فعالية ثقافية لرابطة علماء اليمن “في رحاب رسالة الإمام زيد إلى علماء الأمة”
أقامت رابطة علماء اليمن صباح اليوم السبت 25 محرم 1437هـ فعالية بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام “زيد بن علي” علية السلام تحت عنوان ” في رحاب رسالة الإمام زيد (ع) إلى علماء الأمة” وقد استهلت الفعالية بآيات من الكتاب الكريم تلاه أحد أئمة الجامع الكبير بصنعاء الشيخ عبدالسلام الرقيحي .
وبعدها ألقى عضو الهيئة العليا للرابطة السيد العلامة محمد بن محمد المأخذي كلمة رحب فيها بالحاضرين من العلماء والمشائخ والأكاديمين والمدرسين و أشار فيها إلى حاجة الأمة للوقوف عند ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي (ع) واستلهام الدروس والعبر ومعاني البطولة والتضحية والفداء لا سيما واليمن تتعرض لأبشع عدوان على مر التاريخ.
وحث المأخذي كافة المكونات السياسية والحزبية والمجتمعية والثقافية والعلماء والمفكرين والأدباء والشعراء والكتاب والضباط والمشائخ والوجهاء على نبذ الخلافات والمناكفات والنزاعات وتصيد الأخطاء والعمل على توحيد الصفوف وجمع الكلمة في مواجهة العدوان الغاشم.
وقال ” نحن أمام شعب يقصف ويقتل ووطن بمختلف فئاته يستهدف ما يبين وبجلاء خيوط المؤامرة العالمية على اليمن، الأمر الذي يتطلب من الجميع تكاتف الجهود وتشابك الأيادي في مواجهة مشروع الاستكبار والهيمنة، والاتجاه نحو مشروع المقاومة والرفض والتصدي ومواجهة الظلم والجبروت..
ودعا العلامة المأخذي كافة أبناء اليمن بمختلف مكوناتهم إلى الوقوف صفا واحدا في مواجهة العدوان الغاشم وتفويت الفرصة على أعداء البلاد .. منوها بجهود أبطال الجيش واللجان الشعبية في دحر المعتدين في مختلف جبهات الشرف والبطولة.
من جانبه بيّن السيد العلامة عبدالفتاح الكبسي في كلمته بأن حياة الإمام زيد بن علي عليه السلام تذكرنا بحياة الأنبياء والرسل والأولياء والصالحين في جهادهم وتضحياتهم وثباتهم ..
وأشار في كلمته إلى ملامح من عبادة الإمام زيد وورعه وبيان حال الأمة في عصره وكيف كانت ثورته بداية من تأهيل ذاته مروراً بالتصحيح الفكري ودعوة العلماء إلى القيام بواجبهم ختاماً بثورته الداعية إلى الإصلاح السياسي بإزالة الظلم وإقامة العدل..
كما بيّن عضو اللجنة الثورية العليا الأستاذ العلامة محمد مفتاح في كلمته التي ألقاها إلى أن الإمام زيداً ليس رمزاً لطائفة معينة بل هو رمز من رموز البشرية وعلم من أعلام الإسلام وأن الثورة التي أقامها كانت إنسانية ضد من يستبيحون إنسانية الإنسان وآدميته..
وأوضح العلامة مفتاح أن الإمام زيداً أتى ليعيد الحياة إلى مسارها الصحيح ويهدم التضليل والتزييف الذي كان ينشره الحكام بعد أن تشربت روحه بالقرآن العظيم حتى وصفه الناس بـ “حليف القرآن” وأراد أن يعكس هذه المبادئ في الحياة فواجه الطغاة المتجبرين وبذلك سجل الإمام زيد سابقة عظيمة حيث تمكن رغم قمع وتجبر السلطات أن يوصل صوته ويجيّش جيشاً ورجالاً ويكون قوة تستطيع أن تقارع الظالمين..
ثم ألقى السيد العلامة حسن عبدالله الضحياني كلمة أوضح فيها دور العلماء وواجبهم في استنهاض الأمة مؤكداً بأن العلماء ورسالتهم هي امتداد لرسالة الأنبياء مستشهداً بقول النبي صلى الله عليه وآله (العلماء (ورثة الأنبياء)..وأن على العلماء اليوم أن يؤدوا دورهم مستلهمين ذلك من ثورة الإمام زيد وعزمه وصبره .
