ظريف: توفير الأمن الاقليمي مسؤولية أساسية لكل دول المنطقة بعیدا عن التدخلات الأجنبية
|| أخبار عربية ودولية ||
أكد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أن توفير الأمن الاقليمي يُعد مسؤولية أساسية لكل دول المنطقة بعیداً عن التدخلات الأجنبية. وفي مقال كتبه في صحيفة “الرأي” الكويتية، قال ظريف إن “منطقة هرمز تحظى بأهمية استراتيجية في مجال التجارة الدولية والطاقة، ويتم ضخ حوالي 15 مليون برميل من النفط يومياً من هذه المنطقة الی المستهلكين، وبالتزامن يجري تبادل كميات هائلة من البضائع بين الدول المرتبطة بهذه المنطقة وخارجها”. واعتبر ظريف استتباب الأمن والاستقرار بغية ضمان التواصل مع الأسواق الدولية “ضرورة لا مناص منها”، مضيفاً أنه “منذ قرون ودول المنطقة تضمن وتتكفل أمن هذه المنطقة للوصول الی الأسواق الدولیه كضرورة ملحة وهو الأمر الذي لا يتحقق من دون التعاون والتعامل البنّاء”.
وتابع أن “الظروف الحالية المتأزمة يجب أن تجعلنا نؤمن أن حاجة المنطقة المُلحة لتكريس الأمن المستدام والذي من دواعي الأسف أنها لم تنعم به لحد الآن، هو الوصول الی إيمان مشترك بأن الأمان لا يستتب عن طريق شراء الأسلحة وتكديسها وتوقيع الاتفاقيات العسكرية مع القوی الأجنبية التي من خلال تدخلها المستمر ودعمها للكيان الصهيوني شكّلت أكبر تهديد للمنطقة بأسرها، بل إن الأمن يعتمد علی كسب الثقة والاعتماد علی الشعب والطاقات الوطنية وتمتين علاقات حسن الجوار مع بقية دول المنطقة”.
واعتبر وزير الخارجية الايراني أن “المنطقة تعاني من فقدان الحوار الاقليمي الشامل في المجالات المختلفة، الأمر الذي يؤدي إلی جفاف جذور السلام والعمران الی الأبد”، مضيفاً أن “منطقتنا بحاجة الی الحوار الاقليمي الداخلي أكثر من میلها نحو كيل الاتهامات واستخدام التعابير العدائية والعنيفة والتنافس التسليحي وتكديس الأسلحة”.
وأشار الى أن “الجمهورية الإسلامية الايرانية ومن خلال استيعابها للمخاطر المستقبلية كانت قد اقترحت سابقا مبادرتين هما «مجمع الحوار الاقليمي» و «معاهدة عدم الاعتداء»، والآن مع العلم بتضاعف التهديدات والتحديات ومن اجل إنقاذ المنطقة من حافة الانزلاق في هاوية الدمار، فإننا نستشعر ضرورة تحقيق الحوار الجديد في المنطقة اكثر من أي وقت مضی، ونری ان الحفاظ علی امن المنطقة هو مسؤولية جماعية لكل الدول المتواجدة فيها، واننا علی ثقة من خلال مشاركة كل الدول في حوض هرمز يمكننا وفي خضم الامواج المتلاطمة، ان نعبر بالمنطقة الی ساحل الهدوء والتقدم والازدهار”.
واكد ظريف في مقالته أن “توفير الأمن الاقليمي هو مسؤولية اساسية لكل دول المنطقة وإن الأمن يجب ان ينبع من الداخل بعیدا عن التدخلات الاجنبية واضاف، إن مصير شعوب المنطقة، وانطلاقاً من الوشائج الدينية والثقافية والتراثية والجغرافية والأواصر العائلية قد ارتبط وتشابك بعضه ببعض وان الأمن لا يمكن تجزئته وتفكيكه، فإما ان ينعم الجميع بالأمان أو أن ينحرم الجميع منه”.
وقال إنه “علی هذا الاساس فقد تم طرح «مبادرة هرمز للسلام» من قبل فخامة الرئیس حسن روحانی رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية في كلمته في اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة”. كما أكد أن «مبادرة هرمز للسلام» بمشاركة الدول المتعلقة به وهي المملكة العربية السعودية ، جمهورية العراق، سلطنة عمان، الامارات العربية المتحدة، دولة الكويت، دولة قطر، مملكة البحرين والجمهورية الاسلامية الايرانية تتمتع بالامكانيات اللازمة والكافية لتحقيق الأمن الشامل في ربوع المنطقة عن طريق الحوار الاقليمي الداخلي”.
