شرط تحقيق الايمان في ميدان المواجهة

موقع أنصار الله || من هدي القرآن || وأبرز التربية الإيمانية, أبرز مظاهرها هو الوقوف في وجه الكافرين بكل عزة, وبكل صمود, وبكل قوة, بل هذا شرط في تحقيق الإيمان في ميدان المواجهة نفسها تصبح الهزيمة أمام الكافرين جريمة {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}(الأنفال: من الآية16) هي كبيرة.

لكن ما يدرينا – ومما يشهد على أن التربية لديهم ليست تربية إيمانية – أن هذه وإن كانت كبيرة فهي ليست خطيرة؛ لأن غاية ما يمكن أن يحصل من وراء هذه الكبيرة هو أن نحظى بشفاعة محمد، لندخل الجنة!.

كما حكى الله عن أهل الكتاب عندما يشترون الضلال بالهدى، عندما يقولون: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}(آل عمران75). عندما تظهر لهم المواقف المنحرفة في كثير من أعمالهم، الله قال عنهم معللا تلك الأشياء التي وقعت من جانبهم أنها بسبب {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} (آل عمران:24).

هذه هي التي تضرب التربية الإيمانية: أن يقال لك بأن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) سيشفع لأهل الكبائر، والفرار من الزحف هو من الكبائر, إذاً فالجندي الذي ربيته، وأطلق ذقنه طويلا ستكون خطواته قصيرة في ميدان الجهاد؛ لأنه وإن رأى أن الفرار من الزحف كبيرة.. الكبيرة لا تشكل لديه أي شيء يزعجه.. الكبيرة زائد كبيرة أخرى, زائد كبيرة يعني: أن تحظى بشفاعة محمد فتدخل الجنة, إذاً سيهرب من الزحف, سينهزم في مواجهة اليهود، سينهزم في مواجهة الكافرين.

أن يقول لهم المرشد الفلاني: لا يجوز الفرار من الزحف, يجب المواجهة حتى آخر قطرة وإلا فالفرار من الزحف كبيرة، هو من كان يحدثهم في المسجد قبل أيام: أن الرسول سيشفع لأهل الكبائر، فكيف بإمكانه أن يوجد جنودا يندفعون ويخافون أن يقعوا في كبيرة؟ أليس هذا تناقض؟ هل يمكنك أنت وأنت تنطلق لإرشاد الناس في ميادين المواجهة فتقول لهم ما قال الله في القرآن الكريم: أن الفرار من الزحف يبوء الإنسان فيه بغضب من الله, وأنه من الكبائر، وأنت من كنت تقول لهم سابقا: أن الرسول سيشفع لأهل الكبائر، وأنت من كتبت فوق روضة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) على أحد أبواب روضته المطهرة [شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي].

هذا الحديث وحده, وهذه العقيدة وحدها هي مما يحول دون تربية جيش إسلامي يصمد في وجه أعداء الله مهما كانت قوتهم.

نقول لأولئك الدعاة الذين يملأون محاريب المساجد بأجسامهم الدسمة والضخمة: نحن الآن في مواجهة مع اليهود والنصارى, في مواجهة مع أمريكا وإسرائيل، وأنتم الآن وكما نراكم, وكما ترون أنفسكم في قائمة المطاردين من جانب أمريكا وإسرائيل, راجعوا أنفسكم, وانظروا من جديد إلى ما كنتم تقدمونه للناس من عقائد، راجعوا عقائدكم، صححوها، وإلا فإنكم إنما تبنون أمة منهزمة، وإلا فإنكم إنما تصدرون الشواهد, الشاهد تلو الشاهد على أن الإسلام يقبل الهزيمة، وأنه لا يستطيع أن يصمد في مواجهة الكافرين، وإلا فإنكم ستكونون بأعمالكم هذه وبهزيمتكم النكراء من أول صيحة في مواجهتكم أنتم من ستزرعون اليأس في نفوس الحركات الإسلامية في أي منطقة.. وربما أراد الأمريكيون, وأراد كباركم من انكماشكم السريع أن يزرعوا اليأس في نفوس الحركات الإسلامية هنا أو هناك.

