هل ينجح المخطط السعودي في ابتلاع حضرموت أم ستكون اللقمة التي سيختنق بها؟

عملت السعوديةُ، ومنذ وقت طويل، على تخليق وضع خاص لـ “محافظة حضرموت” وبرزت ملامحُ أكثر وضوحاً للترتيبات السعودية في حضرموت منذ بداية عدوانها على اليمن في نهاية شهر مارس الماضي.

وحرصت السعودية بالتعاون مع مرتزقتها من حزب الإصلاح أن يسيطر التنظيم التكفيري المعروف بتنظيم القاعدة على المكلا عاصمة المحافظة وخامس أكبر المدن اليمنية بشكل كامل من خلال شراء بعض الولاءات القبلية في المحافظة بالتعاون مع بعض تجار المدينة وتدمير بنية الجيش اليمني وتقطيع سبل الإمداد إلى المناطق العسكرية في حضرموت، إضافة إلى ذلك الدعم الكبير والسخي الذي قدمته السعودية لعناصر القاعدة في حضرموت.

ولم يشن الطيران السعودي المعادي حتى غارة واحدة على معاقل تنظيم القاعدة في حضرموت بالرغم من أن القاعدة سيطر على أجزاء واسعة من المحافظة وانتشر في كثير من مواقعها بشكل علني، واتخذت أمريكا والمجتمع الدولي موقع المتفرج على انتشار مسلحي القاعدة في المحافظة اليمنية المهمة دون تحريك أي ساكن، وهو الذي يفضح التواطؤ الأمريكي والأوروبي في تمكين القاعدة من محافظات يمنية لإعلان ما يسميه دولة الخلافة ويعري كل ادعاءات قوى الاستكبار العالمي في قضية مكافحة الإرهاب.

وللسعودية ومن خلفها أمريكا مطامع كبيرة في حضرموت الاقتصادية منها والتي تتمثل في الحصول على منفذ مطل على البحر العربي لتصدير النفط الخليجي دون الحاجة إلى المرور عبر مضيق هرمز التي تشرف عليه إيران العدو اللدود للسعودية في المنطقة، كما أن محافظة حضرموت ذات مساحة شاسعة وموقع إستراتيجي وتتمتع بثروات نفطية وسمكية ومعدنية كبيرة تسعى أمريكا ودول الغرب لبسط سيطرتها عليها.

وبرز مشروع السيطرة على حضرموت في تقسيم اليمن إلى أقاليم ستة كون حضرموت فيها إقليماً منفصلاً حتى عن باقي المحافظات الجنوبية لتسهيل ابتلاعها وهو المشروع المشبوه الذي رفضه اليمنيون جملة وتفصيلاً وأكدوا في ثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة على وحدة وسيادة الأراضي اليمنية، وبعد فشل مشروع الهارب هادي في تقسيم اليمن اضطرت السعودية للتدخل المباشر لتقسيم الأراضي اليمنية.

وقبل أيام قليلة نشرت وسائل إعلامية مختلفة وثائق خطيرة تكشف طلباً تقدمت به 95 شخصية تدعي انتماءها لقبائل حضرمية تطالب فيها الملك سلمان بضم أراضي حضرموت لتصبح ملكاً من أملاك المملكة العربية السعودية.

وأوضحت مصادر قبلية مطلعة لموقع “صدى المكلا” أن السلطات السعودية مارست ضغوطات كبيرة على التجار الحضارم للموافقة على هذه المؤامرة وتمكين الأطماع السعودية في حضرموت، وبناء على ذلك تم إصدار وثيقة تطالب الملك سلمان بضم محافظة يمنية إلى المملكة السعودية.

وتكشف المصادر ذاتها أن جميع الموقعين على هذه الوثيقة هم من المقيمون منذ سنوات طويلة في المملكة العربية السعودية حتى أنهم أصبحوا سعوديين أكثر من آل سعود ولا يمكن أن يحسبوا على حضرموت من الأساس.

