وهم الفجوة التكنولوجية في رصد تحركات المقاومة
|| صحافة عربية ودولية || العهد – إيهاب شوقي
ينسى البعض احيانا وهو يمسك بهاتفه الذكي او باستخدامه لبعض التطبيقات والبرامج على اجهزة الكومبوتر، ان ما يستخدمه حاليا كان حكرا على اكبر اجهزة الاستخبارات الدولية، وان ادوات كتلك كانت قاصرة على الجواسيس وعملاء الاستخبارات!
فلكل عصر طبيعته وقوانيته وأدواته، وهو ما يحدد ايقاع الاحداث واسلوب ادارة الصراعات، وان بقيت سنن كونية ومعسكرات انسانية خاضعة لثوابت لا تتغير.
وهناك تطورات تكنولوجية مذهلة دخلت تحت عنوان عالمي شهير بـ”الشفافية”، وهو عنوان اتسع في العقدين الماضيين على خلفية انفجار قدرات المراقبة ولا سيما التجارية والتي ستجعل من الصعب على الدول إخفاء أعمالها.
ان تفاخر العدو الصهيوني مثلا برصد تحركات المقاومة، انما يهدف لايهام العرب بوجود فجوة تكنولوجية، وهو جزء من حرب نفسية خائبة، سنعلم من خلال هذا المقال، وما به من رصد لتقارير غربية ان شركات تجارية، بل ومواطنون عاديون اصبحت لديهم القدرة على الرصد!
والتطور الحادث حاليا، هو تطور خطير لأنه اصبح خاضعا لمنافسات تجارية، مما سيجعل تكلفة وصول المعلومات ارخص، ومساحة المستفيدين منه أوسع، لأن أصحاب رؤوس الأموال المغامرة يضخون مليارات الدولارات في اقمار المراقبة التجارية، والمركبات الجوية بدون طيار، وتحليلات وسائل التواصل الاجتماعية، لتلبية الطلب المتزايد في السوق، وبالتالي تؤدي المنافسة الشديدة إلى انخفاض تكلفة وتحسين المعلومات المتاحة للأفراد والشركات والحكومات.
وأصبحت صور القمر الصناعي عالية الدقة بما يكفي لرؤية السيارات وهي متاحة تجارياً منذ عام 2000، ولكن في عام 2015، وافق المنظمون في الولايات المتحدة على بيع صور أكثر تفصيلاً.
وتقول التقارير ان من المتوقع أن ينمو سوق التصوير بالأقمار الصناعية العالمي من 2.5 مليار دولار في عام 2014 إلى 6.5 مليار دولار بحلول عام 2023.
وبحلول عام 2021 ، من المرجح أن يكون أكثر من 600 قمر صناعي تجاري منتشرا على كوكب الأرض، وهو ما يمثل زيادة مذهلة تبلغ سبعة أضعاف ما هو موجود اليوم.
وبالتالي سيتمكن العملاء من مراقبة الأحداث في جميع أنحاء العالم بسرعة وبتكلفة زهيدة، وعلى سبيل المثال ، تعتزم BlackSky تقديم صور عالية الدقة عند الطلب بأقل من 100 دولار وهو ما يمثل عشرة في المائة من متوسط السعر في الوقت الحالي.
ودعونا نتفقد بعض المعلومات والحوادث من خلال التقارير الامريكية كأمثلة على ما نريد قوله:
1ـ يستخدم الصحفيون والمدونون ومراكز الفكر بالفعل صور القمر الصناعي لوضع الأحداث في سياقها، مثل نشر القوات العسكرية الروسية في سوريا، وقريباً ستسمح التغطية المتزايدة ، والأسعار المنخفضة ، والمعالجة الآلية للصحافة بمراقبة المناطق ذات الاهتمام عن كثب لاكتشاف أحداث جديدة بشكل روتيني أو لتزويد الجمهور بتحديثات متكررة حول كارثة طبيعية أو نزاع مسلح.
