مدينةُ تعز تحت سلطة “مغتصبي الأطفال”: الإصلاح يطاردُ ضحاياه و”يعاقبهم”!

|| صحافة محلية ||

لا زالت فضائحُ “اغتصاب الأطفال” والتحرُّشِ بهم من قبَل عناصر حزب الإصلاح في مدينة تعز، تتصاعدُ ويزدادُ حجمُها؛ لتكشفَ عن تورط سلطة المرتزِقة -التي يقودها الحزب- بشكل واسع ومتعمد في هذه الانتهاكات، من خلال تبرئة وحماية مرتكبي هذه الجرائم وممارسة ضغوطات وتهديدات على أسر الضحايا التي تحاول الانتصاف لأطفالها، بل وصل الأمر إلى سجن والد أحد الضحايا وتغريمه، فيما كشفت مصادر أن الضحايا الذين فروا من المدينة يتعرضون أَيْـضاً للمطاردة، الأمر الذي يكشف مدى بشاعة الواقع التي يعيشه سكان مدينة تعز تحت سيطرة العدوان، وهو ما يوضح بدوره حال مختلف المناطق المحتلة، والتي تشهد انتهاكاتٍ وجرائمَ لا تقل جسامةً.

|| صحيفة المسيرة ||

 

سلطاتُ الإصلاح تُطلِقُ المغتصبين وتسجُنُ الضحايا

 

قبل أيام، وفي فضيحة جديدة، أصدر القاضي الجزائي في محكمة غرب تعز الواقعة تحت سيطرة المرتزِقة، المدعو “إبراهيم المحمودي” حكماً ببراءة اثنين من المتهمين (من عناصر حزب الإصلاح) بعد أن ثبت عليهما ارتكابُ جرائم تحرش واغتصاب بحق أطفال في جامع الجمهوري بالمدينة، بعد أن كان أهالي طفلين من الضحايا الأطفال قد رفعوا دعوى لمعاقبة الجناة، وقدموا تقاريرَ طبية.

 

وبحسب مصادرَ مطلعة وناشطين محليين، فإن الجلسة كان من المقرّر لها أن تُعقَدَ الأربعاء الفائت، لكن القاضي قام بعقدها بشكل مفاجئ قبل الموعد بأيام، وبدون علم الضحايا ومحاميهم، كما أنه لم يعقد الجلسة في المحكمة، بل في “السجن المركزي”، حيث حكم هناك ببراءة المتهمين.

 

ولم يقفِ الأمرُ عند هذا الحد، بل إن المدعو “المحمودي” حكم على والد أحد الأطفال الضحايا بالحبس لمدة سنة وغرامة مالية وصلت إلى 300 ألف ريال، بتهمة “الاعتداء بالضرب” على أحد المغتصبين، في فضيحة إضافية توضح مدى تواطؤ سلطة مرتزِقة الإصلاح في ارتكاب هذه الجرائم.

 

وأضاف الناشطون أن “القاضي رفض تسليم منطوق الحكم لأهالي الضحايا، قاصداً بذلك المماطلة حتى تمر فترة الاستئناف المحدّدة ولا يستطيع بعدها أهالي الضحايا استئناف الحكم”.

 

مَن حضروا الجلسة نقلوا بعضَ وقائعها، ومن ضمنهم محامٍ تحت التدريب، يُدعى “راشد محمد” والذي كتب على صفحته في فيسبوك: “حضرتُ بصفتي محامياً تحت التمرين إحدى جلسات المحاكمة التي كانت تُعقد في السجن المركزي، كان المحامي مالك المقطري قد تكفل بالدفاع عن طفلين، بدأت الجلسة.. القاضي استدعى الطفل وقال له (ايش فعلوا بك؟) الطفل لم يتمالك نفسَه ولم يحتمل الموقف (… ) انفجر باكياً إلى حضن والده، والأب هو الآخر تدفقت دموعُه من القهر على طفله، الجريمة بحسب المداولات في الجلسة تمت في حمامات أحد المساجد بالمسبح، والمتهمين أكثر من واحد”.

 

وأضاف: “الموقف كان صادماً جِـدًّا ومؤلماً.. لم أكن أتوقع أن تُنحَى القضية هذا المنحى الأعرج وتتم إدانة والد الضحية وتبرئة المتهمين في قضية واضحة وفيها تقاريرُ طبية”.

 

ورصدت صحيفة المسيرة أَيْـضاً تعليقاً حول القضية نشره محامي الطفلين، مالك المقطري، والذي كتب: “بالنسبة للفحوصات الطبية للطفلين أثبتت وجود تمزقات وارتخاء في العضلة، وهو ما يؤكّـد حدوث الاغتصاب وكان هنالك تقرير لكل طفل على حده”.

 

وأضاف المقطري: “القاضي حتى بعد سماع كلام أحد الأطفال ووصفه للحادثة. لم يتفاعل معها ولم يثبت تلك الأقوال في المحضر.. التقرير الوحيد الذي تفاعل معه القاضي هو تقرير قدمه المتهم بالاغتصاب عن تعرضه لإصابات؛ بسَببِ ضربه من قبل والد أحد المجني عليهما وكذا تقرير كشافة محورية كتبت باللغة الإنجليزية أثبتنا للقاضي حينها حدوثَ تلفيق بالتقرير وتغيير بالعمر وصورة المتهم، وكذا أن ترجمة التقرير المحوري خلاصتها عدم وجود أية إصابات فيه”.

