“علامات فارقة”؛ حرب أوروبا على البضائع الإسرائيلية

الوقت- أعلنت وكالة “رويترز” للأنباء أن الدول الأوروبية على وشك اتخاذ قرارٍ بوضع ملصقات تعريف للمستهلكين على البضائع المستوردة من المستوطنات التي تعتبرها الدول الأوروبية غير شرعية، وذلك لقيامها على أرض محتلة، بدلاً من داخل حدود العدو الإسرائيلي المعترف بها من قبل الدول الغربية، ومن المقرر أن يقوم الاتحاد الأوروبي بتوسيع هذه التوجيهات وتعميمها على كافة الدول الأعضاء في الاتحاد، والبالغ عددها ٢٨ دولة.

الخطوة التي بدأها الاتحاد الأوروبي تأتي نتيجة الضغط الذي يمارسه المواطنون على الحكومات الأوروبية، فقد اجتاحت أوروبا نداءات تطالب بمقاطعة البضائع الإسرائيلية، حتى أن ضواحي العاصمة الإيطالية، روما، شهدت في وقتٍ سابق مظاهرات وصفت البضائع الإسرائيلية بـ”المغلفة بالدم”، وهذا يشير إلى حجم الحقد الأوروبي الشعبي على الكيان الإسرائيلي نتيجة جرائمه التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني.

ورغم أن تمييز البضائع الإسرائيلية باللصقات لا يعني مقاطعة الكيان الإسرائيلي بشكلٍ كامل، إلا أنّ الكثير من المواطنين الأوروبيين لن يقدموا على شراء هذه البضائع لعدة أسباب، منها:
١- تتوافر في السوق الأوروبية بضائع منافسة للبضائع الإسرائيلية وقد تكون أرخص منها في بعض الأحيان.
٢- حتى أن مواطني أوروبا الذين لم يعترضوا على البضائع الإسرائيلية لن يُقدموا على شرائها، هربًا من تأنيب الضمير.
٣- لن تلقى المنتجات الإسرائيلية الكثير من الزبائن لأسباب “دينية” و”عرقية”.

الحكومات الأوروبية لجأت إلى هذه الخطوة للموازنة بين المطالب الشعبية وضغوط اللوبي الصهيوني، وعلى الرغم من أن الخطوة لن تمنع البضائع الإسرائيلية من الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنها ستؤثر سلبًا على اقتصاد العدو الإسرائيلي الذي يعتمد على السوق الأوروبية بشكلٍ كبير، وخاصةً أن الموانئ الأوروبية هي الأقرب للكيان الصهيوني وهذا ما جعل أوروبا أكبر مستورد للبضائع الإسرائيلية، ففي عام ٢٠٠٨ بلغت الصادرات الإسرائيلية إلى أوروبا ١١.٢ مليار يورو، وفي عام ٢٠١٠ حصل الكيان الإسرائيلي على المرتبة ٢٦ في قائمة الدول التي يستورد منها الاتحاد الأوروبي، وهذا يؤكد أهمية السوق الأوروبية بالنسبة للبضائع الإسرائيلية.

خسارة السوق الأوروبية تعني تدهور الموارد الاقتصادية للكيان الإسرائيلي، وهذا ما يفسر الاتصالات المكثفة التي أجراها الكيان الإسرائيلي خلال الأسبوعين الماضيين في محاولة لإيقاف القرار الأوروبي، حسب ما كشفه مسؤولون كبار لصحيفة “هآرتس”، وكشف مسؤول إسرائيلي رفيع حسب “هآرتس” أنه من خلال المحادثات مع مستشاري “موغريني” في “بروكسل” اتضح أن الطريقة الوحيدة لتأخير قرار وسم المنتجات الإسرائيلية بعلامات فارقة تكمن في متابعة المفاوضات مع الفلسطينيين، وهي مسألة لا تبدو قريبة، حسب ما ذكر المسؤول الإسرائيلي، كما أن مسؤولين صهاينة حذروا من “كارثة اقتصادية” في حال جرى تمييز البضاعة الإسرائيلية في السوق الأوروبية، والجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي ناقش وضع ملصقات على البضائع الإسرائيلية القادمة من المستوطنات قبل عدة سنوات، إلا أنه لم يتخذ أي إجراءات ذلك.

على ما يبدو أن أوروبا لم تعد تقبل بتكلف المزيد من الخسائر على دعم وحماية الكيان الإسرائيلي المتمادي في أفعاله، ولهذا جاء قرار تمييز المنتجات الإسرائيلية كإشارة إلى تخلي الحكومات الأوروبية عن دعم هذا الكيان، فمن شركة “أورانج” للاتصالات التي قطعت علاقتها مع الكيان الإسرائيلي إلى القرار الذي اتخذته الحكومات الأوروبية بشأن البضائع الإسرائيلية، وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات وخاصةً القرار الأخير لا يبدو في الوقت الراهن ذا تأثيرٍ كبير، إلا أن تأثيره سيكون مدمرًا على اقتصاد الكيان الإسرائيلي في المدى البعيد، وتعتمد الحكومات الأوروبية هذه السياسة التدريجية والبطيئة تجنبًا لضغط اللوبي الصهيوني، كما أنها يمكن أن تبرر قرارها بشأن البضائع أمام القادة الصهاينة بكلمة “أعطينا الحرية”، فهي لم تمنع البضائع الإسرائيلية، إنما أعطت المواطن حرية الانتخاب.

أما عن إمكانية نجاح المشروع الأوروبي، فهناك الكثير من الصعوبات أمام الحكومات الأوروبية، وخاصةً إذاما عمد الكيان الإسرائيلي إلى الطرق الملتوية لتسويق بضائعه في أوروبا، عن طريق تركيا مثلاً والتي تتمتع بعلاقات اقتصادية قوية مع الكيان الإسرائيلي، الأمر الذي يفتح المجال أمام إمكانية تسويق البضائع الإسرائيلية تحت مسميات وشعارات تركية .

قد يعجبك ايضا