التراجيدية السعودية تثير سخط عالمي؛ هل ستنتهي المحاكمات الهزلية والإعدامات المتكررة؟!
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
أفادت العديد من المصادر الرسمية السعودية، بأن المحكمة العليا في هذا البلد أصدرت يوم الثلاثاء الماضي أحكام بإعدام 37 سجينا في عدد من المدن السعودية ولفتت تلك المصادر بأن الشرطة السعودية قامت بصلب بعضهم بوحشية بعدما قامت بإعدامهم وأعربت تلك المصادر بأن تلك الاحكام صدرت في حق اولئك الأشخاص بعدما لفق لهم النظام السعودي العديد من التهم والقول بأنهم كانوا يقومون بمؤامرات إرهابية ضد الأمن القومي السعودي وكانوا يقومون أيضا بالتجسس لحساب دول أخرى، والترويج للمذهب الشيعي وأبدت تلك المصادر أستغربها من أن هذه الاحكام صدرت في الوقت الذي لم تقم المحاكم السعودية باصدار أي أحكام ضد الفريق السعودي المكون من 15 شخص والذين قاموا بقتل الصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي” في القنصلية السعودية في استنطبول قبل عدة أشهر.
وفي سياق متصل، ذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير نشرته قبل عدة أيام، بأن النظام السعودي اعدم هذا العام ما لا يقل عن 104 سعودي، في حين أن العدد الإجمالي الذين تم اعدامهم في عام 2018 كان 149 سعودي. وفي هذا الصدد، أفاده العديد من المصادر الاخبارية، بأنه من بين اولئك الـ37 شخص، كان هناك 34 ينتمون إلى المذهب الشيعي وهذا الامر تسبب في حدوث صدمة شديدة لدى أبناء المذهب الشيعي في السعودية.
ولهذا فلقد أعربت العديد من المنظمات الانسانية بأن هذا العمل التي قامت به السعودية في حق الـ37 شخص يعتبر شكل من أشكال العقاب الجماعية للمعارضين لها ووصفت تلك المنظمات هذا الامر بأنه يعد عملا غير قانوني لعدة أسباب، من أبرزها:
أولاً، إن النظام السياسي السعودي لا يستعين بنظامه القضائي لتحقيق عدالة حقيقية في البلاد، بل لتعزيز سيادته وطغيانه على الشعب السعودي.
ثانيا، إن المحاكمات السرية التي تمت في المحاكم السعودية، شككت في مصداقية النظام القضائي في البلاد، وذلك لأنه وفقاً للعديد من وسائل الإعلام الدولية، فإن الاعترافات التي قُدمت في المحاكمات جاءت بعد تعرض المتهمين للتعذيب الشديد.
ثالثا، عندما يقوم النظام السعودي بإعدام المعارضين له، يقوم أولا بتلفيق العديد من التهم لهم وإدانتهم بالإرهاب وذلك من أجل تجنب أي انتقادات دولية ولهذا، فلقد حاولت الأنظمة الأمنية ومواقع التواصل الاجتماعية المرتبطة بنظام آل سعود تبرير هذه الأحكام ومنع أي شكل من أشكال التضامن مع المتهمين الذين تم إعدامهم.
وفي السياق نفسه، رفضت منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الانسان الرواية السعودية الرسمية بشأن المزاعم الإرهابية المزعومة ضد اولئك الاشخاص وذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية يوم الجمعة الماضي في تقرير لها، بأن احكام الاعدام التي صدرت في حق 37 شخصًا في السعودية كانت غير عادلة ولفتت هذه الشبكة إلى أن عمليات التحقيق مع اولئك المتهمين كانت تحت وطأة التعذيب الشديد واشارة إلى أن عدد من اولئك المتهمين كانوا صغار في السن.
وفي سياق متصل، أكدت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها، على أن بعض الأحكام صدرت نتيجة لاعترافات تم انتزاعها من المتهمين عندما كانوا قابعين في السجن ولفتت هذه الصحفية إلى أن المتهمين قالوا بأن هذه الاعترافات تم انتزاعها منهم بعدما مارست عليهم الشرطة السعودية أشد أنواع التعذيب، وقالوا أنه في بعض الأحيان كانوا يجبروا على التوقيع على أوراق جاهزة لا يعرفون محتواها.
ووفقاً لتقرير هذه الصحيفة، فلقد تمت عمليات التعذيب على شكل ضرب وباستخدام الصدمات الكهربائية والإغراق الصناعي للسجناء ومع ذلك، فلقد ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” بأن عمليات التعذيب الوحشية والاعدامات المتكررة التي تقوم بها السعودية لن تؤثر على الدعم القوي الذي يقدمه الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” للرياض، وهذا الامر يؤكده اعتراض “ترامب” الاخير على مرسوم الكونجرس الأمريكي بالتوقف عن دعم السعودية في حربها العبثية على اليمن.
وفي هذا الصدد، قال الصحفي الامريكي “جانيس كورتكامب”، في إشارة إلى إعدام 37 شخصًا في السعودية، بأن منظمة العفو الدولية انتقدت الزيادة المستمرة في استخدام نظام آل سعود لعقوبة الإعدام في البلاد وقال “كورتكامب” بأن السعودية والكيان الصهيوني يعتبران وجهان لعملة واحدة تتمثل في الإرهاب، وأضاف بأنه سيواصل انتقاده للظلم الحاصل في السعودية.
وأشار “كورتكامب” في مقابلة أجراها مع صحيفة “العهد” إلى الموقف الضعيف للمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان في العالم، حيث قال: “بالنسبة لي، لا تتمتع منظمة العفو الدولية بمصداقية كافية، لقد رأيت شخصيًا كيف تقوم بتزوير تقارير حول الحرب في سوريا وكيف تقم الدعم المطلق للجماعات المسلحة خلال السنوات الماضية وليس هناك شك في أن عمليات الإعدام قد سبقتها التعرض للتعذيب الشديد وكثير من الاعمال الوحشية التي لا يمكن تصورها”. وفي نهاية مقابلته، أكد “كورتكامب”، قائلا: “أعتقد أن الأمل الوحيد في قطع دعم الولايات المتحدة للسعودية، يتمثل في هو حدوث غضب وثورة شعبية داخل السعودية والمطالبة بايجاد تغييرات داخل النظام السياسي والحكومي السعودي”.
بالنظر إلى كل هذه الشواهد الميدانية والتقارير الاخبارية، يمكن التأكيد هنا بأن معظم ضحايا هذا النهج الاستبدادي السعودي هم من أبناء الاقلية الشيعية ولهذا لا يسمح النظام السعودي للشيعة السعوديين باقامة شعائرهم الدينية أو انتقاد الحكومة السعودية وإلا فإنهم سوف يواجهون الكثير من الاحكام كالسجن لمدة طويلة أو النفي خارج البلاد ولقد أدت الإجراءات العنصرية التي اتخذها نظام آل سعود للحد من الحريات الدينية للشيعة إلى انعزال هذه الفئة من أبناء الشعب السعودي، واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية.