العدوان ومرتزقته يدمرون تعز تمهيداً لدعشنتها

رئيس اللجنة الثورية بمحافظة تعز سليم مغلس لـ “الثورة” :

القاعدة تنصّب أمراء في الحواري والأقسام لتحاكم الناس على أفكارهم واتجاهاتهم وعقائدهم

حاوره/ محمد محمد إبراهيم

ما الذي يجري في تعز؟ سؤال شغل أذهان الناس (العامة والخاصة والنخب) خصوصاً وآلة الإعلام الأحادية الجانب تثير سماء اليمن شائعات كما تثير طائرات العدوان خارطة البلاد أزيزاً وقصفاً ودماراً.. (تعز تحت الحصار.. تعز بلا ماء.. تعز بلا غذاء)، وأمام هذا كيف وصلت القاعدة إلى المدينة؟ ومن أين دخلت الآلات وعربات القتل المحملة بالمرتزقة الأفارقة والسلاح إلى كثير من مناطق تعز..؟ وكيف يوصل السلاح ولا يوصل الغذاء إلى أكثر المحافظات اليمنية مدنية وبشراً وتنوعاً ثقافياً وجماهيراً تتعايش كل مختلفات مكوناته؟
رئيس اللجنة الثورة في محافظة تعز الأستاذ سليم مغلس أجاب في حوارٍ صريحٍ وشفاف أجرته معه صحيفة «الثورة» على هذه الأسئلة كاشفاً حقيقة الوضع في تعز، والمعطيات التي تركز عليها آلة العدوان العسكرية والإعلامية لاستهداف تعز, كأهم محافظة يمنية، والإثارة المناطقية والطائفية والجهوية والثأرية والدموية بين أبناء هذه المحافظة على طريق المخطط السعودي الصهيوني الأمريكي الذي حاول وما زل يحاول عبثاً تقسيم اليمن وتدمير مقوماته البشرية والاقتصادية وبنيتها التحتية.
وتطرق مغلس في الحوار إلى مجمل القضايا ذات الصلة بمجريات ما دار في تعز خلال ثمانية أشهر من العدوان السعودي ومرتزقته في الداخل.. وما يجب على أبناء تعز واليمنيين جميعاً تجاه تعز واليمن بعد أن تكشفت مغازي العدوان الخارجي.. وغيرها من القضايا.. إلى التفاصيل:

* بداية أستاذ سليم حدثنا حول ما الذي يجري في تعز؟
– بالنسبة لما يجري في محافظة تعز هو جزء من المؤامرة الكبيرة التي تحاك ضد اليمن، وكونها من أبرز المحافظات اليمنية، فقد بدأت المؤامرة ضدها من وقت مبكرة، بإثارة الثارات والنعرات الطائفية والمناطقية قبل انفجار الحرب، من خلال الندوات والمساجد ومن خلال المدارس والجماعات التكفيرية في المحافظة.

* من يقود هذه المؤامرة؟ ولماذا تعز؟
– من يقف وراء هذه المؤامرة معروفون هم الإصلاح ومليشياته المتطرفة، ومن يقف بصفهم من تنظيم القاعدة وغيرهم، ممن يمولهم العدوان السعودي ويدعمهم بالسلاح لقتل إخوانهم اليمنيين تحت شعارات تكفيريه، ما أنزل الله بها من سلطان.
أما لماذا تعز.. فجميعنا يدرك مدى تأثير تعز وعمقها البشري في تاريخ اليمن وفي واقع اليمن السياسي المعروف بالتعايش، وبالتالي فإنهم أرادوا تدمير تعز وجرها إلى مربع العنف, وما يجري هو أن أبناء هذه المحافظة الشرفاء الذين يدافعون عن عزتهم وكرامتهم مقاومين مؤامرات هذا العدوان، بل ثابتون على مبادئ حماية تعز حاضرة التعايش والثقافة، والعالم تابع السحل والقتل والتنكيل الذي تعرضت له المحافظة, ولا تزال تتعرض للحصار والقصف والتصفيات من قبل العدوان ومرتزقته, وهذا الاستهداف للمحافظة يعد استهدافاً لليمن بأسرها, كون هذه المحافظة تمتلك من الكوادر والمؤهلات والمثقفين والعقلاء والنخب والحضور الجماهيري ما يؤهلها لقيادة البلد بشكل فاعل، في رسم سياسة البلد.

