عن كِبر أمريكا وكبرياء اليمن

|| مقالات ||  صادق البهكلي

 

غلطت أمريكا عندما توهمت أن اليمنيين بنفس نسخة عفاش وعلي كاتيوشا والأحمر وصغار الخونة كالبركاني واليدومي …الخ فكلا الأطراف التي بنت أمريكا رؤيتها على أساسها كانت تقدم نفسها على أنها السلطة والمعارضة.. اذاً ما الذي تبقى؟

هذا الاستفهام كان نتاج مخاوف أمريكية من حركة أنصار الله بعدما فشلت في وأدها في مهدها وكان نتاج التحرك الأمريكي العدواني في بواكير انطلاقة الحركة أن اكتسحت الساحة اليمنية بثقافتها ومشروعها المناهض للهيمنة الأمريكية، لكن الحسابات الأمريكية هذه المرة اخطأت في تقييمها ليس للحركة وحسب وإنما الشعب اليمني برمته. فبالنسبة لحركة أنصار الله اعتقدت أمريكا بأنها لا تعدو عن كونها حركة طارئة بذرتها إيران ونبتت في مناخ الفراغ وصراع الأطراف إياها و أن الفشل في وأد الحركة سابقاً كان سببه الفساد المعروف للنظام السابق وضعف القيادة والإدارة ونقص الإمكانيات، وبالتالي فإن مواجهة الحركة لحرب تم الإعداد لها منذ شهور وتستند على أحدث التقنيات العسكرية الأمريكية من طائرات ومدرعات ودبابات وأقمار تجسسية ومخابرات وغيرها إضافة إلى توفر سيولة مالية ضخمة ستضخها السعودية و الإمارات ودول الخليج وجيوش مدربة ستكون على الأرض من مصر والأردن والمغرب والسودان بالاشتراك مع المرتزقة والشركات الأمنية وكذلك خونة الداخل بالتوازي مع الدعم السياسي واللوجستي الدولي وبهذه المعطيات فإن الحركة لن تصمد اسبوعين على الأكثر، إضافة الى المكاسب المادية التي ستجنيها أمريكا من الحرب من خلال صفقات الأسلحة وتكاليف تشغيلها والإشراف عليها وتوجيه وإدارة المعركة..

 

هذه الرؤية قادت السعودي و الإمارات بالذات إلى كارثة تاريخية لن تقوم لهما بعدها قائمة حتى لو انتهت الحرب وتم تعويض ما دمروه أما بالنسبة لأمريكا فإن متابعة السياسة الأمريكية في المنطقة والعالم يجد دلائل واضحة لخسارة قاسية تلقتها أمريكا وفي المقدمة سمعتها العسكرية التي وضعها المقاتل اليمني في الوحل بعدما كانت في القمة ورقم واحد عالمياً حيث اصبحت الكثير من الدول التي كانت معتمدة على السلاح الأمريكي تتجه لتفضيل السلاح الروسي وما أقدمت عليه تركيا رغم التهديدات الأمريكية يؤكد هذه الحقيقية كما أن الجعجعة التي تصدرها السياسة الأمريكية في المنطقة ما هي إلا نتاج لفشل ذريع في اليمن امتد لخمس سنوات بعد أن كان سقفه الأعلى أسبوعين.

 

إن سبب ذلك هو جهل أمريكي بطبيعة الإنسان اليمني الذي يأنف الذلة ويرفض التبعية ويمقت نظرة الاستعلاء والاستكبار.. كما أنه متمسك صلب بهويته وقيمه المثلى وما تزال قوانينه القبلية المسمى “أعراف” يعمل بها وهي موجودة من قبل وجود الدستور الأمريكي وفيها من القيم الإنسانية ما لا يوجد في القانون الدولي لحقوق الإنسان فكيف يريد رعاة البقر وشاربي بول البعير الهيمنة على شعب تتجذر حضارته في أعماق التاريخ..

نعم.. الحرب خلفت كوارث كبيرة ومعاناة أكبر لكنها من جهة أخرى ايقظت عنفوان الشعب اليمني ونفضت عن كاهله غبار الخضوع والخنوع وجعلته يدرك أنه شعب مستهدف وأن عليه ترك مشاريع التمزيق التي حاكت أمريكا خيوطها وأن يتجه نحو التشابك والاندماج في بوتقة المشروع القرآني لمواجهة مشروع الهيمنة الأمريكي الذي يزحف بقفازات دول غرستها المخابرات البريطانية في غفلة من الزمن على فوهات آبار النفط في منطقتنا العربية ومع اضمحلال الامبراطورية البريطانية كان الأمريكي يضع يده على إرث الإمبراطورية الشائخة..

بمقدورنا القول في النهاية أن اليمن وجد طريقه نحو الصعود ودخول بوابة الحضارة الإنسانية من جديد وأن كانت الطريق ما تزال محفوفة بكمائن ملغمة ومفروشة باكياس البارود عوضا عن باقات الورد لكن الربيع اليمني آت وستنبت دماء اليمنيين سنابل تورق عزة و إباء وتثمر قوة وكبرياء..

قد يعجبك ايضا