القضيّة الفلسطينّية في المشروع القرآني

موقع أنصار الله  || تقارير|| فاضل الشرقي

 

إحياء يوم القدس العالمي

من الحلول العمليّة في مواجهة اليهود وإسرائيل التّوجّه لإحياء يوم القدس العالمي في آخر جمعة من رمضان في كلّ عام، وهذا هو حلّ عمليّ بيد الشّعوب بدلاً من إنتظار المجهول على أيدي الحكّام والحكومات الذين  لن يقدّموا شئياً عمليّاً للشّعوب في مواجهة إسرائيل، وفي المقدّمة الشّعب الفلسطيني، فإحياء يوم القدس العالميّ معناه أن تبقى القدس وفلسطين حيّةً في يد الشّعوب، وتبق مشاعر الجهاد والرّفض لإسرائيل حيّة في نفوسنا وحياتنا، وهو يعتبر أولى الخطوات العمليّة في سبيل تحرير الأراضي الفلسطينيّة، وإزالة إسرائيل من الوجود، والقضاء عليها، وهو اليوم الذي اقترحه، ودعا إليه الإمام الخميني، بعد أن يئس من أن تعمل الحكومات شيئاً في مواجهة إسرائيل، يقول السّيد: (ثم ما هو الحل بالنسبة للشعوب؟ إن ظلت الشعوب تنتظر من دولها أن تقوم بشيء ما في مواجهة إسرائيل فإن هذا لن يتحقق، لن يحصل إطلاقاً؛ لهذا أتجه هو إلى اقتراح [يوم القدس العالمي]، وأن يحيه المسلمون جميعاً في مختلف أقطار الدنيا، وخاصة البلاد العربية.

لاحظوا بعد أن دعا الإمام الخميني إلى إحياء هذا اليوم هل اهتمت الدول العربية أن تستجيب لرجل عظيم مخلص، رجل هَزّ الغرب فعلاً، رجل أرعب أمريكا، وأرعب دول الاستكبار كلها، وأرعب إسرائيل بحكمته، بشجاعته، برؤيته الصحيحة، في جعل الأمة بمستوى المواجهة الحضارية لأعدائها، في جعل الأمة قادرة على أن تقف على أقدامها مستقلة لا يهيمن عليها أحد من أعدائها، لا أمريكا، ولا بريطانيا، ولا إسرائيل، ولا غيرها.

هم رأوا بأم أعينهم ما عمله الإمام الخميني من إرباك، وما خلقه من رعب في صدور الأمريكيين والإسرائيليين، وعرفوا هم ورأوا بأم أعينهم مدى اكتراث أمريكا ومختلف دول الغرب من الإمام الخميني (رحمة الله عليه) ومن الثورة الإسلامية.. فلماذا لم يستلهموا من هذا الرجل رؤيته العملية الصحيحة في إنقاذهم هم من إسرائيل؟.

لم يستجيبوا إطلاقاً، لم يستجب العرب للإمام الخميني! حتى هذا اليوم لم يستجيبوا له أن يحيوه وأن يجعلوه يوماً يُحيى كما دعا إليه الإمام الخميني (رحمة الله عليه) وهم في نفس الوقت يحيون أياماً اقترحها اليهود والنصارى [عيد الأم] [عيد العمال] مناسبات كثيرة [عيد رأس السنة الميلادية] اقترحها اليهود والنصارى يحيونها ويعتبرونها عطلاً رسمية في مختلف البلاد العربية! لكن اليوم الذي هو يوم من أجل أن تبقى قضية فلسطين حيّة في نفوس المسلمين، من أجل أن تبقى مشاعر الجهاد، مشاعر الرفض لإسرائيل حية في نفوس المسلمين، هذا اليوم لم يلتفتوا إليه ولم يكترثوا ولم يهتموا، ولم يستجيبوا للإمام الخميني (رحمة الله عليه) في إحياء هذا اليوم. لماذا؟ لأنهم خذلوا فعلاً، لأنهم قد خذلوا.

وعندما نعود – أيها الإخوة – هذه فقط مقدمة لنعرف ما يتعلق بيوم القدس العالمي، والسبب الذي دعا الإمام الخميني (رحمة الله عليه)إلى أن يعتبر يوماً عالمياً في مختلف المناطق الإسلامية؛ ولذلك فنحن نعتبر أن إحياء هذا اليوم استجابة للإمام الخميني (رحمة الله عليه)؛ ولما نعرفه من أثر مهم في خلق وعي في أوساط المسلمين، ورؤية صحيحة للمخرج مما تعانيه الأمة، أن إحياء هذا اليوم يعتبر فعلاً عبادة، وأن إحياءه يعتبر أيضاً ممارسة جهادية في سبيل الله، إن شاء الله تعالى) (محاضرة يوم القدس العالمي).