* لكن هناك أخبار عن حصار مفروض على مدينة تعز من قبل الجيش واللجان؟ ما حقيقة ذلك؟
– هناك مبالغة كبيرة وتهويل مقصود فيما يتعلق بالحصار، وقد اتضح الأمر، حيث أقدم العدوان وعملاؤه على استقدام مرتزقة العالم من الأفارقة وغيرهم في الفترة الأخيرة.. وكان ذلك التهويل الكبير محاولة لمغالطة الداخل والخارج لتبرير هذه الخطوة في استقدام قوات أجنبية إلى داخل البلد، لإنقاذ هذه المحافظة تمهيداً لاحتلالها فالاستعمار دائماً يأتي بمبررات قيمية, وهي لا تعد عن مغالطات تكشفها وقائع المستقبل القريب، وما يحدِّثُ به واقع عدن الآن الرازحة تحت التواجد الخارجي, والقاعدة وداعش أكبر دليل على ما كان يروجه العدوان.

* على ذكر هؤلاء المرتزقة.. أين وصلوا الآن؟ وما تفاصيل المواجهة معهم؟
– قبل استقدام هذه الحشود والمرتزقة كان العملاء في حالة انهيار، وكانت أوضاع تعز على مقربة من السلام والتعايش, لكن العملاء عادوا مع هؤلاء المرتزقة لمحاصرة تعز وبهذه المدرعات وهذه الآليات, ولكنها انصدمت بصمود أبناء تعز وبصمود الجيش واللجان الشعبية، فعادت المواجهات إلى المربع الأول وبدأ الجيش واللجان الشعبية تتقدم في جميع الجهات، وهناك خسران كبير لهم في الجنود والمليشيات المسلحة، وفي المعدات والآليات وبعضها لا زالت محاصرة لتعز, وتدعي زيفاً، أن اللجان والجيش هم من يحاصرون تعز.

* في أي مكان تتمركز المرتزقة السودانية؟
– طبعاً قدموا من عدن إلى طور الباحة، ومن هناك دخلوا إلى منطقة الضباب، وبعضها إلى جبل صبر، ودخلت بعضها إلى المدينة.

* بالعودة إلى انسحاب الجيش واللجان الشعبية هل كان فراغ تعز من الجيش واللجان الشعبية هو سبب دخول هذه القوات المستقدمة من القرن الأفريقي؟ وما سبب عودة الحرب بعد انسحاب اللجان الشعبية والجيش؟
– بالتأكيد فراغ تعز من الأمن والسلام الذي كانت تعيشه تعز بعد سيطرة اللجان الشعبية، كان سبباً رئيساً لحدوث ما حدث.
أما ما يتعلق بسبب عودة المعارك بعد الانسحاب فيجب أن نتحدث أو نوضح سبب الانسحاب، حيث كان هناك العديد من المبادرات من وجهاء وعقلاء المحافظة لإيقاف الاقتتال في المحافظة والاستماع لصوت العقل، وحرصاً من الجيش واللجان الشعبية على أن تكون لهم المبادرة, فيما يطرحه العقلاء، انسحبت اللجان الشعبية، وعاد الجيش إلى معسكراته وعسى تمضي الأمور إلى السلام الذي يتحدث عنه الناس.
منطلقين من أن اللجان والجيش هما سبب تلك المواجهات.. لكن ما حدث غير الواقع تماماً، ليدرك الناس جميعاً زيف ما كان يروج له حزب الإصلاح ومن يقف في صف عمالته للسعودية، إذ حدث سحل وقتل وتصفيات عرقية أذهلت العالم، لما عكسته من إصرار على الأثم والعدوان، فتم تصفية كثير من الناس لهوياتهم، وكثير من الناس لأرائهم المخالفة لهذه الأعمال الإجرامية، مما استدعى من الجيش واللجان الشعبية العودة بقوة، في الدفاع عن أبناء تعز وعن أمنها وثقافتها في التعايش عبر العصور، إذ أن هذه الجرائم من القتل والتمثيل بالضحايا وسحلها في الشوارع، غريبة عن اليمن وعن هذه المحافظة.. لقد وضحت هذه الجرائم للكثير من المخدوعين والمغرر بهم في الداخل والخارج، كل الحقائق التي تدحض زيف شعارات القوى التكفيرية والمرتزقة.