كما استشهد العلامة الضحياني بجملة من الآيات والأحاديث والآثار التي تبين فضل العلماء الربانيين وكونهم الدعاة الأولين والصادقين الذين تصلح بهم أمور الناس وشؤونهم محمّلاً العلماء مسؤوليتهم والقيام بدورهم في استنهاض الأمة..
ودعا العلامة الضحياني في ختام كلمته العلماء إلى دعم المجاهدين مادياً وثقافياً وعلمياً.
بعدها أوضح الأستاذ العلامة حفظ الله علي زايد في كلمته أهم الملامح في حياة الإمام زيد بن علي والتي تتمثل في التربية الإيمانية للإمام عليه السلام، المتمثلة في التزامه بروح الإسلام، وارتباطه الوثيق بالقرآن الكريم، ومنزلته العلمية الرفيعة .وفي التصدي للانحراف الفكري والعقائدي، وذلك بالعودة إلى قاعدة العرض على القرآن الكريم في قبول الحديث أو ردِّه، وتصحيح المفاهيم المنحرفة كمفهوم الجبر والاختيار، ومفهوم القلة والكثرة، والقول الفصل في حكم مرتكب الكبيرة ، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المبدأ الذي كان أهم معالمه رسالته إلى علماء الأمة، ونصيحته المباشرة للحاكم، وجهاده المسلح..
الجدير بالذكر أن الفعالية قد حضرها جمعٌ من العلماء والأكاديميين والقضاة الخطباء والمدرسين وكان ممن حضر أمين عام الرابطة وعدد من أعضاء الهيئة العليا ووكيلا أمانة العاصمة وعدد من المسؤولين..
وقد اختتمت الفعالية بإلقاء البيان الختامي الصادر عنها والذي ألقاه الأستاذ عبدالرحمن المروني وفيما يلي نصه:
الحمد لله القائل {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} والصلاة والسلام على سيدنا محمد القائل: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم) والقائل: (لا قدست أمةٌ لا تأمر بمعروفٍ، ولا تنهى عن منكرٍ، ولا تأخذ على يد الظالم، ولا تعين المحسن، ولا ترد المسيء عن إساءته) صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ورضي الله عن صحابته المنتجبين، وبعد:
فنظراً لما تعيشه الأمة من وضع مأساوي لا تحسد عليه وانطلاقاً من الواجب الشرعي الملقى على عاتق العلماء فإن رابطة علماء اليمن تدعو سائر علماء اليمن وعلماء البلاد العربية والإسلامية إلى وحدة الصف وجمع الكلمة ودعوة الناس إلى أخذ الحيطة والحذر من الدسائس والمؤامرات التي يحيكها أعداء الإسلام والمسلمين وعلى رأسهم الشيطان الأكبر أمريكا وإسرائيل، الذين حذر الله منهم بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مخاطباً المسلمين: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)
فالأمة اليوم تخوض حرباً دامية دماؤها وأشلاؤها وساحتها ومالها إسلامي، حرباً لا فائدة منها ولا طائل من وراءها إلا ما يصب في مصلحة أعداء الإسلام والمسلمين حين أطاعوا اليهود والنصارى وأصغوا بآذانهم إلى مشورتهم ونصائحهم واتخذوهم أولياء وبطانة من دون المؤمنين مما أدى إلى هذه الحروب الفاجرة والظالمة التي أتت على كل مقدرات الأمة رجالاً ونساء وأطفالاً وعتاداً وعدة وكل خيرات هذه الأمة.
