الممارسات الخاطئة تغذي صراع الأجنحة في النظام السعودي

|| صحافة محلية ||

لا يختلف إثنان في أن مشروع التغيير الدراماتيكي داخل المملكة العربية السعودية، في عهد الملك سلمان، والذي يرمي إلى تحقيق إصلاحات اجتماعية، واقتصادية، لا يسير بسلاسة كما كان متوقعاً، علاوة على كونه مغالياً في الطموح، محاولاً استشراف تبعات الأمر على الصراع الخفي على السلطة بين الجناح المحسوب على الملك الحالي، والأجنحة الأخرى في أوساط العائلة المالكة، علاوة على تسليط الضوء على ردود الأفعال المتوقعة من جانب القوى الأخرى النافذة في البلاد، لا سيما المؤسسة الدينية الوهابية، والتي يبدو أنها انبطحت تدريجيا، بدء من التنازلات الدينية الخاصة بالعلاقات العامة، وانتهاء بالديسكو الحلال واستقبال القوات الأمريكية مؤخرا في الأراضي السعودية، إلى جانب التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني رسميا وشعبيا.

 

تحديات واسعة

 

إن إحداث تغييرات كبرى لا يتم أبداً، دون وقوع نزاع، أو أزمة حقيقية، تترافق مع حالة من عدم الاستقرار، وهذا ما تكشفه التحديات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تواجهها «رؤية 2030»، التي أطلقها ولي العهد محمد ابن سلمان، ولعل في استمرار تأجيل موعد الطرح العام الأولي لأسهم شركة أرامكو، والتأخر في إطلاق العنان لتغييرات إجتماعية، وكذلك في إطلاق المشروعات الاقتصادية الكبرى الموكلة إلى صندوق الثروة السيادية، ما يمكن أن يقوّض موقف ولي العهد السعودي. إلى ذلك يبدو جليا أن تيار المحافظين، والمتطرفين الدينيين يمكن أن ينحو باتجاه التصادم مع ولي العهد، إذا ما اعترى تنفيذ رؤية 2030 جوانب تقصير، ونقاط ضعف. كذلك، فإن المعارضة الداخلية في أوساط العائلة المالكة لا تزال قائمة، وبالنظر إلى الوضع القائم داخل المملكة، فإن هناك بوادر مواجهة حتمية تلوح في الأفق بين القوى المشار إليها، لذلك نشاهد تكرار تجربة حملة الاعتقالات والتصفيات.

 

صناعة العداوات

 

يجد ولي العهد صعوبة في مهمة الإبقاء على حظوظه في السلطة، فتغيير البنية الاجتماعية المحافظة، في ظل نظام ملكي، وهي بنية تستند بالدرجة الأولى إلى دولة ريعية، ونظام اقتصادي قائم على إعادة توزيع الريوع النفطية، يعد مسألة صعبة، ومؤلمة، وبالتالي يتعين على محمد ابن سلمان التعامل مع المعارضة في الداخل، والخارج، إلى جانب التعامل مع التحديات المالية والاقتصادية. وإذا كان تغيير المجتمع من الداخل، يشكل تحدياً كبيراً لأي زعيم، إلا أنه، في الحالة السعودية، غير ممكن إلا عن طريق خلق العداوات على جميع الصعد، في إشارة إلى إمكانية تصادم طموحات ابن سلمان، مع تيارات وقوى نافذة داخل المجتمع السعودي، كالمؤسسة الدينية، والعائلة المالكة، والفئات الشبابية.

 

إقصاء المؤسسة الدينية

 

هناك حقائق مخفية حول تصادم ولي العهد مع المؤسسة الدينية في المملكة العربية السعودية، وسوف يحتاج هذا المراهق إلى الدخول في مواجهة معارضة شديدة من قبل تلك المؤسسة، والتي لا يزال جزء كبير منها، متحالفاً مع بعض أكثر الشخصيات تشدداً في الأسرة المالكة، فالعاهل السعودي، ونجله يواصلان السير على خط بالغ الدقة، في استراتيجيتهما الرامية إلى تجريد شخصيات التيار الديني المحافظ، والمتطرفين من سلطاتهم، ولكن دون دفع هؤلاء إلى النزول إلى الشوارع، وهذه الاستراتيجية تشمل اعتقال شخصيات ليبرالية بارزة، من أجل الإيحاء للمحافظين المتشددين، أن آراءهم لا تزال تؤخذ بعين الاعتبار من جانب محمد ابن سلمان من جهة، إلى جانب العمل على انتزاع السلطة السياسية من علماء المؤسسة الوهابية من جهة أخرى، لذلك يترقب التيار الديني المحافظ من أجل الانقضاض على محمد ابن سلمان، في حال خضوعه للضغط الدولي. فسوف تتاح للرجل فرص أخرى من أجل تغيير وجه المملكة، سواء من خلال إنجاح مبادرة الاستثمار المستقبلية، أو من خلال إطلاق الطرح العام الأولي لشركة أرامكو وتحقيق تقدم في المشروعات الكبرى. وعلى هذا الأساس فإن عدم تحقيق نجاحات في المشروعات المذكورة، يمكن أن يسفر عن تراجع شعبية الأمير السعودي في أوساط الفئة الشابة، أو تطلع أفراد تلك الفئة نحو العودة إلى العهود السابقة.

 

مسك الختام

 

ومع تفاقم الازمة السعودية الداخلية يستفحل صراع الاجنحة داخل النظام السعودي خصوصا في ظل الممارسات الخاطئة التي قام بها النظام السعودي من خلال هيئة الترفيه وتشجيع الانحلال الأخلاقي والقيمي، والتطبيع مع إسرائيل علنا، حيث كان آخرها زيارة وفد إعلامي سعودي إلى القدس المحتلة، ناهيك عن السماح بدخول قوات أمريكية إلى بلاد الحرمين في ظل التباين السعودي الإماراتي وصراع أجنحة المرتزقة.

ذمار نيوز

قد يعجبك ايضا