* ألم يكن الانسحاب بداية لمفاوضات كما سمعنا حينها.. أين ذهبت المفاوضات؟
– نعم كان ذلك.. لكن الأمر تغير واتضحت الأمور لعامة الناس واتضحت للعقلاء والوسطاء أن المرتزقة ليس بأيدهم ولا يستطيعون وقف القتال والإجرام ضد الأبرياء فهم أدوات تتحرك بأمر ومخطط العدوان الخارجي السعودي الاسرائيلي، فلم يكونوا صادقين في الذهاب إلى المفاوضات خطوة واحدة أو وقف الاقتتال في المحافظة، وإنما كانت مغالطات، ومبررات واهية، ما اضطر العقلاء والوجهاء في المحافظة إلى دعوة الجيش واللجان الشعبية إلى التواجد.. وعدم الانسحاب من المحافظة.. وذلك خوفاً من المآلات العكسية التي حدثت في عدن إذ سيطرت القاعدة وداعش عليها، وخوفاً من استمرار تنامي نشاط القاعدة وداعش في تعز، حيث بدأت القاعدة تتحرك بشكل واضح للعيان بشعاراتهم وأدواتهم.

* كيف دخلت القاعدة للمدينة والجميع يدرك خطرها؟
– المسألة تتصل بالنشاطات المكثفة للتكفيريين من السابق كما ذكرت لك، والأهم محاولات القوى الحليفة للقاعدة، كالإصلاح الذي يعتبر جزء منهما تقزيم وتجزئة الهوية اليمنية، حيث بدات أنشطة ما يسمى بإقليم الجند وبأساليب تبث العنصرية والمناطقية وتشوه تاريخ تعز في التعايش، فالقاعدة ليس بالضرورة تقاتل لتدخل اليوم المدينة, فالفكر التكفيري, فكر القاعدة موجود منذ عقود في المدارس في المعاهد العلمية في المساجد، فهناك تصريح لهذه العناصر المتطرفة كما أن هناك استجلاب لعناصرها حتى من الخارج بعد خسارة الإصلاح ومن معه في المطار القديم في معسكر اللواء (35) الذي بدأت فيه المعركة وتم حسمها ودحرهم فيها فشعر تنظيم الأخوان المسلمين ومن معهم في المحافظات بضعف مما دعاهم إلى استجلاب الكثير من عناصر القاعدة في المحافظات من شبوة ومن مارب ومن جبهات القتال الأخرى إلى محافظة تعز ليجعلوها بؤرة للصراع والعنف مفوَّتين عليها فرص السلام والتنمية ..

حقائق الحصار

* بالعودة إلى الحصار يشيع الإعلام الخليجي ومن دار في عدوانه على اليمن أن اللجان الشعبية والجيش هما من تحاصر تعز حتى من دخول مياه الرشرب ، ما حقيقة هذه الأخبار؟ ومن يتحكم الآن بدخول المؤن؟
– الحرب والعدوان على اليمن حتى اليوم تدخل في شهرها الثامن .. فمن أين يشربون خلال هذه المدة ، هذه الشائعات والأكاذيب تأتي في أطار الكيد والتضليل الذي تنتهجه المملكة العربية السعودية في عدوانها على اليمن كل أخواننا في تعز يدركون، أن الفترة التي تواجد فيها الجيش واللجان الشعبية في تعز وتحديداً في إدارة مشروع المياه، أن المياه كانت توزع للبيوت والحارات بإشراف اللجنة الثورية في تعز خلال شهر رمضان، وبعد شهر رمضان وكان هناك ضخ شبه يومي وكانت الكهرباء موجودة بالحارات، وكله بدفع ورعاية من اللجنة الثورية ومن وإدارة المحافظة وإدارة مشروع المياه ومنذ سيطرت الجماعات التكفيرية على هذه المناطق وعلى إدارة مشروع المياه توقفت الحركة وشلت مسارات العمل الخدمي، أما بالنسبة للطرق فهي مفتوحة.. وتمر منها كل المؤن وكل المساعدات تدخل من مداخل المحافظة، وكل ما يروّج له كذب، ومن حقكم أن تستدعوا اللجنة الشعبية للإغاثة، وهي متواجدة هنا من عقلاء ووجهاء محافظة تعز.
ويتواصلون مع المنظمات الإنسانية لإدخال كل مواد الإغاثة اللازمة داخل المدينة أو خارجها غير أن هذه المؤن تذهب إلى مليشيات الإصلاح والقاعدة التي تقتل عناصر تعز من الداخل ..

