أبوظبي تلجأ إلى الديون لحل أزماتها.. اقتصاد الإمارات يتصدع
|| صحافة عربية ودولية ||
باتت الخطوات الاقتصادية التي دأبت على اتخاذها الإمارات في السنوات القليلة الماضية، بالإضافة إلى تقارير اقتصادية دولية، تثبت أن هذا البلد الخليجي يمر بأزمة كبيرة؛ نتيجة عجز مالي، سبَّب قلقاً لأصحاب رؤوس الأموال ما دفع كثيرين منهم إلى مغادرة البلاد.
وأهم القطاعات الاقتصادية التي تعتمد عليها الإمارات هي العقارات، التي يبدو أنها تتعرض لنكسة كبيرة، وآخر التأكيدات على هذه النكسة كشفت عنها وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني؛ إذ أكدت أن بنوك الإمارات تواجه خطراً متزايداً في تدهور جودة الأصول؛ بسبب ضعف قطاع العقارات المحلي.
في هذا الشأن أفادت الوكالة، في تقرير لها نشرته الثلاثاء (24 سبتمبر الجاري)، بأن أسعار العقارات في الإمارات تراجعت بنسبة 20% عن الذروة التي بلغتها في 2014.
أسعار العقارات في الإمارات تراجعت منذ 2015؛ ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى زيادة العرض وضعف ثقة المستهلكين المرتبطة بانخفاض أسعار النفط، وبيئة اقتصادية أقل دعماً.
وأدى انخفاض الأسعار إلى تأجيل المشترين المحتملين للمشتريات، وتم ردع المشترين الأجانب بسبب ارتفاع قيمة الدرهم الإماراتي، والتوترات الجيوسياسية، وضعف الثقة بالإمارات.
“فيتش” ذكرت أن بعض المشاريع العقارية التي بدأت قبل انخفاض الأسعار تواجه تأخيرات كبيرة؛ “حيث تتم إعادة هيكلة القروض بشكل متزايد، معظمها من خلال تمديد الأجل، في حين قام بعض المطورين بتعليق المدفوعات للمقاولين”.
وتابعت: “لم تتعاف البنوك تماماً من الأزمة العقارية التي ضربت دبي في 2010″، مشيرة إلى أن “قروض البنوك في المرحلة الثانية والمرحلة الثالثة مرتفعة بالفعل (التي أعيدت هيكلتها)؛ حيث بلغ متوسطها بين 15 و20% من إجمالي القروض، ومن المرجح أن تزداد”.
وأشارت إلى ارتفاع وتيرة إعادة هيكلة القروض في القطاع العقاري والمقاولات والقطاعات الأخرى ذات الصلة؛ ما يدل على ضعف جودة الأصول، معربة عن توقعها بإعادة هيكلة نسبة كبيرة من القروض البالغة 23 مليار دولار المقدمة إلى الكيانات المرتبطة بحكومة دبي المالكة، التي تستحق حتى نهاية 2021.
أبوظبي تستدين
من جانب آخر، فإن إمارة أبوظبي عادت إلى الاستدانة من الأسواق الدولية من جديد؛ لتعزيز الإيرادات المالية في الدولة، من أجل سد العجز الذي تواجهه في موازنتها العامة.
وتعتزم أبوظبي بيع سندات بقيمة 10 مليارات دولار على ثلاث شرائح، في أول خطوة من نوعها منذ عامين تقريباً، بهدف الاستفادة من الانخفاض النسبي لتكلفة الاقتراض.
وأفادت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية للأنباء، في تقرير لها (الثلاثاء 24 سبتمبر الجاري)، نقلاً عن مصدر مطلع، أن إمارة أبوظبي ستبيع سندات مدتها 5 سنوات بقيمة 3 مليارات دولار، وسندات مدتها 10 سنوات بقيمة 3 مليارات دولار، وسندات مدتها 30 عاماً بقيمة 4 مليارات دولار.
اقتصادياً يشير شراء سند حكومي إلى قرض يقدمه المشتري للحكومة لفترة زمنية متفق عليها، وفي المقابل تدفع الحكومة مستوى معيناً من الفائدة على فترات منتظمة، والمعروفة باسم القسيمة، وتلجأ الحكومات إلى هذه الخطوة لتلافي عجز تعاني منه.
وبحسب المصدر، فإن سعر العائد على السندات الخمسية سيكون 65 نقطة أساس فوق سعر الفائدة على نفس الفئة من سندات الخزانة الأمريكية، في حين كان سعر العائد الأولي المطروح يصل إلى 85 نقطة أساس فوق العائد على السندات الأمريكية.