2ـ تعمل صناعة الأقمار الصناعية التجارية على توسيع الخدمات المجانية التي تقدمها للمنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة لأغراض بيئية وإنسانية وغوثية وبالتأكيد سياسية.
فعلى سبيل المثال، استخدمت مبادرة الشفافية البحرية في آسيا، وهي مشروع تابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، صور الأقمار الصناعية لتصنيف استصلاح الصين لأكثر من 3000 فدان من الأراضي في سبع شعاب متنازع عليها في جزر سبراتلي، بما في ذلك بناء ثلاثة مهابط طائرات قادرة على دعم الطائرات العسكرية، واستشهدت بعض المؤسسات الإخبارية الرئيسية، مثل فاينانشيال تايمز وواشنطن بوست، بتحليل المركز على الفور، وأبلغت عن رؤيتها لما يبدو أنه تركيب جديد للرادارات الصينية عالية التردد في “كويريتون ريف”.
كما مكنت صور القمر الصناعي التجارية 38 نورث، وهو موقع على الإنترنت تابع للمعهد الأمريكي الكوري في كلية بول ه. نيتز للدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، من تتبع استعدادات كوريا الشمالية للتجارب النووية وعمليات الإطلاق الفضائية.
3ـ الطائرات بدون طيار هي تكنولوجيا اخطر وتنمو سريعا، فهي تغذي المراقبة في كل مكان. فالأقمار تلتقط صوراً لمساحات كبيرة أثناء طيرانها، لكن يمكن للطائرات بدون طيار، بمحرّكاتها التي تزداد قدراتها، أن توفر لقطات فيديو في الوقت الحقيقي أو لقطات مصورة على غرار المصورين.
وقد اشترى الهواة والمحلات التجارية ما يقرب من مليون طائرة بدون طيار في الولايات المتحدة في 2015، ووافقت إدارة الطيران الفيدرالية على أكثر من 3000 شركة لاستخدام المركبات الجوية بدون طيار تجاريًا. مع توقع السوق العسكرية والتجارية العالمية للطائرات بدون طيار أن تتضاعف ثلاث مرات خلال عقد من الزمان، سيكون لدى الدول طرق أكثر لجمع المعلومات الاستخبارية، وكذلك الأمر بالنسبة للمواطنين.
4ـ خلق الحجم الهائل لمحتوى الوسائط الاجتماعية سوقًا للشركات لتحليلها، وتدير داتامينر، إحدى أبرز الشركات في هذا المجال ، خوارزميات قوية على محتوى تويتر لتوفير تنبيهات في الوقت الحقيقي من أخبار الأعمال والأزمات تسبق اكبر واعرق وسائل الاعلام الدولية!
تقول التقارير ان التقنيات الحالية جعلت من الصعب على أي شخص أن يبقى مجهولاً، وذلك بفضل البصمات الرقمية التي يتركها الناس وراءهم.
كما ستضعف الشفافية الاستراتيجيات التي تعتمد على السرية، حتى لو كانت شرعية، وسيصبح الأمر أكثر خطورة بالنسبة للدول لإرسال القوات العسكرية أو الجواسيس أو الدبلوماسيين سراً. ما يمكننا قوله والخروج به باختصار هو ما يلي:
1ـ التفوق التكنولوجي، حتى لو احتكر مصمموه تحديثاته الا انه وصل للجميع مما سيحيد من فاعليته ويبقى الصراع صراعا للارادات، وهي كلمة صائبة قالها الإمام الخامنئي مؤخرا.
2ـ ايهام العدو الصهيوني بأنه يمتلك الاجواء ويرصد التحركات، هو من قبيل الحرب النفسية، لان هذه التكنولوجيا متاحة للجميع، والمقاومة تمتلك ما لا تفصح عنه.
على الشعوب العربية ان تثق بنفسها وامكاناتها وان تخرج من دائرة الوهم التي صنعها الاختراق الصهيوني بان هناك فجوة، فمجال التفوق الان يكمن في الارادة، وهذه الارادة تكتسبها الامة من استعادتها الثقة بنفسها، ومن التأمل والاستلهام من انتصارات المقاومة.