عامُ الوصول إلى دبي وميناء جيزان والذكاء البالستي
|| صحافة محلية || المسيرة | ضرار الطيب
فيما يقتربُ اليمنُ من طي صفحة العام الرابع من العدوان، يثبتُ المشهدُ العسكريُّ أن قُـــوَّاتِ الجيش واللجان الشعبيّة استطاعت وباقتدار أن تتغلَّبَ على كافة الظروف السلبية التي فرضتها الحربُ، فبالرغم من الحصار الخانق والتفوق المادي والتقني للعدوّ والاستهداف الشامل والمتواصل لكافة مقدرات البلاد، إلا أن قُـــوَّاتِ الجيش واللجان استطاعت أولاً أن تصمُدَ في وجه العدوان ومنعته من تحقيق أي انتصار حتى اليوم، وهذا بحد ذاته يشكّلُ الإنجازَ الأكبرَ، خصوصاً وأن العدوّ راهَنَ منذ اليوم الأول على إضعاف القُـــوَّة العسكريّة للجيش واللجان بمرور الوقت، لكن الأمر لم يقتصر على الصمود فقط، إذ بات اليمنُ المقاوِمُ للعدوان اليوم يمتلك قدراتٍ عسكريّةً متطورة ونوعية لم تكن بحُسبان العدوّ أبداً، وبالذات في مجال التصنيع العسكريّ، الأمر الذي يعتبر سقوطا مدويا لكل الحسابات التي اعتمد عليها تحالف العدوان منذ اليوم الأول.
العام 2018 المنصرم، كان شاهداً على مستوياتٍ عاليةً من التطور العسكريّ وصلت إليها قدرات الجيش واللجان الشعبيّة، وبالذات في ثلاثة مجالات يمكن القول إن تطويرَها في ظل هذه الظروف، يمثّلُ هزيمةً كبرى لتحالف العدوان وصفعةً ثقيلةً على وجه حساباته العسكريّة، وهي: الصواريخ البالستية، والقُـــوَّة البحرية، وسلاح الجوّ المسيّر.
عامُ الوصول إلى دبي
في يوليو الفائت، أزاح سلاحُ الجوّ المسيّر للجيش واللجان الشعبيّة الستارَ عن طائرة “صمّاد2” كأول طائرة مسيّرة بعيدة المدى، وجاء ذلك ضمن الإعلان عن نجاح أول هجوم للطائرة على مصفاة أرامكو النفطية في العاصمة السعوديّة الرياض (اعترفت السعوديّة بالعملية آنذاك)، الأمر الذي شكّل نقلةً نوعيةً في آليات المعركة كلها، إذ لم يكن بحُسبان العدوّ السعوديّ أبداً أن تتلقى عاصمتُه قصفاً جوياً، في الوقت الذي ما زال يحاول فيه أن ينكر إصابة الصواريخ البالستية اليمنية لأهدافها في العاصمة نفسها.
بعد أسبوع واحد، لم يكن فيه تحالفُ العدوان قد استوعب الضربةَ الجوية الأولى، جاءت المفاجأةُ الثانية أثقلَ عياراً، بالكشف عن طائرة “صمّاد3” في أول هجوم لها، وهذه المرة على مطار أبو ظبي الدولي في الإمارات، وإلى جانب ما أثبته ذلك من أن التطورَ الاستثنائيَّ للقدرات الجوية يمضي في مسار متكامل ومنظم وناجح، حملت طائرة “صمّاد3” تطوراً آخر مستقلّاً بذاته، تمثّل في الوصول إلى أراضي الإمارات التي ظلت لوقت طويل تظُنُّ أنها بعيدةٌ عن نيران الجيش واللجان الشعبيّة، الأمرُ الذي طوى صفحةَ التشويش الذي حاول العدوانُ بثَّه حول إمكانية وصول الصواريخ البالستية إلى السعوديّة والإمارات، ووضع الرياض وأبو ظبي أمام واقع جديد مفاجئ، ثابت النجاح، وبالغ التطور.
شهرٌ واحدٌ فقط مضى منذ الهجمة على مطار أبو ظبي، وفيما كانت الإمارات قد استشعرت الخطر وبدأت بالبحث عن دفاعات جوية خَاصَّــة بالطائرات المسيّرة، جاءت المفاجأة الأشد وطئاً على أبو ظبي، نهاية أغسطس، بهجوم جوي جديد شنته “صمّاد3” على مطار دبي الدولي، وبما يشكّله اسم “دُبَي” من اختزال لكل “مفاخر” النظام الإماراتي، كان الهجومُ أيضاً يختزلُ سقوطَ كافة تحصينات الإمارات وحساباتها العسكريّة القائمة على التطور المادي، علاوةً على ما أثبته الهجوم من دقة عالية في تطور سلاح الجوّ المسيّر من خلال نجاح تكرار العمليات بعيدة المدى.
