فيتو ترامب يثمر أشلاءً ودماءً
|| مقالات || علي الدرواني
فيتو ترامب على قرارات الكونجرس بوقف تسليح السعودية أثمر سريعاً وترجمته الرياض بتوحُّشها المعروف وارتكبت جريمةً جديدةً في محافظة صعدةَ حصدت أكثر من أربعين شهيداً وجريحاً بينهم 13 طفلاً في قصف على سوق آل ثابت في مديرية قطابر الحدودية.
صحيحٌ أن هذه الجريمة لا تختلف كثيراً عن المئات من الجرائم المتوحشة السابقة لتحالف العدوان السعودي الأمريكي إلّا أنها من حيث التوقيت تعبر بوضوح عن حالة التناغم الكبيرة بين إغراءات ترامب وتشجيعه على الاستمرار في هذه الحرب العدوانية التي خلقت أكبر أزمة إنسانية في العالم، وبين الاستجابة العاجلة من الرياض في مواصلة التوحش والولوغ من الدماء البريئة في بلد أظهر سوأةَ العالم ونفاقَه المتواصل البعيد عن الإنسانية وشعاراتها الزائفة.
الرئيسُ الأمريكي دونالد ترامب في تبريره للكونجرس لاستخدام الفيتو الرئاسي للمرة الثانية بأن قرارات الكونجرس وقفَ تسليح السعودية تُضعِفُ القدرة التنافسية للولايات المتحدة على الصعيد الدولي وتضر بالعلاقات الهامة التي تتشاركها واشنطن مع حلفائها، حسب تعبير ترامب.
وبعد رؤية تلك الدماء والأشلاء في سوق آل ثابت بصعدة لنا أن نتساءل: كيف يمكن أن تساهم تلك الدماء البريئة المسفوكة في القدرة التنافسية أَو في العلاقات بين الحلفاء، إلّا أنه من خلال ما يجري في اليمن فقد بات واضحاً طبيعةُ العلاقة المطردة بين صفقات التسليح والجرائم، ببساطة السعودية توفر الأموال لترامب، مقابل السلاح والسكوت على الجرائم بل والدفاع عن الرياض في المحافل الدولية والدعم الكامل، سياسياً وإنسانياً.
وباعتماد الرياض على واشنطن في الإفلات من العقاب هي أَيْضاً تتحدى الأمم المتحدة التي أقرت في تقريرها المرفوع إلى مجلس الأمن أن تبقيَ التحالفَ الذي تقوده السعودية في عدوانها على اليمن في اللائحة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال للعام الثالث على التوالي بعد قتلها مئات الأطفال في العام الماضي.
ليست السعودية فقط من يجب أن توضعَ على اللائحة السوداء، بل كان يجب على الأمم المتحدة وأمينها العام انطونيو غوتيريش أن يضع كُــلّ من يزود السعودية بالأسلحة من العواصم الغربية على ذات اللائحة، فلولا تلك الأسلحة لما تمكنت السعودية من إيذاء اليمن وأطفاله، وقد شهدنا في الآونة الأخيرة حملات مناهضة لاستمرار تسليح السعودية في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وحتى في أمريكا، وصدرت أحكام قضائية في بعضها وقرارات تشريعية، وكلها تؤكّــد أن الجرمَ السعودي أصبح مشهوداً، ولم يعد سراً، ولم يعد ما يقوله اليمنيون مجرد دعاوى، بل أصبح حقيقة واضحة، يجب على العالم أن يقف أمامها بجدية، دون إغماض العيون، ودون حالة النفاق المسيطرة عليه، فهي كفيلة بإزالة الغشاوة، واخراج البعض من حالة التعامي.
إن سقوطَ هذه الدماء بشكل متواصل ومتكرر وعلى مدى خمسة أعوام يؤكّــد فشلَ الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والأممية وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان في إيقاف التوحش السعودي المستمر بحق شعب وأطفال اليمن وعجز المجتمع الدولي عن ردعِ منتهكي القوانين الدولية والإنسانية، ليس هذا فحسب بل يمكن لنا القول بأن هناك تواطؤاً دولياً كَبيراً، ووقوفاً مع الجلاد ضد الضحية، هذا من جهة، ومن جهة أُخْـــرَى تكشف هذه الجريمة العجز الميداني للعدوان في مواجهة أبطال الجيش واللجان الشعبية والانتقام من المدنيين الآمنين، وهو الأمر الذي يضع الشعب اليمني مجدّداً أمام خيار المواجهة وتعزيز الصمود كما يطلق يد القوات المسلحة للرد بالطريقة والوسيلة التي تراها مناسبة لردع التعنت والتوحش حتى يأذن اللهُ بنصرٍ من عنده، وليس ذلك على الله بعزيز، وما يومُ الظالمين ببعيد.