أهمية الجولان الاستراتيجية.. هل ستدخل المنطقة بسببها نفقاً مظلماً آخر من النزاعات؟
محور المقاومة، من أجل القضاء على "إسرائيل" ليس من الضروري شن~ هجوم على "تل أبيب"
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
بعد حرب عام 1967، تمكّن الكيان الصهيوني من احتلال حوالي 80٪ من منطقة الجولان التي تبلغ مساحتها حوالي 1158 كيلومتراً مربعاً وفي حرب 1973، تمكّنت سوريا من استعادة مئة كيلومتر مربع من هذه الأراضي وحول هذا السياق، أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن عدد السكان في هذه المنطقة كان تقريباً 130 ألف نسمة في 1967، يقيمون في أكثر من 139 قرية ومنطقة سكنية وكان أولئك السكان من أعراق مختلفة شملت التركمان والشركس ونسبة كبيرة منهم كانوا من المسلمين السنة وعدد منهم كانوا من المسيحيين.
ولفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أنه في الوقت الحالي، هناك حوالي 26 ألف مواطن سوري يعيشون في 5 قرى “مجدل الشمس، وبقعاتا، والمسعدة، وعين القنية والغجر”، معظمهم من الدروز، والبعض الآخر من العلويين.
وقبل احتلال الكيان الصهيوني لهذه المناطق، كانت منطقة الجولان مثالاً للتنوع الأنثروبولوجي والقبلي، وكانت هناك مجموعات مختلفة من الناس، بمن في ذلك الشركس والتركمان والأكراد والأرمن والعرب، يعيشون في سلام وشمل التنوع الديني لسكان هذه المنطقة أيضاً السنة والشيعة والمسيحيين والدروز والعلويين والإسماعيليين.
وفي السياق نفسه، يقرّ الكاتب والمؤرخ الإسرائيلي “إيلان بيبيا” بأن الكيان الصهيوني قام خلال العقود الماضية بعمليات تطهير عرقي في مناطق الجولان المحتل كمحاولة لتحويل المنطقة من منطقة متعددة الأعراق إلى منطقة ذات عرق واحد، ولهذا فلقد قامت قوات الجيش الإسرائيلي خلال الفترة الماضية بطرد جزء كبير من المواطنين الفلسطينيين من تلك المناطق.
من جهته أعلن الكيان الصهيوني منذ احتلاله لمنطقة الجولان بأن هذه المنطقة أصبحت منطقة عسكرية مغلقة، وقام بحظر دخول مختلف الناس إلى هذه المنطقة وذلك ليتمكّن من متابعة خطة التطهير العرقي للمنطقة من دون ضجة من وسائل الإعلام وعقب قيام الكيان الصهيوني باحتلال هذه المنطقة بوقت قصير، قام بتأسيس أول مستوطنة صهيونية في هذه المنطقة، سميت باسم “هاجولان”.
وفي وقتنا الحالي، قام الكيان الصهيوني ببناء 34 مستوطنة صهيونية في منطقة الجولان المحتل، ويعيش في هذه المستوطنات حوالي 26 ألف مستوطن صهيوني ولا تعود الأطماع الإسرائيلية بالجولان إلى فترة احتلاله، فقد صوّبت أنظارها نحوه منذ أمد بعيد لتنوع التضاريس والإنتاج الزراعي والحيواني، وكونه مصدر غني بالمياه، ولموقعه ذي الأهمية الجغرافية.
وفي هذا الصدد ذكر مركز الدراسات المستقلة في “إسرائيل”، بأن الكيان الصهيوني قام بتأسيس 73 شركة استثمارية في منطقة الجولان المحتل، معظمها مملوكة ملكية خاصة، ولفت ذلك المركز إلى أن 48 من هذه الشركات هي شركات مملوكة لـ “إسرائيل” ومقرّها الرئيس موجود في الأراضي المحتلة، و17 من هذه الشركات موجودة في مرتفعات الجولان المحتلة وبقية الشركات إما في الضفة الغربية أو تابعة لشركات دولية صينية وأمريكية وكورية وهولندية.