ويؤكّد السّيد على أنّ الإمام الخميني عُرف بجدّيّته في مواجهة أعداء الإسلام، وفي مقدّمتها أمريكا وإسرائيل، وسعى جاهداً لرفع الظلم عن كاهل هذه الأمّة، وكان رجلاً فاهماً وعارفاً بحقيقة المشكل التي يعاني منها المسلمون، ويعرف الحلّ والمخرج لهذه الأمّة، ولكلّ ما تعانيه من مشاكل، لهذا اتّجه إلى مخاطبة الشّعوب نفسها بعد أن يئس من مخاطبة الحكّام، أو أن تعمل الحكومات شيئاً للشّعوب في مواجهة أمريكا وإسرائيل، لهذا يعتبر يوم القدس هو يوماً للشعوب نفسها، يقول السّيد: (الإمام الخميني هو الشخص الذي عُرِف بجدّيته في مواجهة أعداء الإسلام كافةً، في مواجهة أمريكا وعدّها [الشيطان الأكبر]، واعتبرها وراء كل ما يلحق بالمسلمين من ذلٍ وإهانةٍ، وغير ذلك من الشرور.

الإمام الخميني كان رجلاً يفهم المشكلة التي يعاني منها المسلمون، ويعرف الحل والمخرج لهذ الأمة مما تعاني منه، وبعد أن قال هو أنه قد يأس من أن تعمل حكومات المسلمين شيئاً اتجه إلى الشعوب أنفسها، طلب من الشعوب جميعاً أن تجعل هذا اليوم، آخر جمعة من شهر رمضان يوماً يسمى: [يوم القدس العالمي]؛ لتعرف الشعوب نفسها أنها تستطيع من خلال إحياء هذه القضية في مشاعرها، من خلال البحث عن الرؤى الصحيحة التي تحل هذه المشكلة، وترفع عن كاهلها هذه الطامة التي تعاني منها؛ لأن الشعوب هي نفسها المتضررة، أما الحكومات، أما الزعماء فهم غير متضررين، هم غير مكترثين، لا يهمهم ما يرونه بأم أعينهم من المعاناة في مختلف بقاع الدنيا لجميع المسلمين. الشعوب هي التي تتضرر، الشعوب هي التي تلحقها الذلة والإهانة، الشعوب هي الضحية، وما لم تتجه الشعوب نفسها إلى أن تهتم بقضيتها، وتتعرف على أعدائها، وتعرف الحل والمخرج من مشكلتها ومصيبتها فلا تتوقع أي شيء آخر من زعمائها أو من غيرهم.

لأهمية هذا اليوم من وجهة نظر الإمام الخميني (رحمة الله عليه) وهو يتحدث في بيانه عن [يوم القدس العالمي] قال (رحمة الله عليه): ((إن يوم القدس يوم يقظة جميع الشعوب الإسلامية، إن عليهم أن يحيوا ذكرى هذا اليوم. فإذا انطلق المسلمون جميعاً، وانطلقت جميع الشعوب الإسلامية في آخر جمعة من رمضان المبارك في يوم القدس بالمظاهرات والمسيرات فسيكون هذا مقدمة لمنع المفسدين إن شاء الله وإخراجهم من البلاد الإسلامية)).

ويقول: ((وإنني أرجو جميع المسلمين أن يعظموا يوم القدس، وأن يقوموا في جميع الأقطار الإسلامية في آخر جمعة من الشهر المبارك بالمظاهرات، وإقامة المجالس والمحافل والتجمع في المساجد، ورفع الشعارات فيها. إن يوم القدس يوم إسلامي، ويوم لتعبئة عامة للمسلمين)).

هذا هو حديث الإمام الخميني (رحمة الله عليه) عن يوم القدس العالمي، وعندما اقترحه هو؛ لأنه رجل يملك رؤية صحيحة، يملك فكراً و رؤية يستطيع أن يقرأ بها كثيراً من الأحداث المستقبلية من خلال تأملات الحاضر، ودراسة الماضي.

كان الإمام الخميني (رحمة الله عليه) يصرخ، ويصيح في جميع المسلمين، يستثير جميع المسلمين أن يهبوا من يقظتهم، أن ينتبهوا، أن يستشعروا الخطر المحدق بهم. وعرض هو أن باستطاعتهم، وباستطاعة الشعب الإيراني بما يملكه من قوة عسكرية واقتصادية هائلة أن يقف مع جميع المسلمين، وخاصة الدول العربية، وأن باستطاعتهم إذا وقفوا جميعاً أن يضربوا إسرائيل، وأن ينهوا وجود هذا الكيان الغاصب من داخل البلاد الإسلامية (محاضرة يوم القدس العالمي).