* يترافق مع هذه الأوضاع .. استمرار القصف العنيف من دول التحالف كيف عكس القصف نفسه على الحياة اليومية فما هي المنشآت والبنية التي طالها القصف..؟
– الحركة متوقفة داخل المحافظة بشكل كامل, الأهم الأجزاء المسيطرة من الجيش واللجان الشعبية .. أما الناطق المسيطرة عليها المرتزقة والتكفيريون ، فهناك شلل كامل في الخدمات في المؤسسات التابعة للدولة, هناك أمراء تنصّبهم القاعدة في الإحياء والحارات في أقسام المدينة يقومون بممارسة مهامهم الداعشية بامتياز يعاملون الناس لعقائدهم لأفكارهم لأرائهم..
أما البنى التحتية التي استهدفها العدوان في تعز فقد طال مقومات الدولة اليمنية ، وقبل هذا الإنسان اليمني « طفلاً وشيخاً وامرأة»

العودة إلى الصواب

* مؤخراً انعقد مؤتمر الثباب الوطني، وخرج بتوصيات هامة تجاه راهن اليمن وأيضاً تجاه محافظة تعز .. كيف لمستم تجاوب النخب والعامة مخرجات هذا المؤتمر ..؟
– هناك تجاوب كبير، بل تفاعل من كل النخب.. فمؤتمر الثباب الوطني الذي ضم (1000) شخصية اجتماعية من عقلاء ووجهاء محافظة تعز الذين يملكون زمام الأمر في المحافظة وجديرون ،باستنهاض الناس وجديرون بالقيام بدورهم وتحمل مسؤولياتهم تجاه تأمين محافظة تعز، وهو ما يجري حالياً في الميدان.

* ما يتعلق بقواعد الجماهير في الأحزاب، خصوصاً في تعز وهي ترفض مواقف قياداتها ما هو تقييمكم لحجم رفض هذه الجماهير لمواقف قياداتها وإلى أي مدى يتم التواصل مع هذه الجماهير..؟
– هناك قواعد جماهيرية كبيرة انصدمت بمواقف قيادات أحزابها ورفضتها وهذا موقف وطني يحسب لها ويسطر لها الفخر لانحيازها إلى الوطن في هذه الظروف الصعبة .. إضافة إلى ذلك نحن نعلم أن هناك كثيراً من القوميين واليساريين وأصحاب الاتجاهات والأفكار التقدمية والمنخدعين بهذه المعركة في المحافظة.. هؤلاء أصبحوا في وضعٍ لا يحسدون عليه، فقد وجدوا أنفسهم بين كماشة عصابات المخلافي والقاعدة، بعدما اتضح لهم الآن ما يصير من مشروع تآمري لدعشنة تعز, فهم الآن في حيرة بعد أن حرضوا الناس وصوروا بأن هناك اعتداء على تعز من اليمنيين دون كل من يتخلى عن المعركة ضد الجيش الوطني واللجان الشعبية بأنه خائن لتعز وأهله وذويه .. وصاروا محرجين جداً ونحن نقول لهم بأن الباب لا زال مفتوحاً وأن الوطن لا يزال يتسع للجميع ولا زال حاضناً لكل الشرفاء والمنخدعين الذين يعودون إلى صوابهم، إلى حضن هذا الوطن الواسع والمرحب بهم..

* دعوتكم للمواطنين والوجهاء والعقلاء من أبناء تعز تجاه ما يجري في تعز..؟
– دعوتي لكل العقلاء والوجهاء في محافظة تعز أن يقفوا صفاً واحداً لمواجهة العدوان وأدواته ومرتزقته، ولا حل غير الاتحاد والتعايش والقبول بالآخر ونبذ الفكر التفكيري والتطرف والعنف.. ولا مبرر لأن يسكت العقلاء في هذه المرحلة بعد أن اتضح الآن بأن هناك مشروعاً واضحاً يستهدف تعز ويريد دعشنتها، ويعد أن اتضحت الحقائق لكل من كان مخدوعاً أو مغرراً بهم لكل من كان ساكتاً وما جرى في المحافظة كافٍ لأخذ العبرة والوقوف بحزم والتصدي للعدوان ولهذه الجماعات الإرهابية وتأمين محافظة تعز، التي تعني اليمن والمشاريع الوطنية الجامعة..

قد يعجبك ايضا