مباردة روحاني للأمن والتعاون الاقليمي ..قراءة سريعة

|| مقالات || عبدالملك العجري

اطلق الرئيس الإيراني روحاني في اللقاء الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة

مبادرة تحالف الأمل للأمن الإقليمي والتعاون بين الدولة المطلة على منطقة الخليج باعتبارها المنطقة الأكثر حساسية واهلية لتفجير صراع اقليم ودولي ..فهل تمثل مخرجا امنا لمنطقة الخليج والمنطقة عموما ؟

حتى يكون حكمنا موضوعيا دعونا نقارنها بالمبادرات او التصورات المطروحة للأمن الإقليم وامن منطقة الخليج ,واهمها مبادرة روسيا التي تسلمنا نسخة منها اثناء زيارتنا الاخيرة لموسكو وبين المشروع الأمريكي السعودي للناتو العربي الامريكي اوما يسمى تحالف (MESA)ميسا .

أولا المشروع الروسي :الفكرة المركزية في المشروع الروسي انشاء منظمة تعاون امنية في الخليج تضم دول الخليج الثمان (الست +ايران والعراق )وروسيا والصين وامريكا والاتحاد الأوربي والهند كأعضاء أساسيين إضافة الى أعضاء مراقبين من أصحاب المصلحة.

والايجابي في المشروع الروسي انه يقوم على مفهوم الامن الجماعي لتحقيق التوازن و يتقاطع مع رغبتنا في تخفيف الوجود العسكري الأجنبي في المنقطة .كما ان روسيا من خلال هذا المشروع تريد ان تثبت مكاسب تدخلها في سوريا ولعب دور اكبر يسمح لها موازنة ومنافسة الدور الأمريكي .

سلبية للمشروع الروسي انه يدول امن منطقة الخليج بإدخال دول من خارج المنطقة وخارج الخليج ,اضافة لما فيه من تجاوز للأمن الإقليمي العربي والإسلامي والمفترض ان امن الخليج مسؤولية الدول المطلة على الخليج والممرات المائية بدرجة أساسية .

ثانيا التصور الامريكي السعودي.

تنظر كل من امريكا والسعودية اضافة لاسرائيل ،للأمن الإقليمي وامن الخليج باعتباره تعاونا على مواجهة ايران بدرجة أساسية بدلا من ان يقوم على التعاون الأمني ،ولا تخفي السعودية رغبتها في استمرار الوجود القوي والمؤثر للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، لموازنة ما تعتبره طموح إيران التاريخي للهيمنة .

ومقاربتهم لأمن الخليج تتمثل فينا اطلق عليه ( تحالف ميسا) او حلف الناتو العربي الامريكي ويضم الولايات المتحدة والدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر وعمان) إضافة لمصر والأردن.

وكما هو واضح فهذا انه تحالف حرب وتصعيد وهو ما لا تحتاجه المنطقة في الظرف الحالي التي تقف فيه المنطقة على الحافة وتحتاج لما يعيدها من الحافة لمنطقة آمنة وليس ما يدفعها الى الهاوية ،كما يستبعد ايران والعرق وهي دول معنية و ذات مصلحة ومطلة على الخليج .ورغم اللقاءات التي عقدتها إدارة ترامب مع الدول المعنية الا انه بإجماع معظم المراقبين ولد ميتا ،والكتلة التي تتزعمها الولايات المتحدة كما لو كانت حشداً بدائياً من المتناقضات ،كما وصفه احدهم ،نظرا لاختلاف أولويات دول الخليج وعدم اتفاقها في تحديد العدو ومصادر التهديد التي يجب ان يواجهها تكتل ميسا.