يرى الناس أنفسهم بأنهم لو وصل بهم الأمر بتهيئة من الظروف أن تصبح هذه الحركة أو تلك حركة كبيرة فإن غاية ما يمكن أن تصل إليه أن تصل إلى ما وصل إليه طالبان. أليس كذلك؟. ثم رأينا طالبان انكمشت بسرعة, وذابت بسرعة في مواجهة الأمريكيين, في مواجهة اليهود والنصارى.سنقول: هذه الحركة إذاً لا تستطيع أن تعمل شيئاً، نحن غاية ما يمكن أن نصل

نقول لأولئك الدعاة: أنتم بعقائدكم من ضربتم أنفسكم، أما نحن فلم تكن ضربتكم ضربة لنا بل كانت شاهدا أعطانا قوة في إيماننا, وبصيرة في عقائدنا، وإلا لو كنا ننظر نظرتكم لاهتزت ثقتنا بالقرآن وبالإسلام كله؛ لأنكم كنم تبرزون أمامنا كتلا من الإيمان, كتلا من الإلتزام حتى فيما يتعلق بالثوب والسواك، يحرك السواك وهو في الصف للصلاة التزاماً بالسنة, احتمال أن يكون المراد بأن السواك قبل الطهور, أو أن يكون أيضا مقصودا به قبل التكبير للصلاة، وأنت في الصف, فيخرج السواك من جيبه ويتمسوك, ويقصر الثوب!.

هم يبرزون بأنهم ملتزمون حتى في أدق الأشياء، ثم تبخرت كل هذه الأشياء أمام صرخة واحدة من اليهود.. والذقنة كان بقاؤها وإطالتها ركن من أركان الإيمان، ركن من أركان الإسلام، انطلقوا ليحلقوها سريعا!.

أذكر وأنا في مرة من المرات حول الكعبة قبل سنوات ورأيت شابا يبدو من ملامحه أنه لبناني بدون ذقن وهو يقف بخشوع وهو يدعو الله دعاء حاراً أن يرزقه الشهادة في سبيله.

وهؤلاء بذقونهم أين الشهادة في سبيل الله؟ وهم فئة لها قاداتها, لها إمكانياتها الهائلة, إمكانياتهم أعظم من إمكانيات حزب الله، إمكانياتهم في اليمن, وعددهم, أكثر عدة وعددا من حزب الله في لبنان، ثم لماذا لا نسمع أنهم يهتفون بشعار: الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. وأن يلعنوا اليهود.

كانوا يلعنون الشيعة.. لماذا لا يلعنون اليهود!؟ وهل أن الشيعة هم يشكلون الخطورة البالغة على الإسلام أشد من أمريكا وإسرائيل؟ هم كانوا يلعنوننا ونحن هنا شيعة ضعاف مستضعفون فكانوا يلعنون الشيعة في مساجدهم وعلى منابرهم! لماذا لم ينطلقوا ليهتفوا بشعار: الموت لأمريكا والموت لإسرائيل؟ وهو شعار له أثره المهم, وأثره البالغ في نفوس اليهود والنصارى؟.

لم نجد أي شيء من هذا، ولم نسمع أيضا منهم كلاما كثيرا عن فضح مؤامرات اليهود والنصارى, وتعبئة عامة للمسلمين ضـد اليهود والنصارى، تعبئة ولـو فيما يتعلق بجانب الوعي! لا شيء، ضـاعوا هم, وأصبحوا يلتجئون – كما يقال عن بعضهم – في الجبال, وفي المغارات, وانتهى الموضوع.

أريد أن أقول لأولئك الذين يقولون: [لماذا..؟ الكل, أولئك الآخرون هم مسلمون, وهم على حق، لماذا ليس إلا نحن على الحق؟] نقول: أنظر هكذا الحق عندهم تجلى، ثم عد إلى القرآن إذا كنت تعتقد أن ما لديهم هو الحق, وكنت تغتر بكثرتهم فانظر إلى كثرتهم كيف تبخرت في مواجهة أعداء الله.. والحق هو من الله, والحق جاء في كتاب الله، وتلك آيات كتاب الله تصف المؤمنين, والجهاد في سبيل الله, والعزة في مواجهة أعداء الله, والاستبسال في سبيل الله هو من أبرز صفات المؤمنين.. هل هذه فيهم؟. لا. أليسوا هم من تبخروا أمام أعداء الله؟ فكيف بإمكانك أن تقول: أنهم على حق! انضم إلى صفهم لتكون واحدا من المهزومين.. أو أنهم متحرفين لقتال؟ لا. ينكمشون, وانتهى الموضوع.

يتبين لنا هنا أيضا: بأن الله سبحانه قد بين للناس الأدلة على الحق في كتابه الكريم، ثم الأدلة والشواهد على الحق في واقع الحياة, وفي ممارسات الناس جميعا.. إذاً فلا تغتر بكثرتهم. لا يخدعك ضجيجهم, ولا تخدعك ذقونهم, هاهي تهاوت هذه الذقون سريعاً دون أن تعمل شيئاً.

 

 

دروس من هدي القرآن الكريم

#في_ضلال_دعاء_مكارم_الأخلاق

#الدرس_الثاني

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 2/2/2002م

اليمن – صعدة

الله أكبر

الموت لأمريكا

الموت لإسرائيل

اللعنة على اليهود

النصر للإسلام

 

قد يعجبك ايضا