اتّفاق الحديدة.. يموت سريرياً والسبب؟
|| مقالات || زين العابدين عثمان
لا يبدو أن اتّفاق الحديدة المبرم بين الأطراف بستوكهولم سيُكتَبُ له النجاحُ، فالمتغيرات والتحولات التي حصلت خلال فترة تنفيذه المخطط لها أممياً ودولياً لم تحمل أياً من المؤشرات الباعثة للأمل لنجاحه أَوْ حتى لإحرازه أدنى تقدم جيوسياسي يخترق حاجز الفشل، بالرغم من الحضور المباشر للبعثة الأممية للرقابة والجنرال الهولندي باتريك كاميرت الذي يشرف على مسار التنفيذ.
فتحالفُ العدوان ما زال لم يلتزمْ بعد بأي بند من بنود الاتّفاق الأساسية سواء وقف إطلاق النار أَوْ بند إعَادَة الانتشار فمعطيات توجهاته لا تشير غير أنه يتموضع ويستحدث التحصينات على خطوط الاشتباك بتخوم مدينة الحديدة ويرسل بالتعزيزات الإضافية ويرتب صفوف قواته لخوض جولة جديدة من التصعيد العسكريّ الذي صار خياره الواضح في كُـلّ توجهاته السياسية -الإعلامية والعسكريّة.
الأمم المتحدة وبعثتها الرقابية برئاسة” كاميرت” لم تستطع أن تقومَ بإلزام تحالف العدوان بتنفيذ بنود الاتّفاق رغم أن مهلة آلية التنفيذ المقررة في الإطار العام شارفت على الانتهاء، فعجزها أصبح واضحاً وصارت بشكل دراماتيكي تراوح مكان الوسيط إلى الباحث عن التنازلات الإضافية من طرف سلطة صنعاء السياسية محولة بذلك الآلية التنفيذية للاتّفاق إلى آلية تفاوضية وهذا حرفياً يعتبر تحولاً يهدد بانهيار الاتّفاق بالكامل وعودته إلى ما قبل صياغته بمشاورات السويد..؛ لذا فالأمم المتحدة لم تقدم إلى اللحظة أية خطوة واقعية في صعيد الاتّفاق غير الزيارات الرسمية الفراغية من الحديدة إلى عدن والعكس، ووعوا الحبر والورق والشلل الحركي أمام خروقات تحالف العدوان الصارخة لبنود الاتّفاق.
سُلطةُ الأمر الواقع بصنعاء حاولت بجهودٍ كبيرةٍ إنجاح الاتّفاق وَقدمت كُـلّ التسهيلات والتنازلات الاستثنائية في سبيل ذلك وقد بادرة بتنفيذ بنود الاتّفاق لوحدها على الميدان على أمل أن تكون هناك استجابة لتحالف العدوان ليقوم بالتنفيذ هو الآخر وأن تتحرك الأمم المتحدة للضغط عليه كردة فعل كان من المفترض أن تحصل. لكن لا حياة لمن تنادي، فالوسيط والمعتدي أصبح في اتّجاه واحد وبقيت سلطة صنعاء وحيدةً على ميدان الاتّفاق، وهذه الحقيقة.
بالتالي ومن خلال هذه المتغيرات يمكن القولُ بأن اتّفاقَ الحديدة دخل موتاً سريرياً بالفعل وأصبح يعاني من جلطات الفشل الذي تشارف أن تكونَ قاتلةً مع ارتفاع وتيرة العجز الأممي أَوْ بالأحرى التلاعب الأممي بآلية التنفيذ أمام عدم التزام تحالف العدوان بالبنود وصبِّه الزيتَ على النار.