انهيار سياسية “الصوت الواحد” في ظل التطورات الجديدة التي يشهدها العالم العربي

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

 

إن نتائج الاجتماعات المختلفة التي عقدتها المنظمات الإقليمية والدولية في العديد من الدول العربية خلال الأشهر الأخيرة، كشفت الستار عن وجود الكثير من الانقسامات بين الدول العربية وداخل جامعة الدول العربية.

يذكر أن تلك المنظمات وتلك المؤسسات تم إنشاؤها في وقت من الأوقات لتعزيز قوة الدول العربية لمواجهة التهديدات المشتركة، وتعزيز الأمن الإقليمي للمنطقة، وحل النزاعات، وتعزيز أواصر التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية بين الدول العربية على المستويين الإقليمي والدولي، لكن التطورات الأخيرة كشفت بأن تلك المنظمات وتلك المؤسسات أصبحت في وقتنا الحالي مكاناً لإظهار عمق الصراعات السياسية بين الدول العربية الأعضاء، وكشفت الستار عن عدم قدرتها على حل النزاعات الحاصلة بين بعض الدول العربية.

وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة إلى الاجتماع الذي عقد يوم أمس الاثنين، لرؤساء البرلمانات العربية في العاصمة الأردنية “عمان”. ففي حين أكد “عاطف الطراونة” رئيس مجلس النواب الأردني و”نبية بري” رئيس البرلمان اللبناني و”مرزوق الغانم”، رئيس مجلس الأمة الكويتي على إدراج فقرة في البيان الختامي تدين تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” ، إلا أن ممثلي وفود دولة الإمارات، والسعودية ومصر عارضوا بشدة ذلك الطلب وطالبوا بإعادة النظر في تلك الفقرة.

كما دعا ممثل الإمارات، رئيس البرلمان الأردني للتطرق لما أسماه بالتدخل الإيراني في شؤون الدول العربية، إلا أن هذا الطلب لم يلقَ أي ترحيب من معظم الوفود العربية المشاركة في ذلك الاجتماع.

وفي قمة “شرم الشيخ”، التي عقدت في مصر أواخر فبراير الماضي، حضر 11 رئيساً عربياً من 21 دولة عربية في هذا الاجتماع، أي إن نصف الرؤساء العرب لم يشاركوا في هذا الاجتماع ويرجع السبب في ذلك إلى وجود الكثير من الخلافات بين معظم الدول العربية، كالشيخ “تميم بن حمد آل ثاني”، أمير قطر والرئيس السوري “بشار الأسد”.

والمثال الآخر الذي يؤكد وجود فجوة وخلافات بين معظم الدول العربية، ظهر في الاجتماع الاقتصادي للدول العربية الذي عقد في العاصمة اللبنانية “بيروت” في يناير 2019، حيث أظهر المستوى المنخفض لمشاركة الدول العربية في هذا الاجتماع، أن جامعة الدول العربية تخلّت عن مسؤولياتها بحل جميع المشكلات التي عصفت بلبنان وبمعظم الدول العربية الأخرى.

صراعات الرعاة الأقوياء والتهديدات الوهمية

وفقاً للعديد من المراقبين والخبراء في العالم العربي، إن وجود أنظمة عربية دكتاتورية وانعدام الديمقراطية في بعض الدول العربية ووجود صراعات أيديولوجية وخلافات إقليمية وتاريخية وسعي بعض الدول العربية وخاصة تلك المطلّة على الخليج الفارسي للاستفادة من هذه المنظمات وهذه المؤسسات لتحقيق أهدافهم وسياساتهم في المنطقة، تعدّ من أهم الأسباب الرئيسة لحدوث هذا الانشقاق السائد بين معظم الدول العربية وفشل وعدم كفاءة معظم هذه الدول في إدارة أمورها الداخلية وسياساتها الخارجية.

وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى الدور الذي لعبته السعودية في المنطقة، فخلال العقود الماضية سعت الرياض إلى توجيه قضايا القمة العربية لخدمة منافساتها الإقليمية مع طهران والدوحة وأنقرة.

في الواقع، لقد بذلت الرياض الكثير من الجهود لتقدّم نفسها على أنها قائدة العالم الإسلامي وكذلك لضرب القوى الثورية المعتدلة في العالم الإسلامي، وعملت خلال الفترة السابقة على إضعاف دور جامعة الدول العربية المتمثل في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة وحلّ النزاعات بين الدول الأعضاء ومواجهة التهديد الذي يشكّله الصهاينة في المنطقة.

وحول هذا السياق، قامت الرياض في البداية بتعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، على الرغم من أن سوريا كانت أحد أهم الأعضاء المؤسسين لهذه الجامعة، وبعد ذلك دعمت السعودية التدخل الأجنبي في ليبيا واليمن بما يتماشى مع سياسة الرياض الإقليمية كحليف استراتيجي لمصالح الغرب. وفي خطوتها الثانية، قامت السعودية بنشر سياسة التخويف من إيران في المنطقة ودعت إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، بدلاً من الاهتمام بقضية فلسطين ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا الأمر يعدّ عاملاً مهماً آخر تسبب في خلق فجوة عميقة بين معظم الدول العربية وفي خاصرة جامعة الدول العربية.

وبسبب كل تلك الأزمات التي عصفت بمعظم الدول العربية والتي لعبت دوراً أيضاً في تثبيط العالم العربي ومنعه من التحرك نحو التقارب والاتحاد، أعرب “عمرو موسى”، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية في 17 فبراير 2019 خلال مقابلة خاصة له مع صحيفة “الغد” الأردنية، بأنه يجب ألّا نعادي إيران لأنها دولة إسلامية وشقيقة في المنطقة وينبغي علينا التركيز على القضية الفلسطينية وعدونا الأساسي المتمثل بالكيان الإسرائيلي.

وفي نهاية المطاف يمكن القول بأن الترحيب الخاص الذي حظي به رئيس البرلمان السوري من قبل رؤساء البرلمانات العربية، وكذلك تأكيد بعض الدول مثل لبنان والعراق والأردن على عدم تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني في البيان الختامي لاجتماع رؤساء البرلمانات العربية، يؤكد من ناحية فشل السياسات الغادرة لعائلة آل سعود ضد مصالح العالم الإسلامي، ومن ناحية أخرى، يعدّ نهاية الصوت الواحد في جامعة الدول العربية وبداية موسم جديد يهتم بتقوية النهج الشعبي.

قد يعجبك ايضا