ثالثا: مبادرة روحاني

هدف المبادرة التي طرح الرئيس الإيراني على حده التأسيس علاقات ودية، وإطلاق عمل جماعي لتأمين إمدادات الطاقة والتعاون بين إيران ودول المنطقة لإرساء الأمن في الخليج وبحر عمان ومضيق هرمز، والتأكيد على أن تواجد القوات الأجنبية يخلق المشاكل والمخاطر للمنطقة والممرات المائية وأمن الملاحة البحرية وأمن النفط والطاقة”.

كما تؤكد على “احترام سيادة الدول، ووحدة أراضيها، والتسوية السلمية للخلافات”.

ولعل ما يميز مبادرة روحاني انها تتجاوز سلبيات المشاريع السابقة فمن جهة تقوم على مفهوم الامن الجماعي او المشترك ولا تستبعد اي من الدول المطلة على الخليج والدول ذات المصلحة.وتعد الأكثر واقعية في ظل الانكشاف الأمني العربي والإسلامي وأفضل المشاريع المطروحة لمواجهة المخاطر الأمنية الراهنة، فضلًا عن كونها آلية مهمة لاستعادة التوازن الإقليمي.

خليجيا مبادرة روحاني مقارنة بنظيراتها السابقة هي الافضل حتى لمصلحة دول الخليج والسعودية بالذات بعد ان صار واضحا ان امريكا لم تعد بوارد الحرب وغير مستعدة لخوض اي حرب من اجلها ,وبدلا من توسل الحماية الامريكية فان الاتجاه نحو استراتيجيات امنية بديلة تقوم على التكامل لا التقويض والتعاون لا المواجهة والاعتماد على الذات والتعاون مع محيطهم العربي والاسلامي بدلا من البقاء تحت رحمة الابتزاز الامريكي والغربي .

اما عربيا فان قضية إعادة هيكلة الامن الإقليمي أصبحت ضرورة ملحة نظرا للترابط بين الازمات التي تعصف بالمنطقة وبين غياب أي تصور او هياكل للأمن الجماعي خاصة في منطقة الخليج ،وشلل الهياكل والمنظمات الإقليمية القائمة وافتقادها للقدرة الحقيقية على الحيلولة دون وقوع الصراعات ،وآليات فعالة للتعاون ومواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة.

فالجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لا تمتلك أي تصور للأمن الإقليمي العربي او الإسلامي ,و لا توفر منصّةً لإدارة الأزمات أو حلّ الصراعات والتفاوض ،ومشلولة تماما عن لعب أي دور سواء في سوريا او اليمن اوالعرق او لبنان او ليبيا وغيرها من الدول العربي والاسلامية التي تعاني ازمات سياسية او عسكرية .

ومن ناحية ثانية لا توجد فرصة لأحياء وإصلاح دور الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في ظل الظروف الراهنة وتحتاج المنطقة لحلول عاجلة اكثر واقعية تمنع المزيد من التصعيد وتساعد على حل الازمات التي تشهدها عدد من دول المنطقة في وقت ليس لدينا رفاهية الانتظار في ظل التحديات الأمنية غير المسبوقة.

من ناحية ثالثة المبادرة الإيرانية وان كانت تعنى بمنطقة الخليج لا تمنع ولا تتعارض مع أي اطار إقليمي اشمل لإعادة ترتيب البيت العربي والإسلامي سواء بإصلاح اليات عمل الجامعة العربية او تطوير منظمة التعاون الإسلامي واي اطار يوفر منصة للتواصل الايراني السعودي من شانه ان ينعكس ايجابا على عموم المنطقة .

واخيرا تؤكد على نفس المبادئ التي نعتبرها أساسية لحل الصراع واهمها التأكيد على الاحترام المتبادل لاستقلال وسيادة وتكافؤ جميع الدول، وسلامتها الإقليمية وهويتها الوطنية. عدم التدخل في شؤون الغير والسيادة والمصالحة الوطنية من حق كل دولة أن تتدبّر أمور وجودها الوطني بعيداً عن أي تدخّل أو تخريب أو إكراه خارجي.

 

قد يعجبك ايضا