وإن من الواجب على العلماء أن يبينوا للناس ما نزل إليهم من الكتاب ولا يكتموا شيئاً مما كلفوا بتبليغه وبيانه للناس، وأن يؤكدوا للناس على حرمة الدماء والأعراض والأموال والمقدسات ووجوب وحدة الصف وجمع الكلمة ونبذ الفرقة والطائفية المقيتة والبغيضة، حتى يكونوا يداً واحدة وصفاً واحداً في مواجهة العدو الحقيقي الذي ذكره الله سبحانه في كتابه بقوله عزوجل: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) وفي قوله سبحانه: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) وفي قوله: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) وفي قوله تعالى: ( مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) وعلى العلماء أن يحذروا من أن يكونوا آلة في يد العدو الحقيقي للإسلام والمسلمين أو لساناً له وعوناً على الإسلام والمسلمين من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وألا يزيدوا الطين بلة والفرقة فرقة والشتات شتاتاً من خلال محاضراتهم وفتاواهم وأشعارهم ومقالاتهم، فقد حذر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من زلة العالِم إذ بها يُضلّ كثير من الناس، والعلماء هم ورثة الأنبياء وقدوة هذه الأمة والطريق الموصل إلى الله، فعليهم ان يتقوا الله في هذا المنصب الذي منحهم رب العزة جل وعلا وان يرعوه حق رعايته، وألّا يكونوا أتباعاً لأهواء السلاطين والملوك جرياً وراء المال وطمعاً في الحصول على متاع الدنيا، فقد جاء في الأثر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله أنه قال: (خُذُوا الْعَطَاءَ مَا كَانَ عَطَاءً، فِإذَا كَانَ رِشْوَةً عَنْ دِينِكُمْ , فَلَا تَأْخُذُوهُ)
إن كل قطرة دم تسفك وكل عرض يهتك وكل بيت يُهدّم وكل روعة يصاب بها أبناء المسلمين فإن العلماء الساكتين والراضين بهذه الأشياء عليهم القسط الأكبر من الإثم والتبعة والمسؤولية، وقد هالنا وراعنا ما سمعناه من بعض العلماء الذين يؤيدون العدوان السافر على اليمن وأهله وأباحوا ما حرم الله وهم يعلمون فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وإننا من خلال مناسبة ذكرى استشهاد حليف القرآن الإمام زيد عليه السلام نؤكد على التالي:
1. ندعو جميع علماء اليمن وعلماء البلاد العربية والإسلامية إلى قراءة رسالة الإمام زيد عليه السلام إلى -علماء الأمة والاستفادة منها كونها تبين دور العلماء ومسؤولياتهم وواجباتهم ومكانتهم والدور السلبي لعلماء السوء .
2. وجوب الوقوف – بالمال والنفس والقول والفعل – ضد هذا العدوان الصلف على الشعب اليمني خاصة وعلى سائر بلاد المسلمين عامة ومحاربة كل أشكال التدخل الخارجي الإقليمي والدولي ويتأكد وجوب المواجهة والصمود في ظل تجييش دول العدوان لمرتزقتها من عدة دول أخرى.
3. نؤكد على وجوب وحدة الصف وجمع الكلمة وتحريم التحريش بين المسلمين والدعوة إلى الله بالتي هي أحسن.
4. يبرؤ العلماء إلى الله من كل فكر متطرف يستبيح دماء المخالفين له بغير وجه حقٍ، ويدعون حملته ومعتنقيه إلى مراجعة أنفسهم وتقوى الله، كما يدعون الأمة الإسلامية إلى التنبه إلى خطر هؤلاء ومنبعهم الفكري الذي ينتمون إليه وخطرهم الذي لم يقتصر على فصيل أو حزب أو مذهب أو تيار معين، بل شملت جرائمهم الجميع بلا استثناء.
5. يؤكد علماء اليمن أنه لا يوجد مبرر شرعي ولا قانوني ولا عرفي لشن هذا العدوان الظالم على اليمن وأهله مهما أضفوا عليه من عناوين كاذبة ومزيفة.
6. يؤكد العلماء على حرمة التعامل مع أي عدو داخلي أو خارجي يريد المساس بأمن واستقرار ووحدة اليمن والأمة الإسلامية قاطبة ونهب خيراتها وثرواتها وأن تعاملاً كهذا يُعدُّ من الخيانة العظمى التي نهى الله عنها وعِلم تحريمها من الدين بالضرورة.
7. يُحمّل علماء اليمن كل دول العدوان وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وأمريكا المسؤولية الكاملة في كل ما لحق بالشعب اليمني من قتل ودمار وخراب وإهلاك للحرث والنسل وإن من حق الشعب اليمني أن يقاضيهم في كل المحاكم المعتبرة.
8. يدعو علماء اليمن كل الشعوب العربية والإسلامية إلى الاهتمام بالقضية الفلسطينية واعتبارها القضية الأولى والمركزية، ويحذرون من الانجرار وراء سياسة التطبيع والقبول بالمبادرات المذلة والمهينة ويؤكدون على وجوب نصرة الشعب الفلسطيني بكل الوسائل المتاحة والممكنة أمام ما يتعرض له على أيدي الصهاينة ويؤيدون 0انتفاضته ويباركونها ويدعون جميع المسلمين إلى دعمها.
وفق الله الجميع ونصر يمننا الحبيب وأمتنا لعربية والإسلامية ورحم الشهداء وحفظ المجاهدين.
صادر عن رابطة علماء اليمن
فعالية “في رحاب رسالة الإمام زيد (ع) إلى علماء الأمة”
بتأريخ 25 محرم 1437هـ
الموافق 7/11/2015م