 

وتابع: “في آخر جلسة والتي تمت في غير موعدها حكم القاضي ببراءة المتهمين وحبس والد أحد الطفلين لمدة عام مع إيقاف التنفيذ وبغرامة 300 ألف ريال، لا نعلم حتى الآن ما هي مسببات الحكم أَو الأسانيد القانونية التي بنى عليها”.

 

 

 

التنكيل بالضحايا وأسرهم

 

هذه الشهاداتُ الفاضحة تلتقي أَيْـضاً مع التفاصيل التي كانت قد روتها منظمة العفو الدولية في تحقيق صادم نشرته في مارس الماضي، حيث التقت المنظمة بعدد من أهالي الضحايا ونقلت شهاداتهم التي أكّـدت أن أطفالهم وبينهم معاقون تعرضوا للاغتصاب والتحرش (بعضهم تحت تهديد السلاح) من قبل عناصر في حزب الإصلاح، وبعض تلك الجرائم حدثت داخل “حمامات مساجد”.

 

وأكّـدت شهادات أهالي الضحايا الذين تحدثوا للمنظمة، أنهم واجهوا تهديدات ومضايقات من قبل عناصر الإصلاح إذَا ما لجأوا للقضاء، أَو الكشف عن الجرائم، كما أكّـد الأهالي أن المستشفيات الحكومية التي تسيطر عليها سلطة مرتزِقة الإصلاح متواطئة في الأمر أَيْـضاً، حيث ترفض إجراء فحوصات للضحايا أَو تطلب مبالغَ مالية كبيرة لقاءَ تلك الفحوصات.

 

وأكّـد الأهالي أَيْـضاً أن سلطات المرتزِقة “الأمنية” ترفض مساعدة الأهالي في رفع قضايا ضد الجناة الذين ينتمي الكثير منهم لتلك السلطات.

 

في هذا السياق أَيْـضاً، كشف ناشطون محليون على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخّراً أن أحد الأطفال الضحايا تعرض للاختطاف قبل أكثرَ من خمسة أشهر، بعد أن كان والده قد استطاع إيصال قضيته للمحكمة، مُشيراً إلى أن ذلك الاختطاف جاء “بغرض عرقلة إجراءات المحاكمة”.

 

وأضاف الناشطون أن والد الطفل أبلغ عن اختطافه لكن سلطات المرتزِقة لم تتجاوب معه ولم تقم حتى بتقييد بلاغه وقتها، وأضاف أحدهم: “حتى اليوم لا يزال الطفل مختفياً ولا تحَرّك من السلطات للبحث عن الطفل والقبض على الجُناة، بل قامت السلطات بعقد جلسة في المحكمة قبل عيد الأضحى وأفرجت عن أحد المتهمين في قضية التحرش، وطالبت الأب بإحضار الطفل، وعندما أبلغهم: ابني مختطف. قالوا له: هذه قضية أُخرى”.

 

أحد الناشطين المحليين ذكّر أَيْـضاً بقضية الطفل “رياض الزهرواي” الذي تعرض لمحاولة اغتصاب العام الماضي من قبل أحد عناصر الإصلاح، لكنه قام بالدفاع عن نفسه وأطلق النار على المغتصب وقتله، حيث قال الناشط إنه “بعد أن أقرت النيابة بأنه لا وجه لإقامة الدعوى وأن حادثة القتل كانت في ظل الدفاع عن النفس، تم التنكيل بالأسرة وتكرار الاعتداءات على أفرادها، وَاليوم الأسرة مشردة واضطرت لمغادرة مدينة تعز وتفرق أفرادها في عموم المحافظات، وتفاقم وضع الأسرة الإنساني والمادي”.

 

وأضاف: “حاول المجرمون اللحاق بالطفل رياض إلى مدينة عدن؛ للثأر منه وقتله، وهو ما جعل من والده يغادر عدن أَيْـضاً ويلجأ للإقامة مع رياض ووالدته في إحدى المناطق الريفية النائية ليحمي طفله”.

 

وتؤكّـد مصادر محلية لصحيفة المسيرة أن حجم جرائم اغتصاب الأطفال والتحرش في مدينة تعز أكبر مما ينشر، إذ أن الكثير من الأسر التي تعرض أفرادها لهذه الانتهاكات لم تتحدث بعد، والكثير منهم فروا من المحافظة؛ خوفاً من التهديدات.

 

وكان تقرير فريق الخبراء الأخير بشأن اليمن قد أكّـد أَيْـضاً أن مواطنين في تعز تعرضوا للاغتصاب من قبل أفراد من القوات العسكرية لسلطات المرتزِقة سواء الموالية للإمارات أَو الموالية للسعودية.

 

وتؤكّـد كُـلّ هذه المعطيات أن هذه الجرائم البشعة ليست “تصرفات فردية” -كما حاول حزب الإصلاح أن يظهرها عقب تحقيق منظمة العفو الدولية-، بل هي أعمالٌ ممنهجةٌ يتواطأ فيها جميعُ جهات سلطات المرتزِقة في مدينة تعز، كما هو الحال في الجرائم المماثلة التي تشهدُها مختلفُ المناطق الأُخرى الواقعة تحت سيطرة العدوان والتي كشفتها تقاريرُ دوليةٌ وأمميةٌ أَيْـضاً.

قد يعجبك ايضا