الحرية تواجة الاستعباد
بقلم / حامد البخيتي
يبدو أن مفهوم الحرية ليس في اذهاننا بالشكل الصحيح لأننا عندما نخضع مصطلح الحرية لمفاهيم إنسانية مبتكرة تحجبنا عن رؤية المعنى الحقيقي لمفهوم الحرية واهمية التحرر ومعرفة بشاعة جرم من يدفعون الناس الى العبودية ويستعبدونهم ،وبالنظر الى مفهوم الحرية عند الله والتي بعث بها انبياءه ودعا الناس اليها أولياءه نفهم المعنى الحقيقي للحرية واهميتها للإنسان وللشعوب عندما نقارن ما منحنا الله من حرية كأمة عربية مسلمة وكيف اخضع آل سعود الامة العربية والإسلامية للعبودية التي تتناسب وبقاءهم في الحكم في الأرض التي بعث فيها سيد الاحرار ليحققوا لأمريكا هدفها بإبقاء هذه الامة خاضعة لمفاهيمها الخاصة عن الحرية.
بالنظر الى آيات القران الكريم والى ما جاء فيها من تعاليم لأنبيائه عن كيفية الدعوة اليه سبحانه وتعالى كالآية ” ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” وقوله تعالى ” لا إكراه في الدين” وآيات كثيره من هذا القبيل والتي تبين ان الله لم يجبر عباده على عبادته والاهتداء بهديه بل جعلهم مخيرين في مسالة مهمة كالإيمان به سبحانه وتعالى ليتضح بقليل من التأمل والتدبر ان جوهر الدين هو الحرية، حتى عندما خوف الله الناس من معصيته وعدم اتباع نهجه الذي يجعل منهم احرار تجد ان تخويفه للناس على اختلاف أسباب تعبدهم لغير الله فمن يخاف الناس يخوفه بعذاب الله.
فان لم يتضح لنا مما سبق بان الله أراد لنا ان نكون أحرارا فلننظر الى قوله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ” إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب” وقوله سبحانه وتعالى “فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا” توضح الآية كيف ان الله يقول لنبيه بان لا يحزن على من لا يؤمن وان يترك للناس الحرية في اتباع ما يرونه، وقوله تعالى ” ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون” ليفهم الناس ان من يأتي داعيا الى الله فان هذه الآية التي تحافظ على حرية الناس هي معيارا له ومقياس.
وتجسيد رسول الله للحرية التي كان يعتبرها جوهر الدين في حديثه الذي يعرفه الجميع ” جئنا لنخرجكم من عبادة العباد الى عبادة رب العباد” يتضح بان رسول الله جسد مفهوم الحرية التي أرادها الله لعباده باعتبار ان الانسان عندما يعبد الله يصبح حر لان كل ما جاء من الله يمثل الحرية ويمنحها لخلقه فلا يكونوا مستعبدين لأهوائهم التي تدفعهم الى ان يأكلوا حقوق الناس او ان يروا أنفسهم فوق الناس فيستعبدوا بعضهم البعض لان من يعبد نفسه لله الذي جعل عباده أحرارا لا يمكن له ان يستعبد غيره سواء بالمال او بالجاه.
لم تتوقف الدعوة الى الحرية والتحرر عند رسول الله بل هي مستمرة حتى قيام الساعة عبر أولياء الله فمن يقرأ للإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة يجد ان خطابه فيها كان دعوة للحرية ومثالا على ذلك عهده الى مالك الاشتر عندما ولاه على الكوفة والذي يجد القارئ ان جوهره هو الحرية بالرغم من انه يتحدث عن الحكم ، وقد اشبع العهد بتحرير الناس واحتكام الحاكم والمحكوم لله الذي خلق الناس احرار ، أيضا رسالته الى عمال الخراج وكيف وضع آلية لإخراج الزكاة من الناس بمحض إرادتهم وبمطلق الحرية، ولا ننسى أيضا ما قاله الامام الحسين _كأحد دعاة الحرية والذي استلهم الحرية منه حتى من لم يكونوا مسلمين_ “الم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم” لان الحرية هي أساس لكل ما يمكن ان يعتبر حق ولان الله جعل الحرية بداية للالتزام بالطريق المستقيم وبالدين القويم.
فعندما نلاحظ اليوم ما تعيشه الامة العربية والإسلامية من واقع مؤلم جعلهم مستعبدين لغير الله وبالبحث عن الأسباب نجد ان السبب في ذلك عدم معرفتهم لما تعنيه الحرية في دين الله أولا وقبولهم للطواغيت والظالمين ان يكونوا اولياءهم وحكاما عليهم متلبسين بدين الله الذي جوهره الحرية فمن الطبيعي ان نرى واقعنا بهذه الحالة من الاستعباد والاذلال، فمن ينظر الى اليمن كمثال يجد ان سبب العدوان الاجرامي عليه هو تحررهم من هيمنة آل سعود الذين لم يقبلوا بان يكون في هذه الامة حر سواء على مستوى الحكومات او على مستوى الشعوب، فتخوفها من تحرر اليمنيين من عملاءها الذين كانوا يحكمون اليمن دفعهم الى الاعتداء المباشر والسافر على اليمن وشعبه ومشاركة أمريكا للسعودية في عدوانها على اليمن هو تخوفها من ان يكون تحرر الشعب اليمني ملهما لشعوب المنطقة المستعبدة من قبل حكامها بوصاية من آل سعود خدمة لأمريكا ومصالحها في المنطقة،
ويمكن ان اذكركم بما ما قاله قائد الثورة الشعبية في اليمن في خطاب المولد النبوي هذا العام ” لا ينبغي أبداً الوهنُ مهما طالت الحرب، مهما كان حجمُ التحدّيات، مهما كان حجمُ المأساة، ولا الاكتراث بالإرجاف، الارجاف على المستوى الإعْــلَامي أَوْ على مستوى مَرْضَى القلوب الذين تفرغوا من إنْـسَـانيتهم وقيمهم، ولا بأية تطوُّرات مهما كانت؛ لأننا حاضرون أن نحارب مهما كانت التطورات، أن نواجه المعتدين الذين يريدون أن يسلبونا حريتَنا وكرامتنا وأن يهينونا وأن يحتلوا أرضنا وأن يهتكوا عرضنا وأن يضيعونا من صفحة التَأريخ.
ويمكن ان نلاحظ موقف الحكومات العربية من تأييدهم للعدوان على الشعب اليمني الحر أولا ومن خلال تنفيذهم لأوامر آل سعود لهم مثل ما حصل مؤخرا في موقف الحكام العرب من إيران بالتزامن مع الدفع بمصر لتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني ومن خلال ما سبق يتضح ان آل سعود يريدون ان تشغل بعض الشعوب العربية بمشروع اقتتال طائفي والبعض الاخر يتم اغراءهم بأموال منطقة نجد والحجاز كي لا تفكر تلك الشعوب في تجربة اليمن واليمنيون التحررية من هيمنة آل سعود وعملاءهم، ولكي لا تنظر شعوب المنطقة الى الانتصارات التي يسطرها اليمنيون الاحرار بقتالهم وصمودهم وصبرهم على الحصار والقصف بانها نتيجة لتحرر الشعب اليمني من هيمنة آل سعود وعملاءهم ومشاريعها التدميرية لشعوب المنطقة والتي لا تزال مستعبدة اما بمشروع الاقتتال الداخلي المدمر او بالحكومات العميلة، فهم يعلمون ان من يعيش الحرية لن يقبل بان يستعبد غيره او يراه مستعبدا.