وأكدت المصادر القبلية في حضرموت أن الشيخ صالح بن سعيد بن عبدالله بن شيبان التميمي الذي يدعي تمثيل مشايخ وأعيان قبائل حضرموت كانت له مواقف سابقة تشير إلى ولائه السعودي المطلق عندما صادرت السلطات السعودي بغير وجه حق أموال وممتلكات الشيخ بن كردوس التميمي أحد تجار حضرموت المنتمين إلى قبيلته ضمن حملات الضغط السعودية على تجار حضرموت.

ويرى مراقبون أن تسريب هذه الوثائق الهامة وفي هذا التوقيت بالذات يهدف إلى جس نبض الشارع الحضرمي تجاه مشروع الاحتلال من قبل السعودية، كما تهدف إلى تمزيق النسيج الاجتماعي الحضرمي وبث الفوضى والخلافات بين أبناء حضرموت أنفسهم وإشغالهم عن المؤامرة الخطيرة التي تحاك على المحافظة، في ظل سيطرة التنظيم الإرهابي على أجزاء منها.

وتستعر هذه المؤامرات المشبوهة بالتزامن مع حملة تدمير ممنهج لبنية المحافظة التحتية من قبل عناصر تنظيم القاعدة، حيث فجرت العناصر التكفيرية المدعومة سعودياً قبل أيام القاعدة مبنى قيادة المنطقة العسكرية الثانية في المكلا وهي المنشأة الثالثة التي يتم تفجيرُها في المكلا بعد مبنى الأمن القومي والأمن السياسي، وتتحدث أنباء عن عزم عناصر التكفير والإرهاب تفجير جميع المباني الأمنية في المدينة حيث قام تنظيم القاعدة بإفراغ مبنى الاستخبارات العسكرية بمنطقة فوه من النازحين ليتمكن من تفجيره في الأيام القادمة.

كما تشهد المحافظة تنفيذَ عقوبات جلد وإعدام بحق مواطنين مدنيين دون محاكمات أو مسوغ قانوني أو شرعي في الميادين العامة لإرهاب المواطن الحضرمي لإخضاعه وتركيعه لهذه القوى الإرهابية حتى يبدو أي تدخل سعودي في المستقبل بمثابة إنقاذ للمواطنين.

ويوم السبت الماضي نفذ مسلحو تنظيم القاعدة الإجرامي أحكاماً بالجلد على عشرة رجال أمام العامة، في مؤشر جديد على سيطرته المتزايدة على المناطق الخارجة عن سلطة الدولة.

وتم جلد هؤلاء المواطنين في مدينة الشحر وهي بلدة ساحلية بعدَ ما أدينوا بتهمة الكفر وتعاطي الكحول والمخدرات.

وقال شهود عيان بالمحافظة: إن كل رجل تلقى ما بين 80 و100 جلدة، وكانوا يصرخون من شدة الألم.

ويقول سكان محليون إن مسلحي القاعدة يضيقون على السكان ويتدخلون في كل جوانب حياتهم اليومية.

وقد عملت السعودية طوال السنوات الماضية على تدمير وتفكيك الأجهزة الأمنية والمؤسسات العسكرية في المحافظة عن طريق اغتيال الضباط والأفراد ومهاجمة المعسكرات لتضمن عدم وجود مقاومة شعبية لمشروع الاحتلال في المستقبل، كما تبث وسائل إعلام العدو ومرتزقته في الداخل رسائل عُنصرية ومناطقية مشوهه، في محاولة لطمس هُوية حضرموت اليمنية الأصيلة وخلق نعرات بين أبناء المجتمع الواحد لتفتيتِ الهُوية اليمنية الجامعة.

ورغم الجُهُودِ السعودية الضخمة في هذه المؤامرة إلا أن وعيَ أبناء حضرموت كان الصخرة التي تتحطم عليها آمال الغزاة في اليمن، حيث تشهد مدينة المكلا ومدن حضرمية أخرى مظاهرات جماهيرية متعددة ضد وجود القاعدة، ما يؤكد أن لا حاضنة شعبية للسعودية أو أدواتها المحلية سواءٌ في حضرموت أو غيرها من المحافظات اليمنية.

قد يعجبك ايضا