القوات الأمريكية في “السعودية”: حماية للمنطقة أم “للسعودية” من الصواريخ اليمنية؟
|| صحافة عربية ودولية ||
انضمّت “السعودية” لبقيّة دول مجلس التعاون الخليجي الست التي تحتضن قواعد للقوات الأمريكية على أراضيها، وذلك بعد مرور أكثر من 20 عام على القرار الذي أصدرته الرياض بعد عملية الخُبر عام 1996 حينما قُتل 19 جندياً أمريكيّاً بتفجيرات إرهابيّة استهدفت قاعدة المارينز بشاحنة مفخّخة.
اليوم ومع تصاعد التوترات في منطقة الخليج، ولأوّل مرّة منذ عام 1996، أعلنت السلطات السعودية عن استقبال جنود أمريكيين من قوّات المارينز ليتمركزوا في قاعدة الأمير سلطان بن عبد العزيز في منطقة الخرج جنوب شرق الرياض، من دون أن تحدد العدد، بيد أن وسائل إعلام أمريكية ونقلاً عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أوضحت أن عدد القوات يبلغ 500 جندي. بالتزامن أعلن “البنتاغون” فوز شركة “لوكهيد مارتن” بعقد قيمته 1.48 مليار دولار لبيع منظومة “ثاد” الدفاعية الصاروخية “للسعودية”، لتصبح القيمة الإجمالية لصفقات الشركة الأمريكية مع “السعودية” 5.36 مليار دولار.
لا تزال الأسباب الحقيقية لقدوم مئات العناصر من الجيش الأمريكي للتّمركز في الرياض غير واضحة، بالرغم من أن القيادة المركزية الأمريكية صرّحت بالقول أن هذا التحرّك يشكل رادعاً إضافياً، يضمن قدرات الولايات المتحدة على الدفاع عن مصالحها في المنطقة من التهديدات الناشئة والموثوقة، في إشارة إلى إيران، وقد تلاقى هذا التصريح مع وكالة الأنباء السعودية الرسمية التي قالت بدورها أن العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، “أصدر موافقة على استقبال المملكة لقوات أمريكية، لرفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها وضمان السلم فيها”، وذلك في الوقت الذي تتصاعد فيه الهجمات على ناقلات نفط في الخليج الفارسي، إلى جانب احتجاز طهران مؤخراً لناقلة نفط بريطانية.
في المقابل، استخفّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بخطط إدارة الرئيس “دونالد ترامب” عبر إرسال بضع مئات من الجنود إلى “السعودية” ووصفها بأنها “خطوة رمزية” لا تفيد أحداً في قضية الأمن.
وقال في مقابلة مع مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية أن: “هذه خطوة رمزية لا تساعد أحداً في مسألة الأمن. لا يمكن شراء الأمن في منطقتنا من الخارج. نعتقد أن بلدان المنطقة يجب أن تضمن أمنها من خلال التعاون والتكامل الإقليمي، وليس عن طريق محاولة شرائه من الخارج. إنها ليست دائما وسيلة موثوقة لضمان الأمن والاستقرار”.
على خلاف ما تصرّح به الإدارة الأمريكية وسلطات الرياض يرجّح متابعون للشأن المحلّي أن جلب القوات الأمريكية إلى “السعودية”، يهدف إلى تقديم التدريبات اللازمة للقوات السعودية بما في ذلك تقديم الخبرات التقنية والإشراف على كيفية استخدام منظومة “ثاد” الدفاعية، وبالتالي يكون الهدف تحصين “السعودية” التي تعرّت منظوماتها الدفاعية أمام الهجمات اليمنية، ويعلّل المتابعون ذلك بالقول أنه من غير المنطقي إرسال 500 جندي أمريكي فقط لحماية أمن المنطقة والدخول في أي مواجهات محتملة من إيران، نظراً لقلّة عددها، لذا يستبعد المتابعون ذلك خاصة وأن الولايات المتحدة كانت قد أرسلت عام 1991 نصف مليون جندي إلى الجزيرة العربية للقِيام بمهمّة تحرير الكويت من القوّات العراقيّة.
صفقة “ثاد”
أما عن خلفيات تجديد عقد الصفقات العسكرية السابقة مع الشركة التي تُعتبر أكبر مُنتجي السلاح في الولايات المتحدة، يفسّر مراقبون ذلك على أنه خطوة استباقيّة تحسّباً لأي ضربة يمنية جديدة، خصوصاً بعدما أكد المتحدث الرسمي بإسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع على أن لدى القوات اليمنية تقنيات متطورة لا تستطيع المنظومات الإعتراضية الأمريكية التعامل معها، وأن الضربات المقبلة لن تقتصر على استهداف عسير ونجران وجيزان. وهي الخطوة التي يراها المراقبون أيضاً اعترافاً واضحاً بفشل منظومة صواريخ “باتريوت” التي أنفقت عليها “السعودية” المليارات لإقتنائها ثم أخفقت في مواجهة الصواريخ الباليستية اليمنية، والطائرات المسيّرة في المقابل تمكُّن الصواريخ اليمنية من تجاوز أجهزة الرادار السعودية وتنفيذ أهدافها بدقّة بما في ذلك تعطيل الملاحة الجوية في مطارات الجنوب السعودي.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تكثر فيه انتقادات الكتّاب والمحللين العسكريين، لترهّل قدرات القوات السعودية وعدم قدرتها على صدّ الهجمات التي تتعرض لها أراضيها من قبل الجيش اليمني واللجان الشعبية الذين يستهدفون مواقع حيوية ويكبدون “السعودية” خسائر مالية طائلة، بالإضافة إلى الإدانات التي تتلقاها الرياض على خلفية آدائها باليمن منذ أكثر من أربع سنوات دون أن تحقّق أي تقدّم يذكر، إنما أعطت الفرصة الثمينة لتعاظم وتحسين القدرات العسكرية اليمنية.
(مرآة الجزيرة – زينب فرحات)