واضاف أن “هذه المبادرة مبنية علی أصول ثابتة، منها الالتزام بأهداف ومبادئ الأمم المتحدة، حسن الجوار، احترام سيادة الدول ووحدة اراضیها، عدم الاخلال بالحدود الدولية، حل كل الخلافات بالطرق السلمية، رفض التهديد واللجوء للعنف أو المشاركة في أي تحالف أو حلف عسكري ضد احداها الاخرى، عدم التدخل في الشؤون الداخلية والعلاقات الخارجية لأحداها الاخرى، احترام المقدسات والرموز الوطنية والدينية والتاريخية للآخر والاحترام المتبادل، المصالح المتبادلة والمكانة المتساوية لكل دول المنطقة”.
وفي السياق، صرّح أن “المبادرة تسعى لتحقيق اهداف سامية تشمل النهوض بالسلام والاستقرار والتقدم والرفاهية لكل دول وشعوب المنطقة، تشجيع التفاهم المتبادل والأواصر السلمية والودية والتعاون في سبيل استئصال الارهاب والتطرف والصراعات الطائفية، معالجه التوترات وحل كل الاختلافات والنزاعات بالسُبل السلمية وعن طريق الحوار، دعم وتمتين الاتصالات والتحذيرات الوقائية، توفير الأمن الجماعي للطاقة، حرية الملاحة والنقل الحر للنفط وبقية المصادر، حماية البيئة وتعزيز التعاون والتواصل وتشجیع العمل والتجارة والاستثمار علی كافة المستويات والمجالات المختلفة بين الدول والسكان والقطاع الخاص”.
وقال إن “تحقیق الأهداف آنفة الذكر تتم متابعتها من خلال إقامة الملتقيات علی المستويات المختلفة كالخبراء والوزراء وقادة الدول وكذلك المختصون والمراكز الفكرية والقطاع الخاص وتشكيل فرق عمل للمبادرات اللازمة التي تحظی بأولوية”. واضاف أن “معاهدة عدم الاعتداء وعدم التدخل، السيطرة علی التسلح واجراءات بناء الثقة، ايجاد مناطق خالية من اسلحة الدمار الشامل، العلاقات العسكرية وتبادل المعلومات والمعطيات، خطوط الاتصال المستمر، منظومات الانذار الوقائي، مكافحة المخدرات والإرهاب وتهريب البشر، تحسين أمن الطاقة وحرية الملاحة للجميعن الاستثمار المشترك في قطاعات النفط والغاز والطاقة والترانزيت والنقل، الارتقاء بتعاملات القطاع الخاص والعمل والتجارة، التعاون الثقافي والاجتماعي كالحوار بين المذاهب والمبادلات الثقافية والسياحية، التعاون العلمي كتبادل العلماء والطلاب الجامعيين والمشاريع المشتركة في المجالات العلمية والتقنية، التعاون في المجالات الحديثة السيبرانية كالأمن السيبراني والأمان النووي والحفاظ علی البيئة ولاسيما البيئة البحرية والعواقب السلبية للغبار والأتربة، تكثيف التعاون الانساني لا سيما في مجال المهاجرين واللاجئين والمشردين، تعد جميعها من ضمن مجالات التعاون والمحاور القابلة للطرح لدی فرق المبادرات واجتماعات الدول الثماني”.
وصرح أنه “يمكن الاستفادة من امكانية الأمم المتحدة لايجاد غطاء دولي لازالة القلق المحتمل لدی بعض الاطراف وتأمين المصالح المشروعة للمجتمع الدولي”، مضيفاً “من البديهي أن نجاح أي مشروع يحتاج الی مشاركة جماعية من قبل كل الأعضاء وبناءً علی الثقة المتبادلة”. واشار الى ان” الرئيس روحاني قد كلفه بالبدء بمشاورات لاستطلاع آراء الدول والنخب في المنطقة وإكمال وتقوية مبادرة هرمز للسلام” موضحاَ أن “النخب والمراكز الفكرية والقطاع الخاص يمكنهم من خلال تقديم وجهات نظرهم واستعراض المقترحات البناءة أن يساهموا في تدعيم وتكريس مبادرة هرمز للسلام.”
ارنا