وأضاف ذلك المركز، بأن قيام الكيان الصهيوني بنشر مواقع المدفعية ومنشآت المراقبة والتجسس الإلكترونية في منطقة الجولان قد خلق امتيازاً كبيراً لـ “إسرائيل”، ووفقاً للسلطات المعنية، إن هذا الموقع الاستراتيجي مهم للغاية ولا يمكن استبداله بنظام الإنذار المبكر أو نظام منطاد التجسس ووفقاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق “إسحاق روبين”، فإن فقدان الجولان سيعني فقدان أمن “إسرائيل”.
هل باستطاعة محور المقاومة تحرير الجولان المحتل ؟
لقد أعلن قادة حزب الله اللبناني منذ فترة طويلة بأن قواتهم العسكرية سوف تقوم بتحرير الجولان المحتل، إذا ما قام الكيان الصهيوني بغزو للأراضي اللبنانية.
كما أعلنت حركة النجباء في العراق عن تشكيل لواء عسكري في البلاد لتحرير الجولان، وقالت بأن هذا الإعلان ليس قضية دعائية، بل هو هدف حقيقي لحركة المقاومة الإسلامية في المنطقة.
وفي سياق متصل، أعلن السكرتير العام لحركة النجباء، الشيخ “أكرم الكعبي”، بأن المقاومة لديها الخبرة والقدرات العسكرية والميدانية اللازمة لتحرير الجولان وإلحاق الهزيمة بمحور الشرّ والقضاء على الكيان الصهيوني.
وعقب اعتراف الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في وسائل الإعلام بأن مرتفعات الجولان تعتبر جزءاً لا يتجزأ من أراضي “إسرائيل”، أعرب مصدر في وزارة الخارجية السورية، بأن الشعب السوري أعلن عن تصميمه وعزمه على تحرير هذه المنطقة المهمة من أيدي الصهاينة الجبناء ولقد صدرت أيضاً مواقف من جامعة الدول العربية، ومن روسيا وتركيا وإيران والاتحاد الأوروبي، ترفض تصريحات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، بشأن الاعتراف بـ”سيادة” إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
فمن جهته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية “أحمد أبو الغيط”، إن أي اعتراف أمريكي بسيادة “إسرائيل” على الجولان، سيمثل ردة فعل خطيرة في موقف أمريكا من الصراع العربي الإسرائيلي.
وفي السياق نفسه، شددت وزارة الخارجية المصرية على موقفها الثابت من أن الجولان السوري أرض عربية محتلة، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية.
كذلك أكد وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني “أيمن الصفدي”، موقف الأردن الثابت بأن الجولان أرض سورية محتلة وفقاً لجميع قرارات الشرعية الدولية، التي تنصّ بشكل واضح وصريح على عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة.
وفي هذا الصدد، رفض “رفعت حسين”، عضو البرلمان السوري هذه الخطوة الأمريكية قائلاً: “إن تحوّل ترامب لا يهمنا ولا يغيّر الحقائق التاريخية والجغرافية وسيظلّ الجولان سوري وعربي”، وطبعاً موقف “رفعت حسين” لا يختلف عن موقف الكثير من سكان دمشق الذين قالوا إنهم واثقون من عودة الجولان إلى سوريا.
ومن جهته أكد الرئيس اللبناني “ميشال عون” مجدداً في اجتماع مع وفد أمريكي في بيروت، رفض بلاده سيطرة الكيان الصهيوني على الجولان المحتل، مضيفاً بأنه سيستخدم كل الوسائل لاسترداد مزارع شبعا وكفر شوبا من أيدي الإسرائيليين.
وبالإضافة إلى تصميم قادة محور المقاومة على تحرير الأراضي المحتلة من الجولان، فإن التطورات الداخلية الأخيرة في هذه المناطق، والاحتجاجات العامة ضد محاولات الكيان الصهيوني إجراء انتخابات داخلية في الجولان، أظهرت أيضاً بأنه داخل هذه المناطق هناك أيضاً أساس جيد لإنهاء احتلال الكيان الغاصب على هذه المناطق.