لماذا كل هذا الاحتفاء الإسرائيلي بمواقف “التطبيع”؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
ية” التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية علّقت على الصورة ذاتها على تويتر، بالقول: “تلقينا من أحد الحجاج في مكة هذه الصورة وبها هذه التهنئة (يوم سبت مبارك) (شابات شالوم) موجهة إلى اليهود أو الإسرائيليين من قلب الحرم.. هذه رسالة جميلة تعبر عن الأخوة والسلام.
لم يقتصر الاحتفاء الإسرائيلي على المتحدث باسم رئيس الوزراء، ووزارة الخارجية الإسرائيلي، بل عمد أيضاً المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي إلى إعادة نشر الصورة ذاتها على صفحته بتويتر، معلقًا: “شاهد: شابات شالوم اليهودية داخل الحرم المكي. ما أجمل التعايش والاحترام المتبادل”.
بعيداً عن الجهة التي خلف القيام بمثل هذه الأمور، وهل هم الذباب الإلكتروني نفسه، لكن تكرار مثل هذه الأمور والاحتفاء الإسرائيلي بهذا الأمر يشير إلى التالي:
أوّلاً: إن حجم الاحتفاء الإسرائيلي لا يرتبط بالترويج لنتنياهو نفسه.ربما أن المتحدث باسم نتنياهو أراد ذلك لتعزيز شعبية نتنياهو في الداخل الإسرائيلي، ولكن هل الصفحة التابعة للخارجية هدفت للأمر ذاته؟ ماذا عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي. في الحقيقة، يدر الكيان الإسرائيلي أنه لا يستطيع شرعنة نفسه ما لم يطبّع مع الدول العربية المحيطة التي كانت على مرّ التاريخ الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية.
ثانياً: في الوقت عينه يدرك الكيان الإسرائيلي أن قرارات ترامب ستبقى حبراً على ورق ما لم يعمد الفلسطينيون او العرب إلى التطبيع مع الكيان المحتل، لذلك تعمد وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى استغلال أي موقف تطبيعي والترويج له وتضخيمه لاسباب دخلية تارة وخارجية أخرى. في الأسباب الداخلية تجدر الإشارة إلى الحسابات السياسية بين نتنياهو وخصومه السياسيين. لا تقتصر الحسابات الداخلية على هذا الشقّ، بل هناك خشية إسرائيلية واضحة من موجة “الهجرة” إلى أوروبا وعود الإسرائيليين إلى الغرب رغم كافّة التطمينات التي يقدّمها الكيان. هناك ارتفاع ملحوظ في عدد الإسرائيلين المغادرين لفلسطين المحتلّة، هذا الأمر لا يقتصر على المدنيين، بل أيضاً على العسكر، لاسيّما المتقاعدين من الضباط والأساتذة في الأكاديميات العسكرية.
ثالثاً: وأما في الشقّ الخارجي فهناك ما يرتبط بصفقة القرن ودعمها الإعلامي، وهناك ما يرتبط بالعلاقات السياسية والاقتصاديّة مع العرب. يرى الكيان المحتل أن التطبيع العربي يعني تصفية القضية الفلسطينية حتى لو رفضها الفلسطينون أنفسهم، فضلاً عن وجود العديد من التقارير العبرية التي تشير إلى الأهمية الاقتصادية لمسألة التطبيع مع العرب، مع الفلسطينين أو دونهم.
رابعاً: اللافت أن موقف التطبيع هذا وصل إلى قبلة المسلمين. ما يريده الإسرائيليون من خلال الأمر هو تهبيط عزيمة المقاومين وزرع اليئس في نفوس المهادنين. هم يريدون أن يقول البعض: اذا وصل التطبيع إلى مكة المكرمة، فلما نستمر في مواقفنا التي تبدون غير مجدية. وهن نقول إن هذه التطرفات لا تغني من الحقّ شيئاً، فالشعوب العربية، والشعب السعودية، هم رافضين لمثل هذه الأمور ومن يقف خلفها معروف.
خامساً: للأسف لو تدرك هذه الأنظمة العربية حجم الضربة التي توجهها إلى القضية الفلسطينية من خلال هذه التصرفات الصبيانيّة، ولعل مطالعة حجم الاحتفاء الإسرائيلي بمثل هذه الأمور تؤكد حجم قوّة الموقف العربي الموحد في وجه الكيان الإسرائيلي وكل من يقف خلفه. مقابل هذه الهجمة الإعلامية والسياسية المدعومة من بعض الأنظمة العربية، بشكل علني وسرّي، تعد المواقف المقاومة هي السبيل الأمثل للمواجهة. لا يجتاج الأمر إلى مؤسسات كبرى أو مواقف ضخمة، بل إن كل موقف مقاوم حتى من ذلك الطفل الذي يرفع راية فلسطين إلى ذلك الشاب الذي يلقي شعراً في وصف فلسطين إلى تلك الأم التي تحكي لأطفالها قصصها عن فلسطين و وأهل فلسطيني، وحتى ذلك الجد الذي يسلّم مفتاح العودة إلى حفيده، كل أفعال تعزز من حجم المواجهة، فلا يبخل أحد بأي موقف راض للتطبيع وداعم للمقامة، كبر حجمه أم صغر.
صفقة القرن ستسقط، ومن خلفها كافّة المطبعين الذين خذلوا فلسطين وشعب فلسطين. فلسطين كانت عربية-إسلامية، وستبقى كذلك.