ويضيف السّيد أنّ الإمام الخميني هو من أطلق على إسرائيل إسم “الغدة السّرطانيّة” كما أطلق على أمريكا إسم ” الشّيطان الأكبر” ومن المعلوم والمعروف لدى الجميع ماذا يعمل الشّيطان بالنّاس، وماذا يعمل السّرطان بالأجسام؟، وهذا يؤكّد أنّه لا يمكن المصالحة مع إسرائيل، ولا تجد حلول السّلام معها، لأنّها دولة يهوديّة طامعة في كلّ البلاد الإسلاميّة، وليس في فلسطين فقط، وهذه هي الرّؤية القرآنيّة عن حقيقة اليهود، وعن طبيعة الصّراع معهم، يقول السّيد: (الإمام الخميني (رحمة الله عليه) هو الذي أطلق على إسرائيل اسم [الغدة السرطانية] وهو لا زال في حركته الجهادية داخل إيران قبل انتصار الثورة الإسلامية، وكانت قضية إسرائيل هي من أولى اهتماماته أثناء جهاده في إيران قبل انتصار الثورة الإسلامية.

عندما أطلق هذا الاسم على إسرائيل [غدةً سرطانية] معلوم أن السرطان إذا ما ترعرع في أي جسم من أجسام البشر لا بد إما أن يتمكن الإنسان من القضاء عليه واستئصاله وإلا فإنه لا بد أن يُنهي ذلك الجسم، لا بد أن يخلخل ذلك الهيكل الذي نما وترعرع فيه.

ليؤكد أن إسرائيل ليس من الممكن المصالحة معها، ولا السلام معها، ولا وفاق معها، ولا أي مواثيق أو عهود تبرم معها. إنها دولة يهودية، إنها دولة يهودية طامعة، ليس فقط في فلسطين، وليس فقط في أن تهيمن على رقعةٍ معينةٍ تتمركز فيها، بل إنها تطمح إلى الهيمنة الكاملة على البلاد الإسلامية في مختلف المجالات، وتطمح إلى أن تقيم لها دولة حقيقية من النيل إلى الفرات، من النيل في مصر إلى الفرات في العراق؛ لأن هذه الرقعة هي التي يعتقد اليهود أنها الأرض التي كتبها الله لهم، وهي أرض الميعاد التي لا بد أن تكون تحت سيطرتهم وبحوزتهم، وأن يقيموا عليها دولتهم. من أين جاءت هذه الرؤية الصحيحة للإمام الخميني (رحمة الله عليه)؟ من أين جاءت؟ من القرآن الكريم، من القرآن الكريم الذي تحدث عن اليهود كثيراً، ومما قاله عن اليهود، ومما وصفهم به: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾ [البقرة: من الآية ١٠٠ ] كلما عاهدوا عهداً، إذا ما عاهد [حزب العمل] عهداً نقضه [حزب اللَّيكود] عندما يتسلم السلطة، إذا ما دخل [ال لَيكود] في معاهدات ومواثيق مع الفلسطينيين ومع العرب نقضه [حزب العمل] عندما يتسلم السلطة (محاضرة يوم القدس العالمي).

ويؤكّد السّيد على أنّ إحياء يوم القدس العالميّ يمثّل فرصة للشّعوب لتتوجّه التّوجّه العمليّ في مواجهة إسرائيل، واجترار الحلول الصحيحة في الصّراع مع اليهود، والخروج من تحت عباية الهيمنة والوصاية الأمريكيّة والإسرائيليّة، يقول السّيد: (الموضوع – كما قلنا سابقاً – يجب أن يكون حول رؤية صحيحة للحل، الشيء الذي هو مفقود في الساحة الإسلامية، وفي الإعلام العربي.

ليس هناك توجيه للحل يجب نحن – وتنفيذاً لمطلب الإمام الخميني (رحمة الله عليه) من إحياء هذا اليوم يوم القدس – أن نتجه إلى التوجيه العملي الصحيح للمخرج لهذه الأمة من هيمنة أمريكا وإسرائيل مهما كان الأمر، مهما كان الأمر). (محاضرة يوم القدس العالمي).

