ثباتُ الدريهمي وتحجُّرُ العدوان
|| مقالات || رقيّة المعافى
ما بينَ ظلامِ الحصار وقصف طيران العدوان ودهاليز الجوعِ والحرمان، يعيشُ قومٌ في غياهبِ الجورِ والغُربة يُقاومون القهر وغدر الغازي المُحتلّ، يتشبثون بالأرض فيأكلون منها ويشربون منها ليُصارعوا بأوج قوّتهم وطاقتهم حجم الأوبئة والأمراض التي تهاجم أجسادهم.
في الدريهمي الصمودُ يكسر الحصار، والهواء يُغطيّ غبار الرصاص والمدافع، الجوع يفتكُ بالأمعاء فلا تسمعُ إلا حسيسها، والصبر السلاح الذي لا غنى عنه، ومع ذلك لم ينطفئ الأملُ المتوهجُ في أنفسهم، فهم يعيشون يوماً بعد آخر على أمل أن يملّ المحتلُّ المُحاصِرُ ويُنهيَ حصارَه أَو أن يهبّ ذوو الغيرة والحميّة لإنقاذ ما تبقى من نفوسٍ مترقِّبة لحياةٍ أفضل.
فمتى ينتهي هذا الحصار؟ وما السبيلُ لإنهائه؟ وهل ننتظر الأمم المتحدّة التي لا جدوى منها إلا التحدّث عن الإحصاءات وقلقها الخافت أم أنّ العدوان يأمل أن الدريهميّ ستُسلّم له على طبقٍ من ذهب وأن استخدامَهُ ورقةَ الحصار وسلبَ لقمة العيش سيؤدي إلى استسلام الأهالي والمجاهدين؟ من المعلوم أنّ تحالفَ العدوان الأرعن يستخدمُ هذه الورقةَ منذ بدء العدوان على وطننا لكنه لم يجنِ إلا الفشل والانكسار وبحصارهِ لمدينةِ الدريهمي لن يجنيَ إلا الفشلَ والخُسران المُبين.
وكما أنّ ورقة الحصار ستخسر وتذوب أمام ثباتِ الأهالي وصبرهم وتمسكهم بالقويّ الجبّار إلا أنّ هذا الحصار يكشف سوء وخبث هذه القوى المتوحشّة والتي تتسبب يوماً بعد آخر بمزيدٍ من المآسي والمُعاناة الإنْسَانيّة الكارثيّة فضلاً عن قصف العدوان المُتكرر للمدينة ومساكن المواطنين العُزّل وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على تحجّر تفكير هذه القِوى العدوانيّة وهروبها من فشلِ مجابهةِ الأبطال الأحرار على جبهاتِ القتال إلى مُحاربةِ البُسطاء والمدنيين في لقمة عيشهم وكلّ هذا بإذن الله لن يُحقِّقَ ما يرمون إليه من أهداف وأطماع ولن يكون النصرُ إلا لتلك القلوب التي تشعُرُ بالغُربة والظُلم والقهر وتكابد حِدّة الحصار الخانق.