوضاع على تخوم قطاع غزة تسير نحو التعقيد يوماً بعد يوم في ظل إصرار الفلسطينيين على مطالبهم وحقوقهم ورفضهم إيقاف المظاهرات التي تزداد وتيرتها دون القدرة على ضبطها أو إخمادها من الجانب الإسرائيلي، الذي وصل إلى نتيجة مفادها أن قمع الفلسطينيين بهذه الطريقة غير مجدٍ، وهذا ما دفع البعض لمطالبة السلطات الإسرائيلية بإشعال حرب على الجبهة الجنوبية لحفظ ماء وجه “إسرائيل” التي تعاني من الضغط الفلسطيني المضطرد.

 

الخيار العسكري

 

لا شك بأن الخيار العسكري مطروح وبقوة في ظل اختناق الأوضاع في غزة والذي يعود سببه إلى العقوبات الشديدة التي فرضتها إدارة ترامب على الفلسطينيين، ما أدّى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير في غزة فضلاً عن الضغط الذي يتعرّض له الغزاويون من قبل السلطة الفلسطينية التي ترفض ضخ المال إلى القطاع في ظل عرقلة التسوية مع حماس، هذه الأمور وغيرها تدفع الأوضاع في القطاع نحو الانفجار، يضاف إلى هذا ازدياد سقوط الشهداء والذين وصل عددهم إلى 9 فلسطينيين خلال الأسبوع الأخير في القطاع وفي الضفة الغربية وشرقي القدس.

 

هذا الكلام يعرفه جيداً الإسرائيلي، لذلك ذكر رئيس الأركان غادي آيزنكوت في جلسة الكابينت الأخيرة أن العقوبات الشديدة التي فرضتها إدارة ترامب على الفلسطينيين تدفع رئيس السلطة محمود عباس إلى الحائط، وقال إن خطر الاشتعال في المناطق يتزايد.

 

خلافات حادّة

 

الأوضاع في غزة قسمت الإسرائيليين إلى جبهتين: جبهة تدفع نحو الحرب، وأخرى نحو التهدئة تجنباً للدخول في حرب مجهولة النتائج، خاصة وأن هناك عوائق حالياً تتعلّق باختيار رئيس الأركان الجديد حيث يعيش الجيش الإسرائيلي ما هو أشبه بالمرحلة الانتقالية، لذلك ليس في مصلحته إعلان حرب خلال هذه المرحلة.

 

لكن في مقابل ذلك يحاول الجنرال تسفيكا فوغل القائد السابق للمنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، أن يدفع نحو الحرب، فقد نقلت صحيفة معاريف عن الجنرال قوله: إنه “يجب الخروج إلى حرب مع حماس، والتوقف عن الخوف منها، والقيام بمهمتنا هناك في غزة، ثم نخرج”.

 

وتابع: إنني “لو كنت صاحب قرار اليوم فسأبدأ خطواتي بالاغتيالات الموجّهة كل يوم، وكل دقيقة، من الجو والبر والبحر، يجب أن تزرع إسرائيل الردع والخوف وخيبة الأمل من جديد في غزة، كي تشعر قيادة حماس أنها ملاحقة طوال الوقت، فلا يعود لديها المزيد من الوقت لإعداد الجنائز والاحتفالات، وإطلاق الصواريخ وتجهيز الأنفاق”.

 

لكن الجنرال يعكوب عميدرور الرئيس السابق لشعبة الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان” قال: إن “اغتيالات قادة حماس لن توقف المسيرات والطائرات الحارقة، رغم أن الحركة تعيش في مأزق حقيقي، بعد أن تبقّى لها استخدام هذا السلاح من البالونات التي لم نجد لها حلّاً حتى الآن”.

 

الخيار الفلسطيني

 

أجرى مؤخراً قائد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة يحيى السنوار، مقابلة صحفية مع صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية، وأظهر كلام السنوار رسائل مزدوجة ومركبة نحو “التهدئة” مع إسرائيل وكذلك المواجهة العسكرية.

 

حول التهدئة قال السنوار: إن “الاتفاق غير موجود حتى الآن”، مؤكداً أن “حماس وكل المنظمات الفلسطينية الأخرى تقريباً مستعدة للتوقيع عليه واحترامه، لكن في الوقت الراهن لا يوجد سوى الاحتلال”، وأضاف: “من المهم التوضيح: إذا تمت مهاجمتنا سندافع عن أنفسنا وسنكون هنا مرة أخرى”، وخاطب محاورته قائلاً: “سأخبرك مرة أخرى أنه من خلال الحرب لا تحصل إسرائيل على أي شيء”.

 

وحاول الإعلام الإسرائيلي خلط الأوراق وسرق المقابلة من السنوار وتحريفها لمصلحة الداخل الإسرائيلي لإدخال شيء من الطمأنينة لهم في ظل توتر الأوضاع وازدياد احتمال الحرب وتوقّع حصولها في أي لحظة، وعلى هذا ادّعت “يديعوت أحرونوت” أن المقابلة مع السنوار أجريت لمصلحتها عبر صحفية إيطالية تحمل الجنسية الإسرائيلية، ولكن مكتب السنوار سارع لإيضاح القضية قبل أن تبدأ التأويلات، وقال المكتب: إن “الصحفية تقدّمت بطلب للقاء قائد حماس في غزة بطلب رسمي لمصلحة صحيفتين (إيطالية وأخرى بريطانية)، وعلى هذا الأساس كان اللقاء”، وأضاف: إن “تحريات الإعلام الغربي في حركة حماس أثبتت أن الصحفية ليست يهودية أو إسرائيلية، وليس لها سابق عمل مع الصحافة الإسرائيلية”.

 

واعتبر المكتب أن بوري “لم تحترم، للأسف، مهنتها، وعلى ما يبدو باعت اللقاء لصحيفة يديعوت أحرونوت”.

 

في ظاهر الأمر أن “إسرائيل” تحاول سرقة أي نصر حتى لو كان مصطنعاً وعبر الإعلام للتخفيف من القلق الذي يساور الشارع الإسرائيلي مع تزايد وتيرة المظاهرات الليلية التي شكلت نقطة ضعف كبيرة للجيش الإسرائيلي، لأن تفريق المتظاهرين على سبيل المثال يكون أقل نجاعة وظروف الرؤية تكون أقل جودة واحتمال إصابة الشخص غير الصحيح بواسطة نار القناصة يكون أكبر، كما أن الحرائق من شأنها أن تجدد الضغط السياسي على نتنياهو كي يشدد خطواته ضد حماس أكثر، ويقود إلى جولة تبادل نيران أخرى، الجولة الأخيرة التي شملت هجمات جوية إسرائيلية وإطلاق عشرات الصواريخ من غزة كانت في 8 آب، سيناريو آخر يقلق الجيش يتعلق باقتحام جماهيري ليلي تحت غطاء المظاهرات، الذي سينتهي بالدخول إلى “بلدة إسرائيلية”، اسرائيل تتصرف في القطاع في ظل زمن مستعار، من دون حدوث اختراق في الاتصالات الدولية يتوقع حدوث اشتعال آخر في مدى زمني غير بعيد.

قد يعجبك ايضا