وبحسب إحصائية، أعلنها المتحدِّثُ العسكريّ أمس، نفّذ سلاح الجوّ المسيّر، 10 هجمات على منشآت معادية داخل السعوديّة والإمارات، وبغض النظر علن الآثار العسكريّة والاقتصادية الكبيرة التي سببتها هذه الهجمات على الرياض وأبو ظبي، يمكن القولُ إجمالاً أنها كانت مظهراً واضحاً لانقلاب ميزان القُـــوَّة العسكريّة بما يمثل سقوطاً مدوياً لإمكانيات قوى العدوان، التي اعتمدت في حربها بشكل رئيسي على سلاح الجوّ.
عامُ الذكاء البالستي
في مارس الفائت، كشفت القُـــوَّةُ الصاروخية للجيش واللجان الشعبيّة عن دخول منظومة “بدر1” البالستية محلية الصنع، إلى خط المواجهة، ومثّل ذلك إضافةً نوعيةً إلى المخزون الصاروخي اليمني بالنظر إلى المواصفات النوعية للمنظومة، كما مثّل دليلاً جديداً على أن القُـــوَّةَ الصاروخيةَ ماضيةٌ في مسار تطور صناعي ثابت لا تتأثر بالظروف الصعبة التي فرضها العدوان، منذ أن أعلن قبل أكثرَ من ثلاثة أعوام عن تدميره لمخزون الصواريخ البالستية اليمنية بشكل كامل.
وعلى الرغم من أن الأعوام الثلاثة الماضية شهدت إنتاجَ منظومات بالستية يمنية عدة شكلت مفاجآت صاعقة على قوى العدوان، إلا أن المفاجأة الكبرى كانت من نصيب هذا العام، وتمثلت في الانتقال إلى مرحلة “الذكاء البالستي” والتي دشّنتها القُـــوَّة الصاروخية نهاية أكتوبر الفائت بالإعلان عن منظومة “بدر1 – بي” الذكية، وهو الأمر الذي فتح أعينَ كُلّ الخُبَراء والمراقبين على مسألة لم تتضمنها أيةُ حسابات أَو توقّعات عسكريّة سابقة.
وبالنظر إلى تأريخ التصنيع العسكريّ للقُـــوَّة الصاروخية منذ بداية العدوان، يعرفُ الجميعُ أن المنتجات البالستية اليمنية لا تظهر للعلن إلا وتتبعها منتجاتٌ أكثرُ تطوراً، وبالتالي فإن ظهور منظومة “بدر” الذكية شكّل بوابة لمرحلة استثنائية تبث الرهبةَ في تفكير دول العدوان وهي تحاولُ أن تتوقعَ المنتجَ القادمَ من عائلة الصواريخ الذكية، خصوصاً وأن صواريخ الجيش واللجان أثبتت نجاحاً كاملاً في الميدان، وتجاوزت كُلَّ خطوط دفاع العدوّ في الداخل وفي الخارج.
الوصولُ إلى ميناء جيزان
القُـــوَّةُ البحريةُ للجيش واللجان الشعبيّة هي الأخرى شهدت خلال عام 2018 تحولاً نوعياً، لم يكن بالحسبان، خَاصَّــةً وأن العدوَّ ركّز هذا العام بشكل أكبر على التصعيد في الساحل الغربي، مستخدماً كُلّ ما لديه من قُـــوَّة.
ولعلَّ أبرزَ ما تضمنه تطور القُـــوَّة البحرية، إلى جانب تصنيع الألغام البحرية واستهداف بوارج العدوان، هو تنفيذُ عمليات هجومية بحرية داخل المياه الإقليمية السعوديّة؛ لأَنَّ ذلك قلَبَ معادلاتِ المواجهة البحرية تماماً، إذ كان أقصى ما يتوقعه العدوّ في هذا المجال هو التطور “الدفاعي” البحري وليس الهجومي.
في نهاية سبتمبر الفائت، أعلنت القُـــوَّات البحرية للجيش واللجان عن تنفيذِ هجومٍ استهدف زورقاً لحرس الحدود السعوديّ في ميناء جيزان، الأمر الذي يعني تجاوُزَ الرصد البحري والجوي المكثف على المياه الإقليمية اليمنية وداخل المجال البحري السعوديّ، إلى جانب النجاح في تنفيذ الهجوم والعودة بسلام، وهو ما يمثل صفعة مدوية أخرى للنظام السعوديّ الذي يمتلك إمكانيات بحرية فائقة التطور.
وبالمجمل، يمكنُ القولُ إن عام 2018 كان عام التطور الهجومي لقُـــوَّات الجيش واللجان الشعبيّة بامتياز، بعد أن حقّقت تطوراً كبيراً في المجال الدفاعي، وبالتالي فإن المستقبل الآن يتضمن تطوراً متكاملاً بتكامل المنظومتين الدفاعية والهجومية، وبالنظر إلى تأكيدات القيادة السياسية والعسكريّة على استمرار مسارات التطور العسكريّ، فإن “القادم أعظم” بالتأكيد.