أبرز صفات المجاهدين.. “المسارعة والمبادرة ” الحلقة (1).
|| مقالات || فاضل الشرقي
المسارعة والمبادرة للتحرك في القيام بالأعمال من أهم وأبرز صفات المجاهدين المتقين، ومن أبرز ما عرضه القرآن الكريم وتحدث به عنهم، فينطلقون في كل أعمالهم الموكلة إليهم بكل جد واهتمام، ويحققون انجازها بإتقان، وذلك لأنهم يفهمون ويعون مسؤليتهم جيدا، ويعرفون طبيعة أعمالهم ومواقعهم الجهادية والعملية فينطلقون بهمة عالية وروحية متوقدة في القيام بأعمالهم وأداء مسؤلياتهم بوعي كامل حتى بأدق التفاصيل، وتفاصيل التفاصيل، وهم لا يحتاجون لكلام كثير، وتحريك مستمر ودهف ودحس وزحزحة مستمرة ولكنهم ممن يفهمها (على الطائر) كما يقولون في المثل، وهذا يدل على تواضعهم، وسمو أرواحهم ونفوسهم، فهم لا يحملون نفوس عالية ومستكبرة أمام التوجيهات، وتنفيذها والقيام بالأعمال وانجازها، والإستمرار فيها، بل والتفكير في ماذا يعملون؟ فالعمل ليس له حدود معينة يتوقف عندها بل حركته مستمرة ومتجددة وكل دقيقة وهناك عمل ما يجب تنفيذه والقيام به، بحيث تكون نفوسهم وأفكارهم مستغرقة وذائبة في العمل، لأنه أحيانا يكون الكبر والإستكبار عامل نفسي مؤثر وسلبي جدا، والعمل يحتاج للتواضع حتى يكون هناك قبول وتقبل فعلا للتوجيهات، والقرآن الكريم والواقع مليئ بالأمثلة، وكم من الأعمال التي يجب علينا التحرك فيها وانجازها، وتضييع وسط حالة التثاقل والتكاسل والتسويف والتخاذل، والنخيط والإستكبار، يقول الشهيد القائد: “رضوان الله عليه” :
(ألم نتحدث سابقا عن بعض آيات حول صفات المتقين أنهم يسارعون {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}(البقرة: من الآية148) {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} (آل عمران: من الآية133) قلنا في ذلك الدرس: أن هذه الآيات في [سورة آل عمران] من عند قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} إلى آخر الصفحة فيها من الحديث عن المتقين مطبوعة كلها بطابع المسارعة حتى في صيغها.. نحن نرى أنفسنا نتثاقل الآن.. أليس كذلك؟. نتحدث جميعا عندما نجلس هنا، أو نجلس في المدرسة، وقد يقول البعض: أنه يود أن يكون هناك من يسمع هذا الحديث، لكن هل انطلقنا بجدية ومسارعة إلى أن نعمل العمل الكثير الذي يجعل الآخرين يسمعون هذا الحديث الذي قد تراه حديثا مناسبا أن يسمعه الآخرون.. حالة التثاقل، التباطؤ, وهي حالة سيئة عواقبها سيئة، ما تزال ماثلة.. لماذا؟ لسنا بعد ممن وصل إلى هذه الدرجة: {إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً} لعظم تأثيرها في نفوسهم {وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} لا يستنكفون أمام أي شيء من آيات الله يسمعونه. وأحيانا قد يكون موقف الإنسان موقف المستكبر، لكنه يبحث عن أي تبرير لموقفه، وهو يقعد أو وهو يعارض عملا مثل هذا يراه الآخرون أنه عمل فيه إرضاء لله، وفيه نصر لدينه، أو يعبر عن موقف ما في مواجهة أعدائه ينطلق للتبريرات يعملها؛ لأنه في واقعه مستكبر).