ويصل العائد على السندات العشرية إلى 85 نقطة أساس فوق العائد على السندات الأمريكية من نفس الفئة، في حين كان العائد الأولي المطروح 100 نقطة أساس فوق العائد على السندات الأمريكية.
أما العائد على السندات من فئة 30 عاماً فيبلغ 110 نقاط أساس فوق العائد على السندات الأمريكية المماثلة، في حين كان السعر الأولي 125 نقطة أساس فوق العائد الأمريكي.
وأشارت بلومبيرغ إلى أن الإمارة الخليجية تسعى إلى الاستفادة من الطلب القوي على السندات عالية التصنيف الائتماني؛ في ظل المخاوف من تداعيات الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
إصدار سندات
وكانت وثيقة -قالت “رويترز” إنها اطلعت عليها- ذكرت أن حكومة أبوظبي عينت كلاً من “بي إن بي باريباس”، وسيتي غروب، و”أبوظبي الأول”، و”إتس إس بي سي”، و”جي بي مورجان”، و”ميتسوبيتشي يو إف جي”، لترتيب إصدار سندات مقومة بالدولار على ثلاث شرائح.
وذكرت أن أبوظبي تخطط لإصدار سندات مقومة بالدولار، خلال الربع الأخير من عام 2019، وهي أول سندات دولارية تطرحها منذ عام 2017.
والسندات الحكومية أو السيادية هي السندات التي تصدرها الحكومات وقائمة على الدين، وعادة ما تلجأ الحكومات لإصدار السندات في أوقات الأزمات المالية أو عندما تواجه عجزاً في الموازنة العامة، حيث يكون الإنفاق العام أكبر من الإيرادات العامة.
هروب رؤوس الأموال
وتشير تقارير صحفية واقتصادية إلى خروج أكثر من 180 شركة متوسطة وصغيرة من السوق الإماراتية منذ بداية عام 2017، بسبب التبعات والخسائر المتوقعة بعد فرض ضريبة القيمة المضافة في الدولة بداية عام 2018.
وأكد وكيل وزارة المالية الإماراتية، يونس حاجي الخوري، أن “التأثير المباشر سيكون على الشركات الصغيرة والمتوسطة”، نافياً استثناء أي قطاع منها، حسبما ذكرت صحيفة “الإمارات اليوم” (12 ديسمبر 2017).
في شأن متصل، يلخص تقرير مطول نشرته، في يناير الماضي، صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، ما يجري في أبوظبي.
وقالت الصحيفة: إن التقلبات السياسية التي تعيشها الإمارات “أثرت بشكل مباشر في الاستثمار بهذه الدولة، وهو ما أسهم في عزوف أصحاب رؤوس الأموال عن العمل بها، والبحث عن ملاذ آمن”.
وأضافت الصحيفة البريطانية، أن الغضب العالمي المتصاعد بسبب اعتقال الإمارات عدداً من الأجانب، أغلق الطريق أمام الطموح الاقتصادي اللامع لهذا البلد الخليجي، وتسبب في عزوف الشركات العالمية ورجال الأعمال عن الذهاب إليه.
وبحسب ما أوردته الصحيفة، يقول الخبراء في اقتصاد الخليج إن رواتب الموظفين تنخفض، وأسعار العقارات صارت تتهاوى، وأرباح الشركات ومتاجر التجزئة انحدرت، وأعداد السائحين أصبحت ضئيلةً أو أسوأ من هذا.
وقال مستشار سابق في الإمارات: “الناس يغادرون! أصبح العيش هنا مُكلفاً للغاية بالنسبة للعائلات”.
في الوقت ذاته، ارتفع الدَّين الحكومي الإماراتي من 15% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 20%، بحسب الصحيفة البريطانية.
وقال مُحلِّل اقتصادي: “ترتفع الضرائب وضريبة القيمة المضافة. يتساءل الناس: لِمَ لم تَعُد معدلات الضرائب جيدة مثلما اعتدنا أن تكون؟”.
وتلفت الصحيفة النظر إلى أن ما زاد من تفاقم المشكلات أن الأثرياء بدؤوا نقل أصولهم إلى الخارج.
من جانبٍ آخر تشير صحيفة “الإندبندنت” البريطانية إلى أن بعض المشكلات تتجاوز قدرة دول الخليج على حلها؛ إذ انخفضت أسعار النفط؛ وهو ما أضر بالدعامة الرئيسة لاقتصاد شبه الجزيرة العربية. وأدت القيود الأمريكية المفروضة على إيران إلى تعقيد النشاط التجاري الذي كان مزدهراً في السابق بين الإمارات وإيران.
الخليج أون لاين