ويمثل إحياء يوم القدس نهضة للشّعوب، وحياة للضّمير الإنسانيّ، فتتّجه الشّعوب نفسها نحو دروب الحرّيّة، والعزّة، والإستقلال، مهما كان الثمن، وحتّى لا تبقى تحت وطأة التّأثير والتّأثّر بالإعلام اليهودي، وكلّ الوسائل الإعلاميّة التي تعمل على ترسيخ وتعزيز الهزيمة النفسيّة والمعنويّة لدى الشّعوب، يقول السّيد: (فيوم القدس هو يوم أن تتجه الشعوب نفسها حتى لا تبقى متأثرة بإعلام اليهود، ولا متأثرة بالإعلام الذي يبرر للدول التي تحكم المسلمين تبرر قعودهم، أو تحاول أن تعزز خلق الهزيمة النفسية داخل المسلمين؛ لأن ما يعرضونه من مظاهر عما يعمله الإسرائيليون دون أن يتحدثوا عما يثير المسلمين، ويحمل عقدة العداء، والحقد ضد إسرائيل.. إنما يعملون على ترسيخ الشعور بالهزيمة النفسية لدى المسلمين أمام اليهود.. ترى إسرائيل ثم لا ترى أي حل، ماذا يحصل لديك؟. تبرد أعصابك، ويموت ضميرك، وتتحول إلى يائس. فالقرآن عمل على أن ينهض بالأمة حتى لا تصل إلى هذه الحال). (محاضرة يوم القدس العالمي).

 

حقيقة الصّراع مع اليهود

إنّ الصّراع القائم الآن مع اليهود في حقيقته ليس صراعاً إسلاميّاً كما يسمّيه بعض الإعلاميّين، والسّياسييّن، والكتّاب، هذه عبارة مغلوطة، بل إنّه صراع مسلمين بدون إسلام، وصراع عرب بدون إسلام، فلو كان الإسلام، ولو كان القرآن هو الذي يصارع إسرائيل، ويصارع اليهود، ويصارع الغرب، لما استطاعوا أن يقفوا ولا لحظة واحدة أمام القرآن، وأمام الإسلام، كما يقول ويؤكّد السّيد حسين بدرالدين الحوثي “رضوان الله عليه”، وهذه هي الحقيقة المرّة، والمؤلمة، والمؤسفة، يقول السّيد: (نحن نقول أحياناً وبعض الكتاب يقولون: [الصراع الإسلامي الإسرائيلي] وهذه عبارة مغلوطة عبارة مغلوطة، لا يمكن أن يُسمى الصراع مع إسرائيل [صراعاً إسلامياً إسرائيلياً]، لو كان الإسلام هو الذي يصارع إسرائيل، لو كان الإسلام هو الذي يصارع اليهود، لو كان الإسلام هو الذي يصارع الغرب لما وقف الغرب ولا إسرائيل ولا اليهود لحظة واحدة أمام الإسلام، لكن الذي يصارع إسرائيل، ويصارع اليهود من هم؟ مسلمون بغير إسلام، عرب بغير إسلام، صرعوا الإسلام أولاً هم ثم اتجهوا لمصارعة إسرائيل بعد أن صرعوا الإسلام هم من داخل نفوسهم، من داخل أفكارهم، من جميع شئون حياتهم، ثم اتجهوا لصراع اليهود، تلك الطائفة الرهيبة، فأصبحوا أمامها عاجزين أذلاء مستكينين مستسلمين مبهوتين؛ لأنهم لم يهتدوا بهذا الكتاب العظيم؛ لم يرجعوا إلى هذا الكتاب الكريم، فأصبحوا كما نرى.

فالصراع هو صراع عرب مع يهود، صراع مسلمين بدون إسلام مع يهود، وليس صراعاً إسلامياً. نحن عندما نرجع إلى صدر الإسلام أيام النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) نرى أنه استطاع أن يقضي على اليهود – وهم هم اليهود في خبثهم ومكرهم – استطاع أن يقضي عليهم على هامش جهاده مع الكافرين، وليس اتجاهاً محدداً ورأسياً ضد اليهود، بل على هامش حركته العامة، استطاع أن يقضي عليهم، واستطاع أن يحبط كل مخططاتهم، ومؤامراتهم على هامش حركته العامة.

فلماذا، لماذا لم يرجع المسلمون إلى هذا القرآن؟ ولماذا يصيحون دائماً من إسرائيل ثم لا يفكرون في حل؟ تابعوا أنتم وسائل الإعلام: الإذاعات والتلفزيونات هل هناك أحد يضع رؤية صحيحة لمواجهة إسرائيل؟ هل هناك أحدٌ يضع رؤية عملية في مواجهة اليهود والنهوض بهذه الأمة؟ لا، لم نسمع شيئاً، اللهم إلا ما يحصل من قناة حزب الله الفضائية، ومما يحصل من إذاعة طهران، وإذاعة طهران قد خففت منطقها كثيراً عن أسلوب ومنطق الإمام الخميني (رحمة الله عليه)). (محاضرة يوم القدس العالمي).

 

قد يعجبك ايضا