لماذا الحماية الأمريكية لإسرائيل؟
|| مقالات || محمد أحمد الشرفي
تقومُ السياسةُ الخارجيةُ الأمريكية على مجموعةٍ من المحدّدات والعوامل المؤثرة فيها، تتراوَحُ ما بين الصلاحيات الممنوحة للهيئة التنفيذية المتمثلَة في الرئيس والبيت الأبيض، أَوْ الكونجرس بشقيه نواب وشيوخ الممثلين عن الشعب والولايات، وفي ذلك تعمل الصهيونية العالمية جاهدة في التأثير على صانع القرار الأمريكي بعدة أساليبَ من أهمها وأخطرها: جماعاتُ الضغط على النظام السياسيّ في دفع السياسة الأمريكية في مسارات تصُبُّ في المصالح الأمريكية الإسرائيلية المشتركة.
وبهذا أصبح دعمُ إسرائيل وحماية أمنها من الثوابت الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية، ليس فقط بسبب ما تمثله إسرائيل من أهميّة لدى الأمريكيين، وإنما لقُـوَّة جماعات الضغط الصهيونية في مؤسّسات صُنع القرار الأمريكي، وتعمل هذه الجماعات الموالية لإسرائيل من خلال العديدِ من التنظيمات والمؤسّسات كلجنة العلاقات العامة الأمريكية (أيباك) ومنظّمة النداء اليهودي الموحّد، والكونجرس اليهودي الأمريكي، ومؤتمر رؤساء المنظّمات اليهودية الأمريكية.
وتعملُ هذه الجماعات في التأثير على السياسَة الخارجية الأمريكية، بالضغط على المشرِّعين والموظّفين العموميين بأسلوب مباشر، أَوْ بالضغط على صانعي القرار بأسلوب غير مباشر من خلال الإعلام، فجماعاتُ الصهيونية دائماً ما تهتم بالاتصال المباشر مع الرئيس الأمريكي وإرسال الخطابات وعقد الاجتماعات، وخَاصَّـة مع قُرب موعد الانتخابات سواء للرئيس أَوْ لعضو الكنجرس، حيث تعمَدُ الصهيونية على دعم الموالين لها بالأصوات والمال والإعْــلَام.
إضَافَـةً إلى أن من أهمّ محدّدات السياسة الخارجية الأمريكية هو الرأي العام المحلي والدولي، وتتحكم فيه الصهيونيةُ من خلال سيطرتها على أجهزة الإعْــلَامِ الأمريكية المرئية والمقروءة والمسموعة وتستخدمُها، كما أنها تمتلكُ الوكالات الإعْــلَامية العالمية، أيضاً الصهيونيةَ تمتلك أهمَّ وأشهر مراكز الأبحاث في أمريكا والعالم كمعهد بروكنجر ومؤسّسة كارينجي للسلام العالمي ومعهد هوفر، كما أن مراكزَ الأبحاث التابعة للصهيونية هي التي تعملُ على إجراء البحوثات المسحية والميدانية لصانعي القرار في أمريكا وتقدّم لهم الحلولَ والمقترحاتِ، واستضافتهم ودعوتهم لحضور النقاشات وورش العمل.
كما تهتم جماعات الصهيونية وتدعم تيار اليمين المحافظ وهو تيارٌ فكري وديني يضُمُّ مجموعةً من الكُتّاب والإعْــلَاميين والساسة، كما أنه تيارٌ مؤثر بقُـوَّة في الوسط الأمريكي الرسمي والشعبيّ.
وأهمُّ نقطة في الموضوع أن السياسةَ الأمريكية قائمةٌ على نظرية المصلحة القومية، فهي تقدِّمُ الاعتباراتِ المادية على كُـلّ الاعتبارات الأَخْــلَاقية والإنْسَانية، وبالتالي فإنَّ الصهيونية تمتلك رؤوسَ أموال ضخمة تستثمرُها الولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها (الصهيونية) تتحكّمُ في ثروات دول عربية وإسْلَامية ورجال أعمالها من خلال امتلاكها البنوكَ العالمية والوكالات الاستثمارية العالمية وتحكُّمِها بمسار الاقتصاد العالمي.
هذه الأسبابُ وغيرُها جعلت من أمريكا جداراً حامياً لإسرائيل، وبنت سياستَها الخارجيةَ في الشرق الأوسط على هذا الأساس، وما نعايِشُه من عدوانٍ على اليمن إلّا تنفيذٌ لأجندات أمريكية وحمايةٌ لأمن واستقرار إسرائيل على حساب الدول العربية والإسْلَامية.