النهجُ الصمّادي القدوة

|| مقالات ||  قاسم محمد لبوزة

بمناسبة الذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس السابق للمجلس السياسي الأعلى صالح الصمَّــاد، نستحضرُ سيرةَ ومسيرةَ رجل استثنائي حمَلَ على عاتقِه مشروعَ التحرّر الوطني من الهيمنة والتبعية واستقلال اليمن وقراره وهو يقفُ في خط التصدي لكل أدوات المشروع التآمري التفتيتي الذي يستهدفُ اليمنَ هُويَّةً وجغرافيا ومقدراتٍ، ببسالة الرجالِ الذين وهبوا أرواحهم رخيصةً في سبيل تحقيق الأهْدَاف الوطنية الكبيرة التي لا يقدِرُ على السير في خُطَاها إلّا المصلحون الأبرار..

وأمامَ مسيرةٍ وطنيةٍ سار فيها الشعبُ اليمني الحر الأبي الذي لا يقبَلُ الضيمَ والهيمنةَ والوصاية الخارجية وتحمّل خلالها هذا الشعب الوفي صنوفَ المعاناة وممارسات العدوان التي دمّـــرت الحياةَ، ورغم كُــلّ ذلك بقي اليمنيون في خندق المواجهة الشاملة لذلك العدوان البغيض، كُـــلٌّ من موقعه لا يلينُ لهم جانبٌ، وهذا ما جعل قوى الاستكبار تحشُدُ كُــلَّ أدواتها العسكرية والاستخبارية ومرتزقتها لتستمرَّ في عدوانها الوحشي للعام الخامس على التوالي؛ بهَدفِ إدخال اليمن مجدّداً تحت بيت طاعتها ووصايتها، فلجأت إلى الحرب والدمار يحدوها أملٌ غارقٌ في اليأس أنها ستعود مجدّداً إلى ابتلاع اليمن والسيطرة عليه.. وكبح جماح أبناء اليمن الأحرار من بناء دولتهم المدنية العادلة القوية على أسس النماء والتطور وحرية واستقلال القرار الوطني.

وخلالَ هذه المسيرة العظيمة لا شك قدّم اليمنيون فيها أبلغَ دروس التضحية والفداء، يتقدمهم أشرف الرجال في جبهات العزة والشرف ومواقع العمل الوطني؛ دفاعاً عن كرامة اليمنيين والثأر لدماء الأَطفال والنساء والشيوخ التي سفكها العدوانُ ظلماً وعدواناً في أسوأ مرحلة مارس فيها المجتمعُ الدولي والأممي دورَ شاهد الزور علانيةً دونما خجل أَو رحمة.. ورحل في رحاب هذه المسيرة المظفرة قوافلُ من الشهداء الأبرارِ الذين سقوا بدمائهم الزكية ثمرةَ الحرية والثورة ضد الاستكبار والهيمنة والتبعية والوصاية الخارجية.. وفي طليعة هذا الركب الشهيدُ العظيم صالح الصمَّــاد رئيس المجلس السياسي الأعلى الذي كان أولاً مواطناً حرًّا ومجاهدًا صلبًا قبل أن يصبحَ رئيساً لكل اليمنيين الأحرار الأباة واختاره اليمنيون ليكونَ رئيساً للمجلس السياسي الأعلى، إذ كانت المواطَنةُ هُويَّته الأساس والرئاسةُ مهمةً وطنية فرضتها ظروفُ المرحلة والتي كان يراها مهمةً عابرة لم يُلقِ لها بالاً من حَيث التزوُّد من بهرجها ومغنمها بل عبَرَ فوق حطامها مُعلياً من قيم التضحية والحرية والبذل والعطاء، مجنداً نفسَه في خدمة أبناء وطنه وبثّ روح الإيثار والعطاء، مجسداً شعارَه الذي استشهد من أجله “يدٌ تبني ويدٌ تحمي”.. هذا العنوان الكبير والنبيل الذي رفعه بصدقية المؤمن الغيور على بلده والقوي بما يحمله من قيم الخير والتضحية.. حتى لحظة استشهاده التي نحيي ذكراها اليوم ونستحضرُ معها روحيةَ الجهاد والنضال وهي تمر علينا كطيفِ خيال؛ لأَنَّنا في كُــلّ وقت نستشعرُ حضورَ الشهيد الصمَّــاد بيننا عند كُــلّ لحظة انتصار على العدوان في كُــلّ جبهة ومع كُــلّ ترنح وانتكاسة لحلفاء العدوان.. ومعها نتذكرُ خطبَه ومواعظَه والحواراتِ التي كانت تدورُ بيننا وبينه والموجهات التي كان يضعُها والحقائقُ التي كان يراها علاماتِ نصر تلوحُ في الأُفُق لتشبُّعه بوعي قرآني وإيْمَــاني عظيمٍ جعله في طليعة المصلحين والمجاهدين الذين لا تندرس ذكراهم على مر الزمن بل تزداد توهجاً وحضوراً في ذاكرة الناس والأجيال التي حتماً ستحملُ قيمَه وتختطُّ السيرَ على منواله؛ لأَنَّه جسرُ العبور إلى البناء والتطور والمستقبل المنشود الذي ستحيى فيه اليمن حرةً مرفوعة الرأس مشتدَّةً العُودَ لا تعرفُ لليأس سبيلاً..

وبكل تأكيد لا نستطيعُ في هذه التناولة أن نلُمَّ بكل محطات الفقيد الشهيد الصمَّــاد المرصَّعة بكل ما هو عظيم.. لكن عزاءَنا هو في كُــلِّ الحب الكبير الذي يحملُه له كُــلُّ أبناء اليمن الشرفاء الأباة الذين يضعونه في خانة النموذج. المحتذى به في العطاء والبذل وحب الوطن..

وجميعُنا مطالَبٌ بالسير على هذا النهج. الذي قارع فيه الشهيدُ زمنَ الظلم والانبطاح، متحلين بعزيمة نضالية وثّابة وُصُولاً إلى تحقيق الانتصار الكبير على العدوان والثأر لدماء الأَطفال والنساء والمستضعفين وبناء دولتنا اليمنية القوية التي ينبغي أن تتأسسَ على العدل والمدنية ونبذ الفُرقة والكراهية والحفاظ على الوحدة والسير في طريق بناء المؤسّسات وحماية الأمن الداخلي وحماية شعبنا اليمني وحقه في السيادة والحرية واستعادة حقوقه الكاملة التي انتهكتها دول العدوان..

هذا هو منوالُ الرئيس الشهيد الصمَّــاد.. وهذه مدرسةُ الصمَّــاد المليئة بالقيم النبيلة وبالعطاء الذي لا ينضب.. فلنكن جَميعاً عند هذا المستوى من الوعي والبصيرة والمسئولية كي نعبرَ بوطننا إلى بر الأمن والامان والانتصار على مشاريع الاستكبار والتجبر والظلم والطغيان..

وفي نهاية المطاف نشاطرُ جموعَ اليمنيين الأحرار حزنَهم في هذه الذكرى الأليمة التي رحل فيها الشهيدُ الصمَّــاد تاركاً وراءه إرثاً من نُبلِ القيم وعبر التضحية والفداء وحُبِّ الناس والأجيال.. وبإذن الله نكونُ على موعد مع النصر الأكيد..؛ لأَن هذا وعدُ الله للصابرين المدافعين عن وطنهم وعن المستضعفين..

* نائب رئيس المجلس السياسي السابق

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا